شيعت الإمارات ابنها البار الشهيد ضابط صف سيف يوسف أحمد بالهول الفلاسي الذي استشهد أثناء تأديته واجبه الوطني ضمن القوات المشاركة في عملية إعادة الأمل للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة للوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن ودعمها.

ووري جثمان الشهيد الثرى في مقبرة القصيص بدبي مساء أمس بعد أن أدى المشيعون صلاة الجنازة في مسجد علياء سلطان لوتاه في الورقاء 4، بحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وعدد كبير من الضباط والأفراد في القوات المسلحة وجموع المواطنين الذين توافدوا من شتى أرجاء الإمارات، للمشاركة في التشييع، وأمّ المصلين شقيق زوجة الشهيد.

وكان جثمان الشهيد وصل أمس إلى مطار البطين بأبوظبي على متن طائرة عسكرية تابعة للقوات الجوية والدفاع الجوي يرافقه عدد من ضباط وضباط صف القوات المسلحة.

وجرت المراسم العسكرية الخاصة لاستقبال جثمان الشهيد على أرض المطار حيث كان في مقدمة المستقبلين عدد من كبار ضباط وضباط صف القوات المسلحة.

وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة قد أعلنت عن استشهاد أحد أبنائها البواسل سيف يوسف أحمد الفلاسي برتبة ضابط صف أثناء تأديته واجبه الوطني ضمن القوات المشاركة في عملية إعادة الأمل للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة للوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن ودعمها.

وفور انتشار الخبر الذي تم تداوله بسرعة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل التواصل الحديثة، توافدت جموع المواطنين من مختلف الإمارات للوقوف إلى جانب أسرة الشهيد الذي قدم نفسه تلبية لنداء وطنه ضمن القوات المشاركة للوقوف مع الحكومة الشرعية في الجمهورية اليمنية، في منزله بمنطقة الورقاء.

«البيان» تقدم واجب العزاء

وزارت «البيان» منزل الشهيد وقدمت واجب العزاء في فقيد الوطن، ووقفت على تفاصيل من حياته سردها أقاربه وأصدقاؤه.

وباعتزاز وفخر وحزن ممزوج بالفرح، استقبلت أسرة الشهيد خبر استشهاد أحد أبنائها وهو سيف بالهول الفلاسي، وبكلمات ملؤها الفخر تحدث محمد عبدالله المدحاني، شقيق زوجة الشهيد وصديقه المقرب، عن بعض تفاصيل حياة الشهيد الذي جمعته به إحدى الدورات التدريبية في القوات المسلحة، حيث قال إنه قبيل مغادرته أرض الدولة في المهمة الأخيرة التي استشهد فيها، كان يشعر بأنه لن يلتقي بهم مرة أخرى، وأثناء وداعه أسرته كان يوصي زوجته وأقاربه برعاية والدته المريضة وشقيقه المريض أيضاً، كونه رب الأسرة.

وأشار المدحاني إلى أن الشهيد لديه 5 أطفال، وهم سعيد وعبدالله وموزة وسلامة وسهيلة، وأكبرهم موزة التي تبلغ من العمر 10 أعوام، وأصغرهم سهيلة ابنة العامين ونصف العام، وكان كثير المحبة لأبنائه، حيث كان يصحبهم معه إلى مختلف الأماكن.

دورة تدريبية

وعن حياته العسكرية أوضح شقيق زوجته أنه كان شغوفاً بالعمل العسكري، وكان يميل إلى التدريبات العسكرية القوية، ولفت المدحاني إلى أن الشهيد كان محباً ومخلصاً لعمله، وكان يتدرب على الرياضات المختلفة بهدف تطوير قدراته، وانعكس حبه للعمل العسكري على حياته الشخصية، فكان يدرب أبناءه على الرياضات المختلفة، وكان يرفض النوم في الفنادق والاستراحات أثناء سفره، خصوصاً إذا كان برفقة أصحابه، فلا يجد الراحة إلا عندما يفترش الأرض.

