أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه موقع البيان الإلكتروني ان 39% من المستطلعة آراؤهم يرون ان الابعاد من الدولة هي العقوبة المناسبة لردع المتسولين عن القيام بهذا العمل، في حين قال 29% ان الحبس ومصادرة أموال التسول يعدان العقاب المناسب، بينما رأى 24% إلى احالة المستولين للرعاية النفسية لعلاجهم من هذا المرض، فيما يرى 8% ان افضل عقاب هو الغرامة المالية، وقد شارك في الاستطلاع 1574 قارئاً.

وأجمع قراء (البيان) على رفضهم لهذه الآفة خشية من مخاطرها ونتائجها السلبية على المجتمع، وأكدوا ان التسول ظاهرة دخيلة على المجتمع الاماراتي، واعتبروا أن تساهل المواطنين والمقميمن مع المتسولين يشجعهم على الاستمرار في التسول، الذي يخفي وراءه مشكلات ومخاطر كبيرة، ودأبت اجهزة الشرطة في الدولة على تنظيم الحملات لضبط المتسولين وإطلاق برامج التوعية التي من شأنها أن تعرف المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة.

وبحسب احصائيات شرطة التي حصل (البيان الإلكتروني) على نسخة منها فقد ضبط 780 متسولاً، خلال 2013، فيما تم القبض على 834 متسولاً في 2014، وفي الربع الأول للعام الحالي، بلغ عدد المقبوض عليهم 98 متسولاً. 

واتفق المستطلعة آراؤهم على أن معالجة التسول تبدأ اولاً بعدم التعاطف من قبل افراد المجتمع مع المتسولين نهائياً والذين بإمكانهم اللجوء إلى الجهات الخيرية  المصرح لها من الدولة والتي تُعنى بتقديم المساعدات للمحتاجين، بالاضافة الى وضع عقوبات صارمة للحد من هذه الظاهرة، التي تفتح الباب لارتكاب جرائم أخرى ويعطي انطباعا يسيء للوجه الحضاري للدولة.

وقال د. المستشار يوسف الشريف: يعتبر التسول من الآفات الاجتماعية السلبية وغير الحضارية المنتشرة في معظم الدول سواء الفقيرة منها أو الغنية. ويعد مصدراً للإزعاج ومجالاً لصور التحايل والنصب على الناس للحصول على المال من المتعاطفين مع المتسولين.

 وأصبح للتسول مواسم وخصوصاً في شهر رمضان  الفضيل وأغلب عملياته منظمة، ولم تعد تقتصر على حالات فردية، لذلك يجب أن تشدد العقوبات في مكافحته وتوسع لتشمل معاقبة من يحرض أو يسهل عليه أو من يستخدم أو يدفع قاصراً أو مريضاً للتسول.

وحرص المشرع الاماراتي على مكافحة التسول، حيث نص القانون الاتحادي على حظر كل شخص تجاوز 18 عاماً، ولو كان غير صحيح البنية أو غير قادر على العمل أن يتسول في الطريق العام، أو في الأماكن والمحال العامة، ويعد من أعمال التسول: عرض سلع تافهة أو ألعاب بهلوانية لا تصلح مورداً جدياً للعيش واصطناع الإصابة بجروح أو عاهات أو استعمال أية وسيلة أخرى من وسائل الغش بقصد التأثير في الجمهور لاستدرار عطفه.

ويعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز الشهرين، وبغرامة لا تجاوز 500 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص صحيح البنية وجد متسولاً في الظروف المبينة في المادة الأولى، وللمحكمة فضلاً عن العقوبة المنصوص عليها أن تحكم بإبعاد الأجنبي عن البلاد، وينفذ الإبعاد بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها.

إذا عاد المحكوم عليه لارتكاب جريمة التسول خلال عام من تاريخ صدور الحكم عليه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرين وبغرامة لا تتجاوز 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، أما المتسولون في امارة دبي فتتم معاقبتهم وفقاً للأمر المحلي رقم 43 لسنة 1989 ، الذي ينص على معاقبة المتسولين أصحاء الجسم القادرين على العمل بالحبس لمدة شهر وتغريمهم 3000 درهم، فيما يقضي بحبس غير الأصحاء غير القادرين على العمل بالحبس لمدة 15 يوماً والغرامة بقيمة 1500 درهم مع إبعاد الوافدين منهم، في حين تتم تغليظ العقوبة في حالة كرر الشخص ذاته جريمة التسول خلال عام من صدور العقوبة بحقه ليصبح الحبس لمدة شهرين والغرامة بقيمة 5000 درهم.

ويجب أن لا تقتصر مكافحة التسول على فرض العقوبات إنما يجب أن يترافق ذلك مع حملات توعوية للناس توضح محاذيره وآثاره على المجتمع وتشجع الناس للتعاون على مكافحة التسول.

وهناك من يرجع هذه الآفة إلى حالات نفسية او ما يطلق عليه الحقد الاجتماعي الناتج من ظروف أسرية واجتماعية والذي يلعب دوراً كبيراً في تفاقم ظاهرة التسول باختلاف أشكالها.

وقال د. جاسم المرزوقي استشاري فني طب نفسي بمستشفى الأمل إن التسول مشكلة آخذة في الاتساع وأسباب ذلك كثيرة وهي ترجع في المقام الأول إلى الشخصية والدفاع عنها، إذ لا يمكن اعتبار التسول مرضاً نفسياً، إلا إذا كان الفرد يقوم بالتسول كنتيجة لمرض نفسي "ذهاني" يكون فيه مغيباً إدراكياً "أي غير مسؤول عن تصرفاته" ونتيجة لذلك تكون سلوكياته ناتجة عن ذلك، أو بسبب تدني قدراته العقلية كأن يكون في تخلف عقلي لا يعي تصرفاته، وبخلاف ذلك كل متسول يعاني من اضطرابات سلوكية وليس من مرض نفسي.

حتى وإن كان في ظاهر الشيء يقوم به البعض كنتيجة لصرعات في الشخصية الناتجة من ظروف أسرية واجتماعية ودينية كالحاجة إلى لفت الانتباه والحاجة إلى الاهتمام المفقود، أو كنتيجة لاتسام الشخص بالوساوس القهرية سواء المرضية أو الوساوس الطبيعية التي قد يقوم على إثر هذه الممارسات فقط لإشباع رغبات شخصية مضطربة.

وما دون ذلك وهي ممارسات اعتاد عليه الناس لأنها أقصر وسيلة لجني المال خاصة في ظل طبيعة المجتمع المتعاطف مع هؤلاء بالرغم من الحملات التوعوية المكثفة.لذا فإن انتهاج الحزم والاستمرار على تكثيف الحملات للتوعية كفيلة بتعديل السلوك والحد من هذه الظاهرة غير الحضارية.