أطلقت الأمانة العامة للمجلس التنفيذي سلسلة من الحوارات الرمضانية المفتوحة، لمناقشة مجموعة من القضايا ذات الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي برزت خلال إعداد خطة دبي 2021.

وتهدف الحوارات التي تستضيفها نخبة من الشخصيات المعروفة في المجتمع في مجالسها الخاصة، إلى إتاحة المجال للمهتمين وأصحاب الخبرة في المجالات أعلاه، لإبداء وجهات نظرهم في القضايا محل النقاش من واقع اهتمام وخبرة علمية وعملية مكتسبة. وستكون هذه المجالس فرصة لمناقشة الأفكار في جو من الانفتاح والإيجابية، وتطويرها للخروج بحلول إبداعية وتوصيات سترفع إلى المعنيين في الجهات الحكومية، لتدارسها واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

وتأتي الحوارات الرمضانية استمراراً للنهج الذي تتبعه الأمانة العامة للمجلس التنفيذي في إشراك جميع المعنيين في الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع وأفراده، لإبداء الرأي في قضايا أساسية تناولتها الخطة..

حيث ناقشت فرق العمل على مدى عام كامل تحليل الوضع الراهن الذي قاد بدوره إلى تحديد الفجوات التي تفصل واقع دبي اليوم عن الأهداف الطموحة التي حددتها الخطة، والمستهدفات التي أقرها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، حتى عام 2021.

نقاش مفتوح

وقال عبد الله عبد الرحمن الشيباني، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي: «إن خطة دبي 2021 ليست وليدة مكاتب مغلقة، وإنما هي حصيلة نقاش مفتوح شارك فيه العديد من المؤسسات والأفراد في مختلف القطاعات من خلال سلسلة من ورش العمل التي عقدت على مدى عام كامل..

وها نحن نستمر في النهج ذاته الذي رسمته قيادتنا، من خلال جعل تنفيذ الخطة بمنزلة منتدى مفتوح، يستقبل كل الحلول والأفكار الإبداعية والخلاقة من أي فرد أو مؤسسة، في سبيل تحقيق أهدافنا مع حلول اليوبيل الذهبي للاتحاد بإذن الله».

من جانبها، أكدت عائشة عبد الله ميران، مساعد الأمين العام للمجلس التنفيذي لقطاع الإدارة الاستراتيجية والحوكمة، أن الحوارات ستتناول مجموعة من القضايا التي يمكن أن تختلف فيها وجهات النظر أو تتقاطع بحسب الخلفية التي تنطلق منها، خصوصاً عند الخوض في تفاصيلها.

وأضافت: «خلال العمل على إعداد خطة دبي 2021، طرحنا على أنفسنا وعلى فرق العمل مجموعة من الأسئلة التي تحتمل وجهات نظر مختلفة، منها ما يتعلق بالمواطَنة بصفتها استحقاقاً أم مسؤولية...

وما هو الدور الذي يقع على الإماراتي في تحمل مسؤوليته تجاه رفاه وتنمية وطنه مقابل ما ينتظره من حكومته من مزايا، إضافة إلى مدى تلك العلاقة التي يمكن أن تصطدم بها خطط النمو الطموحة، وما يترتب عليها من أنماط استهلاكية مرتفعة، مع أسئلة الاستدامة البيئية والاجتماعية على حد سواء».

جيل ريادي

أولت خطة دبي 2021 أهمية بالغة لتعزيز مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي «60% بحلول 2021»، علماً بأن الريادة وسهولة ممارسة الأعمال تعتبران عاملين محفزين إلى زيادة مشاركة المشاريع الصغيرة والمتوسطة..

حيث تعتبر رافداً رئيساً على صعيد الاقتصاد العالمي، وتسهم في تنويع مصادر الدخل القومي.وبإلقاء نظرة قريبة على النشاط الريادي في الإمارة والدولة بشكل عام، يتبين أن الطريق لا تزال في أولها من حيث انتشار هذا النوع من النشاط، خاصة إذا ما قورن بالمدن العالمية والدول المتقدمة..

حيث أظهرت نتائج مسح أجري أخيراً أن 2.4٪ فقط من الأفراد في دولة الإمارات يعتزمون تأسيس عمل خاص خلال السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بـ12٪ في سنغافورة، إضافة إلى ما سبق، وعلى الرغم من تزايد أعداد منشآت الأعمال والأنشطة الريادية، فإنها موزعة بصورة غير متوازنة على القطاعات الاقتصادية، إذ تعاني بعض هذه القطاعات تخمة في الأعمال الصغيرة والمتوسطة..

