أكد صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة أن الشهداء هم أبناء للوطن كله وهم مبعث فخر واعتزاز وسطروا ببطولاتهم تاريخاً مجيداً للإمارات فسيجوا حدودها بدمائهم الطاهرة ورفعوا رايتها عالية.

جاء ذلك عقب أداء سموه صلاة الجنازة عصر أمس في مسجد الشيخ زايد برأس الخيمة على جثامين كوكبة جديدة من شهداء الوطن الطاهرة من أبناء إمارة رأس الخيمة الذين ارتقوا إلى العلا مع من سبقوهم من إخوانهم الشهداء من جنودنا البواسل المشاركين ضمن قوة التحالف العربي في عملية إعادة الأمل باليمن، معرباً سموه عن خالص تعازيه ومواساته لأسر الشهداء الأبرار، في وقت اكتمل وصول جثامين شهداء الوطن صباح أمس إلى مطار البطين في أبوظبي بعد إتمام كافة إجراءات التعرف إلى هوياتهم في المملكة العربية السعودية الشقيقة.

وأوضحت القيادة العامة للقوات المسلحة أن عدد شهداء الإمارات الذين استشهدوا الجمعة الماضية بلغ 52 شهيداً، وجرت المراسم العسكرية الخاصة لاستقبال جثامين الشهداء على أرض المطار، حيث كان عدد من كبار ضباط القوات المسلحة في الاستقبال.

صلاة الجنازة

وأدى الصلاة إلى جانب سموه الشيخ عمر بن صقر القاسمي والشيخ أحمد بن صقر القاسمي رئيس دائرة الموانئ رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الحرة والشيخ عبدالله بن حميد بن عبدالله القاسمي رئيس مكتب صاحب السمو حاكم رأس الخيمة والشيخ صقر بن محمد بن صقر القاسمي والشيخ أرحمة بن سعود بن خالد القاسمي نائب مدير عام شركة أسمنت الاتحاد برأس الخيمة والشيخ محمد بن سعود بن خالد القاسمي والشيخ عمر بن سالم بن محمد القاسمي إلى جانب عدد من الشيوخ وشيوخ القبائل والمسؤولين وقيادات ومنتسبي القوات المسلحة.

فخر بالشهادة

وشيعت رأس الخيمة أمس 7 من شهدائها وهم: الشهيد راشد محمد الخنبولي الشحي، الشهيد عبدالله أحمد البايض الشميلي، والشهيد سليمان جاسم البلوشي، والشهيد سالم راشد يديد الشحي، والشهيد راشد بن علي بن سعيد اليديدي الشحي، والشهيد سعود محمد صالح السعدي وسلطان بن صالح بن نغر، إلى قائمة شهداء الشرف، لتسجل إمارة رأس الخيمة 19 شهيداً من أبنائها من مختلف مناطقها من (رأس الداره إلى أذن ودفتا).

وأكد ذوو وأسر الشهداء أن الوطن أعز من دماء القلوب وأغلى من الروح ويستحق كل التضحيات.

وتوافد المعزون ليشاركوا أهاليهم المواساة وتقديم واجب العزاء، وليؤكدوا ولاءهم للقيادة الرشيدة، وليشددوا على لحمة نسيج المجتمع الإماراتي، كما وتقدمت «البيان» بالتعازي لذوي الشهداء الذين أكدوا صفات الشهداء ومآثرهم وسماتهم الشخصية في صور امتزجت بها مشاعر الحزن والفرح معاً.

سالم الشحي .. تمنى الشهادة فنالها

«ستسمعون عني خبراً جميلاً بعد أسبوعين».. بتاريخ 24 أغسطس، كانت مكالمة غير محسوبة في حياة الشهيد «سالم راشد علي محمد يديد الشحي» 33 عاماً، عندما تحدث لزوجته وشقيقه الأكبر عن إحساسه بحدوث خبر سار له، ليكون ما قال تماماً، وفقاً لما أكده شقيق الشهيد ويدعى سعيد، والذي عبر والحزن يتملكه في فقد أخيه عن شعوره بالفخر والاعتزاز، وبأن شقيقه كان يُمني نفسه بالشهادة ونالها.

وأضاف: «عزاؤنا الوحيد بأن وفاة شقيقي كانت دفاعاً عن الوطن»، ولاسيما أنه خدم في القوات المسلحة نحو 18 عاماً.

وأشار إلى أن الشهيد لديه أربعة أبناء شما وشهد وهزاع وحمد.