وأضاف أن الشهيد كان باراً بوالدته ويهتم بأخيه، فبعد ما أنهى بناء منزله الخاص شرع في بناء منزل مجاور لأخيه المريض، ليوفر له متطلبات الحياة ويمنحه الاستقلالية التي يحتاج إليها أي شخص عند كبر سنه، كما أنه كان ذا خلق عال، ويمتلك صداقات كثيرة بفضل روحه المرحة.

أخلاق عالية

لم تخل كلمات أقارب الشهيد من ذكر أخلاقه العالية التي كان يتعامل بها مع الصغير والكبير، وحبه وعشقه وإخلاصه للوطن وقيادته الرشيدة، حيث أكدوا أن الشهيد له مكانة خاصة بينهم، وتربطهم به علاقة أخوية، وعزاؤهم في ذلك أنه استجاب لنداء وطنه الذي لم يتردد يوماً عن تلبيته، وهم على استعداد لسلك هذا الطريق رداً لجميل الوطن.

لقطات

ــ كسر صمت مشيعي الشهيد ضابط صف سيف يوسف أحمد بالهول الفلاسي هتاف أحد أصدقائه في الخدمة أثناء مواراة جثمانه الثرى قائلاً: «أبشرك حررنا عدن» وكررها مراراً، وذلك لأن الشهيد سيف كان يردد «سوف ننتصر ونحرر عدن»، وحرص رحمه الله على أن يضحي بنفسه تلبية لنداء الواجب.

ــ من المنطقة الغربية إلى رأس الخيمة توافد أبناء الإمارات للمشاركة في تشيع جثمان الشهيد، معبرين عن الولاء للوطن، والوقوف إلى جانب أسرة الشهيد في مصابهم الجلل.

عبدالله بن زايد: شهيدنا دافع عن العرب وأنحني لرسالة أم طارق الشحي إلى أم سيف

ربما تكون أبلغ عبارات العزاء تلك التي تنقلها أم شهيد إلى أم شهيد آخر لأنها ستكون بلا شك مضمخة بعطر الحب الخالص، ولوعة الفراق.. هذا ما قامت به أم الشهيد طارق الشحي في رسالة عزاء إلى أم الشهيد سيف الفلاسي، والتي وقف أمامها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، بإجلال وإكبار وقال عنها: «رسالة لا أملك إلا أن أحني رأسي لها بشرف».. وتابع سموه عزاءه لأسرة الشهيد في تدوين عبر «تويتر»: «شهيد الإمارات سيف الفلاسي يقدم نفسه مدافعاً عن حقوق العرب، عظم الله أجر أسرته وألهمهم الصبر السلوان».

عزاء أم تهنئة

وكتبت حصة عبد الله القاضي أم الشهيد طارق الشحي، الذي راح ضحية عملية إرهابية خلال مشاركته في قوة درع الجزيرة في مايو من العام الماضي، مواسية في رسالتها إلى أم الشهيد سيف الفلاسي قائلة: «لست أدري ماذا أكتب إليكِ معزية أم مهنئة، فقلوبنا وأرواحنا لم تبكِ على أبنائنا الشهداء كما يبكي الآخرون، فمع أول نقطة دماء طاهرة سالت من أجساد أبنائنا كُويت قلوبنا بنار الفراق قبل أن تزف لنا أخبار استشهادهم، قلوبنا شعرت قبل أن تسمع آذاننا وتصدق عقولنا.

عزاؤنا الوحيد يا أم الشهيد أننا أحسنا إعداد رجال قدموا أرواحهم فداءً لوطنٍ كالإمارات الذي يستحق أن يبذل في سبيله الغالي والنفيس، فنحن كأمهات لا نملك أغلى من أرواح أبنائنا الشهداء، فالإمارات تستحق أن تبذل الأرواح الغالية فداءً لترابها».

عرش الأمومة

أكتب إليك يا من تربعتي على عرش الأمومة لأقول لكِ إن مصابك هو مصاب كل أم إماراتية لا تقر عينها قبل أن تطمئن على أبنائها، أكتب إليك يا من جعلت من صبرك عنواناً لكل أم ثكلى آمنت بقضاء الله تعالى وزفت عريساً للوطن، وضحت ليدوم عز الوطن، ولينعم أبناؤه رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً بالاستقرار والرفعة، وأهنئك فقد أصبح اسمك منذ اليوم أم الشهيد الذي غاب عنا اليوم بجسده إلا أنه يتنعم الآن مع الشهداء والصديقين وارتقى عند ربه وهي غاية المنى لكل أمٍ أنجبت رجالاً وعلّمتهم أن الوطن أغلى ما يكون وعزه وشرفه وشموخه من عز وشرف وشموخ أبنائه، ولا يغلو على الوطن غالي وأرواحنا وأرواح أبنائنا ومن نحب فدى أرض الإمارات.