فيما تعاني أخرى ندرة، وانعكس هذا التوزيع غير المتوازن على تدني معامل الإنتاجية الكلية للأعمال الصغيرة والمتوسطة، نظراً إلى أن معظمها يتركز في القطاعات والأنشطة ذات القيمة المضافة المتدنية، وهو ما يضعف من الجهود والتوجهات الحكومية الداعمة للابتكار والإبداع.

تفضيل العمل الحكومي

وستتناول محاور النقاش في الجلسة التي يترأسها خلف الحبتور، رجل الأعمال، العوامل التي تدفع الشباب إلى تفضيل العمل الحكومي، عوضاً عن المغامرة والاستثمار في مشاريع وأعمال جديدة، حيث تتضمن هذه العوامل مزايا الوظيفة الحكومية المتمثلة في الأمان الوظيفي، وساعات العمل المحدودة، علاوة على الامتيازات النقدية وغير النقدية والمعاش التقاعدي في نهاية الخدمة.

ويقوم جوهر خطة دبي 2021 على الرفع من مكانة الفرد وتمكينه، باعتباره اللبنة الأهم في مجتمع متلاحم ومتماسك، والفاعل الأساسي في التنمية. وقد أولت الخطة عناية خاصة للأسرة، لما لها من أثر على توجيه الفرد وتمكينه بصورة صحيحة.

الأسرة الإماراتية

وستتناول محاور النقاش في الجلسة التي يستضيفها محمد سعيد باليوحة في مجلسه مجموعة من النقاط التي تلقي الضوء على التحديات التي تواجه الأسرة الإماراتية في هذا السياق، والتي تقود إلى الحد من مشاركة الآباء في تربية أطفالهم، والتغيرات التي طرأت على دور ومسؤوليات الأب ماضياً وحاضراً، خاصة في ظل وتيرة التمدن المتسارعة، ونظرة الأب إلى الدور المتوقع منه في تربية الأطفال..

ومدى تأثرها بالضغوط الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع، وعقد مقارنة بين الأدوار والمسؤوليات الملقاة على عاتق أولياء الأمور الإماراتيين مع نظرائهم من ثقافات مختلفة، خاصة في مجتمع متعدد الثقافات كمجتمع دبي.

الاهتمام بالمعلم

واستمراراً للأهمية التي أولتها خطة دبي 2021 للفرد وتنشئته، واستكمالاً للدور الذي يؤديه أولياء الأمور في تنشئة أبنائهم، أولت الخطة كذلك عناية خاصة بالمعلم..

حيث كشف التحليل الذي أجراه فريق عمل الخطة عن أن غياب المعلم الإماراتي عن النظام التعليمي قد أثر سلباً في مخرجات العملية التعليمية التي ينخرط فيها الطلاب الإماراتيون، فغياب المعلم الإماراتي يعني غياب القدوة الإماراتية التي تكتسي أهميتها في تعزيز الهوية الوطنية وبناء الشخصية الإماراتية الإيجابية. وقد أظهر التحليل كذلك أن وظيفة التعليم بين الإماراتيين تكاد تقتصر على الإناث..

في ضوء أرقام تشير إلى أن 4 فقط هو عدد المعلمين الإماراتيين الذكور في المدارس الحكومية في دبي. ويعزف معظم الذكور عن هذه الوظيفة لأسباب عدة، منها ضعف المردود وغياب الأفق والتقدم المهني، مقارنة بمهن أخرى متاحة للإماراتيين، يضاف إلى ذلك الانطباع السائد بتدني المرتبة الاجتماعية لوظيفة المعلم، مقارنة بالوظائف المتاحة في قطاعات أخرى.

وأظهر التحليل أن العوامل المذكورة مجتمعة أدت إلى تهميش دور المعلم، بعد أن كان يمثل قدوة في سنوات خلت، علماً بأن التجارب الدولية الناجحة تؤكد أن تطوير التعليم يبدأ بالمعلم قبل كل شيء، فيما تتبعه العناصر الأخرى من منهاج وأبنية وتجهيزات مدرسية.

وستسعى الجلسة التي يترأسها معالي الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، إلى الإجابة عن السؤال المهم والخطير، فيما إذا انقرض المعلم الإماراتي أم لا، وعن الأثر المتوقع لذلك على مخرجات التعليم بشكل عام، وعلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بالثقافة والهوية الإماراتية بشكل خاص.