راشد الشحي.. وعد بالشهادة

ولمست «البيان» المعنويات العالية لأهل الشهيد راشد بن علي بن سعيد اليديدي الشحي وأنهم يفتخرون بأن ابنهم قدم خدمة للوطن امتدت على مدى 30 عاماً، إلى جانب مشاركاته في العديد من المهمات العسكرية وبالأخص الخارجية، ما يعكس مدى الوفاء والإخلاص وولائهم للقيادة.

وأكد ابن الشهيد البكر «حمد» بأن والده كان رجلاً فاضلاً متديناً محباً لوطنه وعمله، مدافعاً عن زملائه، وكان دائماً يمنّي نفسه بالشهادة حتى حقق له الله ذلك، فقد أكرمه الله بهذا الموقف العظيم ونسأل الله عز وجل أن يتقبله من الشهداء.

وأضاف: أجريت آخر مكالمة مع والدي الشهيد قبل عدة ساعات من الحادثة، في منتصف ليل يوم الخميس وبالتحديد في تمام الساعة الحادية عشرة و18 دقيقة، حيث كان دائم الاتصال بنا، موضحاً أن اتصاله الأخير تضمن اتصاله بأفراد عائلته كافة ابتداء من جده وجدته وجيرانه وأصدقائه والتسامح معهم.

وأشار ان عائلته مكونه من 7 أخوان الذكور وهو أكبرهم، حيث يكمل دراساته العليا، إلى جانب شقيقته.

سليمان البلوشي: سامحوني

وقال جابر شقيق شهيد الوطن سليمان جاسم البلوشي: «نشعر بالفخر وكلنا فداء للوطن، حيث إن استشهاد شقيقي فخر كبير لنا، وعمل بطولي في خدمة الدين والوطن، وبقدر ما في قلوبنا من حزن بقدر ما فيها من فخر نحمد الله ونشكره على فضله. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبله في الشهداء».

وأضاف: إن الأقدار شاءت أن نودع بعضنا بعد أسبوع من مرور عيد الفطر، حيث ذهب إلى مهمته في اليمن، وأنا ذهبت إلى عملي، إلى جانب ذهاب والدتي إلى رحلة علاج خارج الدولة، مشيراً إلى أن الشهيد يعد أصغرهم ما بين 5 أشقاء و4 شقيقات، وهو متزوج، وله ابنه «مهرة» عمرها عامان وابنه «حشر» 6 شهور، ويبلغ من العمر 25 عاماً، وكان يمتاز بطيبة قلبه بين إخوانه وأقاربه وزملائه، واعتادوا منه الحيوية والبشاشة في كل محفل وفي كل مناسبة، مؤكداً جاهزيته في أي لحظة للدفاع عن الوطن والتضحية من أجله، ويتضح ذلك من حديث زوجته عن رغبته الكبيرة إلى الذهاب مع رفاقه الذين تم استدعاؤهم للانضمام لقوات التحالف العربي، حيث لم يدرج اسمه معهم وقتها، فرجع للمنزل حزيناً دون أن يكلم أحداً، حيث قام باتصالاته، فنجحت محاولاته في الالتحاق بهم ما أسعده كثيراً، وكان يوماً لا ينسى بالنسبة له عبر تأمين أسرته باحتياجاتهم ومستلزماتهم ومن ثم التجهز إلى مهمة اليمن.

راشد الخنبولي.. وصية غالية

من جانبه، أكد محمد الابن الأكبر للشهيد «راشد محمد راشد الخنبولي الشحي» أن الشهيد أوصى بدفنه في حال استشهاده بجانب ابنه «سعيد»، الذي توفي قبل 7 سنوات، مشيراً إلى أن خبر موته أحزن الجميع ولكن ما خفف الألم علينا هو استشهاده الذي يعتبر فخراً للجميع.

وأشار إلى أن والده الشهيد يبلغ من العمر 48 عاماً وله 8 أولاد، منهم 5 إناث و3 ذكور، لافتاً أن والده كان يتصل يومياً بالأسرة للاطمئنان على الجميع، وآخر مكالمة كانت ليلة استشهاده مستودعاً أهله ومجدداً وصيته بدفنه بجانب ابنه الذي توفي بعمر 14 عاماً، في حال نيله الشهادة.

تضحيات

أوضح الشقيق الأكبر للشهيد سليمان البلوشي أن اللحظات الأخيرة شهدت اتصال الشهيد قبل استشهاده بليلة واحدة فقط بشقيقته الأكبر منه بعام، ويؤكد لها أنه سيعود بعد أسبوع، حيث اطمأن عليها وتحدث إلى والدته وزوجته والخادمة أيضاً، وكأنها مكالمة مودع، وقال: «ينتابني إحساس غريب، فأنا أأتمنكم على أبنائي فهم أمانة عندكم، سامحوني».

