شيّع الوطن عصر أمس في مدينتي كلباء وخورفكان، 4 من أبطال قواتنا المسلحة، الذين قدموا أرواحهم في سبيل الله خلال تأدية واجبهم الديني والوطني بالمشاركة في قوات التحالف العربي ضمن عملية «إعادة الأمل» لليمن الشقيق. ووسط جموع غفيرة من المواطنين وعناصر القوات المسلحة وأهالي الشهداء؛ شيعت مدينة كلباء جثامين 3 من شهدائها في مسجد سيد الشهداء الواقع على بحيرة مدينة كلباء، وهم الشهيد راشد محمد عباس، والشهيد راشد ناصر الزعابي، والشهيد حسن محمد الطنيجي الذين قدموا أرواحهم فداء للواجب الوطني، فيما شيّع أهالي مدينة خورفكان في مسجد اللؤلؤية جثمان الشهيد سيف عيسى النقبي.

وجدان الوطن

وأجمع أهالي المنطقتين بعد أداء الصلاة على أن هؤلاء الأبطال إن شاء الله تعالى، شهداء عند ربهم وهم يذودون عن تراب الوطن الغالي وقدموا تعازيهم لذويهم وللوطن سائلين الله لهم الجنة والغفران، وأن ينصر جنودنا البواسل في اليمن ويسدد رميهم إنه على ذلك قدير. وأكدوا أن الإمارات ستظل دوماً تروي قصص شجاعتهم، وتتفاخر ببطولات شباب في ريعان حياتهم، ذهبوا بأرواحهم للقاء الخالق الواحد الأحد، وسيبقى آباؤهم وأبناؤهم وأشقاؤهم يروون الكثير من الحكايات عنهم، فهم الذاهبون فقط أجساداً طاهرة، والباقون أبداً في وجدان الوطن.

وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة قد نعت الشهداء، وتقدمت بخالص العزاء والمواساة إلى عائلات الشهداء الأبطال، سائلةً الله عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يسكنهم فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والأبرار، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.

ميدان الشرف

ومن موقع الصلاة عليهم أكد شقيق الشهيد راشد ناصر الزعابي أن رحيل شقيقه في ميدان الشرف والبطولة أمر يستحق الفخر والاعتزاز، وقال: الحمدلله أولا وأخيرا على قضائه وقدره ونحن نعتز بما قدمه شقيقنا تغمده الله بواسع رحمته ونبقى جميعا فداء للدين والوطن.

كما قال شقيق الشهيد راشد محمد عباس: نقف اليوم لوداع شهيدنا الثاني من العائلة، حيث استشهد شقيقاي حامد وراشد في عملية «إعادة الامل» لليمن الشقيق، ولا يسعنا إلا الصبر والثناء على حسن الخاتمة، فالشهادة وسام فخر على صدورنا، وقد كان الشهداء في مهمة جليلة في الدفاع عن الوطن والأمة، ونحسبهم عند الله من الأبرار.

وأكد شقيق الشهيد حسن محمد الطنيجي، بأنهم أبطال ماتوا دفاعاً عن دينهم ووطنهم، والشهادة فخر لأبنائه وأهلهم ووطنهم، مشيراً إلى أن خبر الاستشهاد ومفارقة شخص عزيز قد يتلقاه كل شخص بحزن ولكن ما يخفف وقع ذلك على النفس الاستشهاد في سبيل الله وطاعة ولي الأمر.

الشهيد راشد عباس

أشار عبدالله محمد عباس إلى أن شقيقه الشهيد راشد يبلغ من العمر 32 عاماً التحق بالخدمة العسكرية منذ أكثر من عشرين عاماً، وكان مخلصاً لعمله ولديه روح عالية تجاه الوطن، وكان مبادراً على مساعدة الآخرين والوقوف إلى جانبهم، كما كان باراً بوالديه وينافس أشقاءه على تلبية احتياجاتهم، ويحرص على التجمع الأسري الذي كان يقام مساء كل يوم عند حضور أفراد أسرته.

وأوضح عبدالله أن شقيقيه الشهيدين (راشد وحامد) التحاقاً بالخدمة العسكرية منذ سنوات طويلة، وشاركا في مهام خارج الدولة، وكانا مقدامين ومندفعين للمشاركة في المهام المختلفة، مشيراً إلى أنهما غادرا الدولة في هذه المهمة قبل أسبوعين من استشهادهما، وقد كان آخر لقاء مع أفراد أسرهم التي تتكون من 17 فردا قبل ذلك بأيام قليلة، واقتصر التواصل معهما على الهاتف للاطمئنان على أبنائهما الصغار، حيث أوصيا كثيراً على رعايتهما والاهتمام بهما.