وأكتب إليك لأقول إن السماء ترتجف خجلاً وفرحاً كلما صعدت أرواح فلذات أكبادنا للقاء ربها مطمئنة لتستقبل شهداء الإمارات الذين رفعت أرواحهم عالياً مستبشرة بما وعدهم الله، فنحن ننتظر لقاء الأحبة وفي جنات الخلد والنعيم كما وعد من لا يخلف الميعاد، الدموعٍ تحجرت في المقل، فحزننا سيبقى حزناً شامخاً أصيلاً لا يضاهيه أي حزنٍ على الأرض، فسلام على أمهات أثمرت بطونها أبطالاً كتبت أسماؤهم في دفتر المجد شهداء.

وأبشرك بأن دماء أبنائنا وشهدائنا لن تذهب سدى فللإمارات رجال وعدوا بالثأر من كل من خولت له نفسه أن يتعدى على حقوق الآخرين ويسلب أوطاننا شرعيتها وأمنها، وعلمي أننا على طريق النصر، وعزاؤنا الوحيد أن تعود رفعة أوطاننا واستقرارها.

«أنستغرام» الشهيد لم يسدل الستار على تفاعل معجبيه

 لم يسدل الستار على صفحة الشهيد سيف الفلاسي في موقع التواصل الاجتماعي «الانستغرام» إذ لازال المشاركون في هذا الحساب من متابعيه ومن غيرهم، يكتبون له أخلص الأدعية بأن يرزقه الله جناته، ويصفونه بالبطل، وهو أهل لهذا الوصف.

صفحة بسيطة تضم 301 صورة أغلبها تسجيل فيديو لا صور ثابتة، تحمل في طياتها الكثير عن حياة الشهيد، وهواياته وتشير آخر صورة شارك بها إلى تاريخ يعود إلى ما قبل 11 أسبوعاً بالتمام وهي عبارة عن صور متتالية ولقطات فيديو تشير إلى استمتاعه برحلة بحرية قام بها مع أصدقائه لأجل الصيد، وبينت إحدى اللقطات نوم أصدقائه في المركب من التعب، فيما يبدو من تصويره أنه محب للمغامرات والحياة والضحك، فكل اللقطات تحمل صوراً لرحلات بحرية وبرية وركوب الدراجات في الصحراء ومتعة الطبخ بنفسه مع عائلته أو في رحلات أصدقائه، ويصف لمتابعيه بالتفصيل اسم الطبخة، والمكان، ونوع الحطب، والموقد المناسب.

توثيق

وثق الشهيد سيف الفلاسي أهم الأدوات التي يحتاجها محبو التخييم في البر من أنواع الخيم، وأحجامها، والأدوات المطلوبة لإعداد الطعام، وغيرها من الأمور التفصيلية وكان يحب مشاركة الجميع في كل معلومة يعرفها ويمكن للآخرين الاستفادة منها وهذا يدل على كرم أخلاقي بعفوية وبساطة لا يعلوه كرم.

في العديد من الصور يبدو في رحلات سفر أيضاً مصطحباً معه عائلته، ويظهر في عدد من الصور أبناؤه الثلاثة الذين عرّف عنهم قائلاً «هذيل عبد الله، وسعيد، وأصغرهم سلامة»، كانت هذه اللقطة خلال جولة في الجبل الأخضر في سلطنة عمان الشقيقية، يتمشى خلالها مع أطفاله ويريهم معالم المكان ويعلمهم أسماءها باللهجة المحلية ضارباً أروع الأمثلة في الأبوة وفي كرم الأخلاق، فالكرماء والشهداء أمثال سيف الفلاسي لا تطوى صفحاتهم بسهولة، فهم يبقون في القلب والذاكرة.