أما عن حال والدته، فيقول: «والدتي منذ سماعها نبأ استشهاد أخي لا يفتر لسانها عن الاحتساب والثناء والشكر لله والحمد له على قضائه وقدره».

ذوو الشهداء: تراب الوطن أغلى

 

 

أكد راشد الشميلي شقيق الشهيد عبدالله أحمد راشد البايض الشميلي أن تراب الوطن أغلى من الجميع، وأن خبر استشهاد شقيقه الأصغر كان صدمة كبيرة للعائلة، ولكن نيله الشهادة هو ما خفف من حزننا على الفراق واستشهاده فخراً للجميع.

وطالب راشد الشميلي بعودته للقوات المسلحة لاستكمال واجب شقيقه والوقوف بجانب أبناء الدولة في دفاعهم عن الحق ونصرة الشعب اليمني الشقيق ضد العصابات الغاشمة والانقلابيين. مؤكداً أننا فداء لتراب الإمارات الطاهر حتى أصغر طفل، وفداء للوطن وقيادته الرشيدة ولشيوخنا الذين نفخر بهم وبقيادتهم الحكيمة لنا، مشيراً إلى أن الأسرة استقبلت خبر استشهاده ورؤوسهم مرفوعة بأنه استشهد في خدمة الوطن وقيادته مدافعاً عن الحق والعروبة ومسانداً للشعب اليمني الشقيق، وكانت والدتي تطلب منا الاتصال به حتى تطمئن عليه وحين أخبرناها باستشهاده حمدت ربها وأعربت عن فخرها رغم مشاعر الحزن على فراق ابنها.

وأشار أن الشهيد يبلغ من العمر 34 عاماً ولديه ثلاثة أولاد وبنت واحدة. لافتاً أن شقيقه الأصغر عرف بالطيبة ومواقفه الإنسانية مع الجميع، والله دائماً يختص عباده الصالحين في بعض من الأمور منها الشهادة التي نالها، فقد كان يسعى من خلال انضمامه لقواتنا المسلحة من رد ولو البسيط من فضائل الدولة عليه، مؤكداً مفاهيم حب الوطن والدفاع عن ترابه الطاهر التي غرستها فينا والدتنا.

سلطان بن نغر: سيرة طيبة

بدوره أكد والد الشهيد سلطان بن صالح على حسن نغر الشحي من منطقة الرمس أن ابنه الشهيد، رحمه الله، يبلغ من العمر 27 عاماً، ذو سيرة طيّبة، مؤدياً لفرائضه وباراً بوالديه بصورة لا توصف أبداً، حيث لا يخرج من البيت إلا وقد قبل رأسي ويدي والده ووالدته، ويبادر في السؤال عما ينقصهما ويقوم على شؤونهما، كما أنه كان محبوبًا من الجميع، وقد تم تعيينه ضمن الحرس الأميري، وأمضى 13 سنة في خدمة الوطن، فيما شارك في مهمات عسكرية مختلفة.

مشيرًا إلى أن ابنه قد نال شرف الشهادة، ولاقى ربه الكريم وأدى ما عليه من ديون لدى عدد من رفاقه، وفقاً لما أوصى به أحد أشقائه في آخر اتصال بينهما، في الوقت الذي طلب فيه إرسال صورة ابن شقيقه سيف ذي الأربعين يوماً راغباً في رؤيته قبل أن يتوفى، حيث لم يشهد ولادته، كما ودع والدته بعبارة «يمكن ما ارجع فسامحوني»، والشهيد الثالث في ترتيب أخوانه التسعة والمكونة من 5 أشقاء، و4 شقيقات. مؤكداً أنه في الفترة الأخيرة، قد نوى وعزم الزواج أخيراً، طالباً من والدته البحث عن الفتاة المناسبة، ولكن شاءت الأقدار أن يكتبه الله من الشهداء.

وعن تبلغه نبأ استشهاد ولده، قال والد الشهيد: «الحمد لله، نال ولدي لقب الشهادة بإذن الله، وهذا يوم البطولة».

سعود السعدي.. لا مكان للحزن

وقال والد الشهيد سعود محمد السعدي 31 عاماً من منطقة دفتا التابعة لإمارة رأس الخيمة: «لا يجدر بنا أن نحزن على من اختارهم الله أن يكونوا شهداء ورجال الجنة، نحمد الله تعالى على كل حال، فقد منّ عليه بحسن الخاتمة وطيب الأثر». وأضاف: «لم يتردد ابني في تلبيه نداء الوطن فما كان من نصيبه إلا الشهادة في سبيل الله والوطن».

ولفت إلى انتظار زوجة الشهيد سعود مولودها الأول، فقد كان متزوجاً منذ ثمانية أشهر.