دخل قطاع الفضاء الإماراتي بقوة خلال الفترة القليلة الماضية، آفاقاً جديدة للعمل في أكثر من اتجاه، عبر العديد من مشروعات الأقمار الصناعية التي أُطلق بعضها، مثل «دبي سات 1» و«دبي سات 2»، فضلاً عن العمل في قمر «خليفة سات» لإطلاقه مستقبلاً، وتسير تلك المشروعات بالتوازي مع الطموحات الكبيرة التي بدأت الدولة العمل عليها من خلال «مسبار الأمل»، الذي أوكل له استكشاف كوكب المريخ، وسيكون المشروع الأهم في البرنامج الفضائي الإماراتي، بالإضافة إلى المشروعات المستقبلية التي تعمل عليها كل الجهات والمؤسسات المعنية.

وانطلاقاً من ذلك فقد بدأ الاهتمام بالبحث عن المواهب المتميزة للعمل في هذا القطاع، من خلال إطلاق العديد من المسابقات البحثية التي تستهدف طلاب الجامعات في مجالات الهندسة، ومنها مسابقة «تطبيقات الاستشعار عن بٌعد» التي كان مركز محمد بن راشد للفضاء قد أطلقها.

دعم الابتكار

وفي هذا الاتجاه أوضح المهندس سعيد المنصوري الرئيس بالوكالة في مركز تطوير التطبيقات والتحليل في مركز محمد بن راشد للفضاء، أن مسابقة تطبيقات الاستشعار عن بُعد أعلن عنها في سبتمبر من العام الماضي، وظهرت نتائجها في منتدى الفضاء والأقمار الصناعية العالمي مؤخراً، لافتاً إلى أن هذه المسابقة استهدفت طلاب الجامعات الذين يدرسون التخصصات المتعلقة بالعلوم والتقنيات الفضائية.

وأشار إلى أن الهدف الرئيسي من إطلاق مثل هذه المسابقات، هو تسليط الضوء على إمكانيات الإمارات في قطاع الفضاء، ومدى ما ستسهم به نتائج المسابقة في تطويره، كما أنها تسعى لتنمية روح الابتكار والإبداع عند الشباب الجامعيين، حتى يمكن تخريج عدد كبير من المتخصصين منهم والاعتماد عليهم خلال السنوات المقبلة، ليكونوا نواة للمشروع الفضائي الإماراتي، بالإضافة إلى التعريف ونشر ثقافة وتقنية الاستشعار عن بٌعد، التي أصبحت عاملاً رئيسياً لاستقاء المعلومات التفصيلية عن الأماكن والأهداف التي يراد رصدها وتقييمها معلوماتياً، وهذا ما يحتاجه قطاع عريض من المؤسسات الخدمية في الإمارات، فضلاً عن تطوير التطبيقات الذكية التي تخدم قطاعات عديدة في الدولة، في مختلف الاتجاهات والتخصصات.

وذكر أن المسابقة استهدفت استنفار الطاقات الشابة، لإخراج وتقديم أفضل ما توصلوا إليه من أفكار تفيد وتسهم في تطوير وإنجاح البرامج والمشاريع الفضائية المستقبلية، وخاصة في ما يخص الجانب الابتكاري الذي أصبح رديفاً لأي عمل ومشروع مهم يراد له النجاح.

رصد الظواهر

ودلل المنصوري على ذلك بصور لبعض الأماكن الصحراوية التي تم التقاطها ومقارنتها مع صور حديثة للمنطقة نفسها، لإظهار مدى التطور الذي حصل لها، من بنية تحتية وطرق ومشاريع عمرانية، ما يفيد قطاعات مهتمة برصد التحولات العمرانية في الدولة، كما أن هناك تطبيقات لرصد ومراقبة مدى تلوث الهواء في الدولة، فضلاً عن مراقبة نسبة الكلورفيل في مياه الخليج، والتي تعرف بظاهرة المد الأحمر، وتفيد في أعمال وزارة البيئة التي تراقب مثل هذه التغيرات ومدى تأثيرها على البيئة.

مشاريع الفائزين.. خرائط دقيقة وتطبيقات بيئية

 

حصل الطالبان إيهاب صلاحات وصفاء صلاحات من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والأبحاث على المركز الأول، بمشروع يهدف إلى تطوير برنامج جديد يقوم بتحديد شبكات النقل والمواصلات من صور الأقمار الصناعية، ويعتمد على استعمال صور الأقمار الصناعية الملتقطة من القمر الصناعي «دبي سات 2»، ومعالجتها بهدف بناء شبكات النقل في الدولة والعالم على حد سواء، والحصول على خرائط دقيقة ومحدّثة دورياً، تخدم العديد من المستفيدين أفراداً ومؤسسات، وبذلك يكون هذا أول تطبيق إماراتي يخدم هذا الغرض، كما أنه يعتبر خطوة عربية إماراتية رائدة في أبحاث معالجة بيانات الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد.

تحليل المتغيرات

وحققت جامعة خليفة المركز الثاني في مسابقة الاستشعار عن بعد، من خلال تطبيقها المقترح، الذي يعد ابتكاراً فريداً ومهماً في الجمع بين معالجة الصور وعمليات التحليل للتنبؤ واكتشاف التغيرات التي تطرأ على سواحل دولة الإمارات، وسيعتبر المستخدمون هذا التطبيق أداة تحليلية كاملة لمراقبة هذه التغيرات، كما يستطيع المستخدم الاستفادة من هذا التطبيق بأدنى قدر من المدخلات. وتعتمد فكرة المشروع على استخدام المعلومات متعددة الأطياف من القمر الصناعي «دبي سات - 2»، للتمييز بين اليابسة والماء لتحديد السواحل ودراستها.

التحكم آلياً

ونال معهد مصدر المركز الثالث، بمشروعه الذي يعتمد على استخدام تكنولوجيا تحديد المسار باستخدام صور الأقمار الصناعية، من خلال الاعتماد على تخطيط أقصر مسار للعربة غير المأهولة (سفن الشحن)، من الميناء إلى منطقة التسرب النفطي، ويمكن الاستفادة من هذا المشروع في تخطيط مسار العربات غير المأهولة التي تكلف بالوصول إلى مصادر تسرب النفط أو تجمع الطحالب الضارة المسببة لظاهرة المد الأحمر.

كما يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لتخطيط مسارات قوارب النقل العام دون سائق، أو سفن الشحن المسيرة آليا، وفقاً للطريقة التي يعمل على أساسها المشروع. فبمجرد أن يتم اكتشاف موضع التسرب النفطي عن طريق صور الأقمار الصناعية، يمكن للعربات المسيرة آلياً أن تسلك المسار المحدد الذي يقدمه التطبيق، حيث يتم إطلاق العربة آلياً لبدء عمليات السيطرة على الأضرار دون تأخير، ما يزيد فعالية هذه العمليات ويقلل أثر التسرب على البيئة إلى حد كبير، كما تسهم هذه التقنية في زيادة فعالية ودقة عمليات السيطرة على الأضرار.