كما تسلط الضوء على أبرز الأسباب وراء عزوف الإماراتيين عن مهنة التعليم ذكوراً وإناثاً، والسبل الكفيلة بإعادة الألق لهذه المهنة بشكل عملي بعيداً عن الشعارات. وبشكل خاص، ستتطرق الجلسة إلى الحوافز والسياسات اللازمة، لتعزيز تنافسية مهنة التعليم، وجعلها مهنة مفضلة للإماراتيين.

توازن

استندت خطة دبي 2021 إلى رؤية القيادة في تعزيز وتمكين الفرد الإماراتي ذكراً كان أم أنثى. وأخذت هذه الرؤية معالمها على الأرض في الإنجازات التي تم تحقيقها على مستوى التنمية البشرية خلال العقدين الأخيرين، والتي شاركت فيها المرأة الرجل في مختلف مجالات التعليم والإنتاج والمشاركة العامة.

وفي الوقت الذي تواجه فيه التنمية البشرية في الإمارة تحديات بشكل عام، فإن ما يتعلق بتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها ما زالت تواجه تحديات أكبر؛ حيث تتدنى نسبة الإماراتيات الناشطات اقتصادياً، لتبلغ نسبة 32% فقط من إجمالي الإناث في سن فوق 15 سنة.

جلسة تناقش ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة والازدحام المروري

 تناقش الجلسة التي يترأسها رجل الأعمال أحمد بن علي الشعفار، العوامل الاجتماعية والاقتصادية المسببة لارتفاع معدلات استهلاك المياه والكهرباء، والموارد الأخرى التي تترتب عليها كذلك معدلات مرتفعة من إنتاج المخلفات..

كما ستناقش الجلسة أسباب ظاهرة الازدحام المروري التي تتفاقم مع الوقت، ومسبباتها الاقتصادية والاجتماعية من جهة، أو تلك المتعلقة بالسياسات الحكومية من جهة أخرى، علاوة على مناقشة آثارها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وكثيراً ما يترافق النمو الاقتصادي السريع مع معدلات استهلاك مرتفعة تغذّيه، وفي دبي، حفز النمو الاقتصادي وجودة المعيشة العديد من الأفراد والشركات إلى الانتقال للعيش في الإمارة، جاعلاً النمو السكاني فيها من أعلى المعدلات في العالم، علاوة على أن نسبة معتبرة من أفراد المجتمع يتمتعون بدخل مرتفع يتيح لهم معدلات استهلاك تتناسب ومستوى دخولهم.

وبالرغم من أن بعض مظاهر جودة المعيشة تتمثل بالقدرة على الاستهلاك المرتفع، فإن هذا يأتي على حساب مظاهر أخرى لا تقل أهمية، تتمثل في جودة وصحة البيئة من ناحية، وفي القدرة على إدامة نمط الحياة المرتفع على المدى البعيد من ناحية أخرى، والاختيار بين الاثنين هو محصلة تفاعل بين قرار فردي وسياسة حكومية.

وأبرز تحليل الوضع الراهن في خطة دبي 2021 معدلات الاستهلاك المرتفعة من المياه والكهرباء، بشكل يفوق المعدلات العالمية بمراحل، وهو ما يؤثر في استدامة الموارد الطبيعية على المدى البعيد، وفي جودة الحياة للأجيال القادمة.

من جهة أخرى، يميل سكان دبي بشكل متزايد إلى استخدام المركبات الخاصة، عوضاً عن وسائل المواصلات العامة أو أية وسائل أخرى، كالدراجة الهوائية أو السير على الأقدام، حتى للمسافات القصيرة، ما يؤدي إلى اختناقات مرورية ومشكلات صحية وبيئية تعزز من تفاقم الأمراض غير المعدية كالسكري والضغط والربو والسمنة وغيرها.

وإلى جانب العوامل الاقتصادية والاجتماعية، فقد أسهمت في تعزيز هذا النمط من السلوك محدودية السياسات الحكومية، سواء تلك المتعلقة بتحقيق التوازن في استعمالات الأراضي، أو التكامل بين وسائل النقل العام، أو جاهزية البنية التحتية المخصصة للمشاة مقارنة بتلك المخصصة للسيارات.

ريادة

أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خطة دبي 2021 في ديسمبر 2014، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من العمل تواصل فيها دبي مسيرتها نحو تأكيد الريادة في مختلف المجالات الحيوية، بناء على خطط تضمن استمرارية النجاح واستدامته، وفق أسس علمية مدروسة وواضحة ودقيقة.

وبتوجيهات من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، تم تطوير خطة دبي 2021، ليكون الإنسان محورها الأول من خلال المحاور الستة التي تشملها الخطة.