من جهتها قالت مريم موسى زوجة الشهيد راشد إن لديه أربعة من الأبناء أكبرهم في الثانية عشرة من عمره، وكان قريباً جداً منهم حتى أثناء تأدية واجبه الوطني كان يحرص على التواصل معنا والاطمئنان علينا، مشيرة إلى أنه كان ذا أخلاق عالية إذ كان يحب الجميع ويخدمهم وكان العون والسند للجميع خصوصا أهل بيته واخوته، فلم يكن يتردد في تقديم العون لمن يطلب منه ذلك. وأضافت بكلمات تغص بحزن الفراق «شهادة زوجي وسام شرف وطني نعتز به أنا وأبناؤه ما حيينا».

الشهيد راشد الزعابي

أما حسن ناصر الزعابي، من سكان كلباء، فقال إن شقيقه الشهيد راشد الزعابي في الثلاثين من العمر، متزوج وله ثلاث بنات، واضاف: إن شقيقي رحل بطلاً، يدافع عن الحق، فقد استشهد وهو يؤدي واجبه الوطني، وأكد أن منزلة الشهداء التي نالها، خففت من المصاب والحزن الذي عم الأسرة بعد سماعهم خبر استشهاده.

وأوضح أنهم تلقوا خبر استشهاد شقيقه بجلد وفخر وذلك بعد مرور أسبوع من الحادث، وقال: إننا صابرون على أمر الله عز وجل، ونحتسب الأجر عنده، فقد خصه الله بأعظم منازل المؤمنين، عسى ان يتقبله عنده ويعوض شبابه الجنة.

طلب الشهادة

وتابع أن الشهيد كان يدعو بالشهادة في سبيل الله، والدفاع عن الوطن، قبل مغادرته الدولة إلى اليمن وكانت رسائله عبر برامج التواصل الاجتماعي للأسرة وذويه تؤكد رغبته بالشهادة والنصر في سبيل الحق، وقد من الله عليه بها. ولفت أن جميع أفراد أسرة الزعابي يشعرون بالفخر باستشهاد راشد، لأنه رفع رؤوسهم عالية، مدافعاً عن الوطن.

وأضاف ان شقيقه راشد كان على تواصل دائم معهم، وكان يوصيهم بالثبات على المحن والشدائد، وفي آخر محادثاته معهم عبر «واتساب» خلال الأسبوع الماضي، قد أكثر الشهيد من السلام على جميع أفراد الأسرة والأصدقاء، وأوصاهم بالدعاء له بنيل الشهادة.

وأوضح أن الشهيد كان حنونا على والديه، وكثير التردد عليهما ولا يمر يوم دون أن يتصل للاطمئنان عليهما، فقد كان الأخ المحبوب من بين 9 اشقاء في العائلة.

آخر اتصال

وفي آخر اتصال مع زوجته في يوم الخميس الذي يسبق الحادث، أبلغهم بترقب خبر ما، حيث كان يراوده إحساس غريب بصدور أنباء عنه. ثم ودعهم وانقطع الاتصال منذ ذلك الحين.

وعبّر شقيق الشهيد عن حزنه على الفراق ولكن ما يجعله صابراً أن شقيقه نال فضل الشهادة ونسأل الله أن يمنحه أجرها، وقدّم الزعابي العزاء لحكومة الإمارات وشعبها وأسر الشهداء، وقال إن تضحيات من قدموا أنفسهم لرفع اسم الإمارات ستكون مضرب الأمثال وعنواناً للوفاء وعزة الإمارات.

الشهيد حسن الطنيجي

وذكر شقيق الشهيد حسن محمد الطنيجي أن عائلة الشهيد قد علمت بنبأ استشهاده عبر اتصال هاتفي اجرته الجهات الرسمية مع الأسرة يوم الحادث إلا انهم ظلوا في انتظار جثمان شهيدهم خمسة أيام إلى أن تم التعرف على هويته من خلال الفحص الجيني (DNA).

واشار إلى انه كان على تواصل دائم مع شقيقه، حيث كان بهدوئه المعتاد يسأل باستمرار عن صحة والديه ويستفسر عن أخبار الجميع ويطمئنهم على صحته.

إسلام خادمتين

وأضافت زوجة الشهيد حسن الطنيجي: لقد ترك حسن في نفوس أبنائه قيما إيمانية عالية، فقد علمهم عمل الخير في الخفاء وعودهم على الصلاة وزرع فيهم الإيثار والتضحية من أجل المستضعفين. فقد كان من متطوعي الهلال الأحمر وشارك في العديد من الأعمال الخيرية في الدولة. ورزقه الله ان أسلمت على يده خادمتان وأكرمهما بأداء فريضة العمرة مرتين قبل سفرهما من الدولة.

ونوهت بأن الشهيد كان منتسباً إلى الخدمة العسكرية فترة طويلة إلا انه قام بتغير وظيفته وعمل في مؤسسة خاصة ولكن الحنين دعاه للعودة مع ركب البواسل والعمل في الخدمة العسكرية مرة أخرى وكأن الشهادة كانت تنتظره. وتابعت بابتسامة حزن، إن أمنية الشهيد الوحيدة التي سعى جاهداً من أجلها، بناء مركز تحفيظ قرآن في منطقته ولم تكتمل أو تتحقق.

مات بطلاً

ورددت بصبر وقوة إيمان: تغمد الله شهيدنا برحمته وربط على قلوبنا أنا وابنائه وعائلته فقد فقدنا شخصا لن يتكرر.

وأكد والد الشهيد حسن الطنيجي، أن ابنه مات بطلاً، يدافع عن الحق، فقد استشهد وهو يؤدي واجبه الوطني، مؤكداً أن منزلة الشهداء التي نالها ابنه، خففت من المصاب والحزن الذي عم الأسرة بعد سماعهم خبر استشهاده. وقال: إننا صابرون على أمر الله عز وجل، ونحتسب الأجر عنده، فالدفاع عن الوطن وحماية ممتلكاته واجب علينا جميعاً، ولن نقصر في أداء الواجب مهما كلفنا من تضحيات بأرواحنا، ولن نسمح لأي عدو أن يلمس وطننا الغالي أو يضر جيراننا الأشقاء.

صلاة الفجر

قالت زوجة الشهيد حسن الطنيجي إن آخر اتصال من زوجها كان في يوم الحادث الأليم عند الخامسة صباحاً، وكان ليوقظها لصلاة الفجر، وأضافت ان زوجها وشّح مدينة كلباء بوشاح الفخر والاعتزاز هو وزملاؤه الشهداء، والشهيد يتوسط عائلته المكونة من 9 أبناء ولديه 9 أبناء أيضاً (6 إناث و3 ذكور) أكبرهم عذاري 15 سنة، وكان يعرف بهدوئه وسكينته الدائمة والمبادرة في العمل الخيري سراً دون علم أقرب الناس إليه.

 

سيف النقبي أول شهداء اللؤلوية

 

شيّعت مدينة اللؤلؤية في خورفكان أول شهدائها في عملية إعادة الأمل للتحالف العربي في اليمن وهو الشهيد سيف عيسى عبيد النقبي في العقد الثاني من عمره، متزوج ولديه 5 أبناء (ولد و4 بنات) واستقبلت عائلته خبر استشهاده منذ 3 أيام بقلوب صابرة راجية له الرحمة والمغفرة.

وفي موكب جنائزي مهيب توجهت جموع المشيعين يتقدمهم أهل الشهيد وعدد من قيادات القوات المسلحة لمواراة جثمانه مثواه الأخير بمقبرة اللؤلؤية، بعد الصلاة على روحه الطاهرة.

الخبر اليقين

وقال ابن عم الشهيد، يوسف الشمبيلي، إن عائلة الشهيد كانت تعيش حالة من القلق، إلا أن قلوبهم اطمأنت بعد أن وردهم الخبر اليقين باستشهاده.

وأشار إلى أن الشهيد يأتي في المرتبة الثانية بين أشقائه البالغ عددهم 5 أفراد وهو المقرب من والدته التي لم يتم إعلامها حتى الآن بخبر استشهاده لكونها ترقد في العناية المشددة في مستشفى خورفكان، وتتلقى العلاج لمعاناتها من مرض مزمن في القلب، وتابع أن الشهيد سيف النقبي هو السند لوالده إذ كان يساعده في قضاء حاجات الأسرة والوقوف إلى جانبه في المواقف الصعبة.

وسام فخر

ولفت إلى أن الأب يفخر بشهادة ابنه ويعتبرها تاجاً يكلل رؤوس جميع أفراد أسرته فضلاً عن أن شهادته وسام عظيم منحه الشهيد سيف لمدينة خورفكان كاملة.

وتابع أن مما خفف على الأب مصابه أن ابنه رحل شهيداً وهو يحارب في سبيل قضية إنسانية عظيمة.

وقال ابن عم الشهيد: نحسبه عند الله من الشهداء الأبرار الذين يتقبلهم الله في عليين وفي منزلة عظيمة، فهنيئاً للوطن به وبشهدائه وحمى الله الإمارات من كيد الكائدين وحقد الحاسدين وطمع الطامعين.