انطلقت من إمارة الشارقة، قبل أكثر من عامين، حملة إنسانية أحدثت تغييراً كبيراً في حياة الأطفال السوريين بمخيمات الشتات المنتشرة في دول الجوار، متخذة من «القلب الكبير» اسماً لها، حيث عملت على توفير الإغاثة الطارئة لهم، والتي تشمل الماء والغذاء والعلاج والمأوى، إلى جانب الرعاية النفسية والتعليم، لتصبح خلال هذه الفترة القصيرة اسماً معروفاً بقوة في مجال العمل الإنساني الفاعل والمؤثر.
وفي مايو الماضي، أصدرت قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قراراً بتحويل «القلب الكبير» من حملة إلى مؤسسة دولية تُعنى بقضايا واحتياجات الأطفال المحتاجين واللاجئين حول العالم، شعوراً من سموها بضرورة مضاعفة الجهود واستمراريتها تجاه اللاجئين والمحتاجين، وتوسيع نطاق اهتمامات المؤسسة وخاصة تجاه الأطفال، للوصول إلى فئات أوسع من المحتاجين واللاجئين حول العالم، الأمر الذي يتماشى مع قيم التكافل الإنساني في ديننا الإسلامي الحنيف، ويتوافق مع حب الخير والعطاء الذي ميّز دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، وما زال حتى اليوم علامة فارقة لصورتها وأياديها البيضاء في العالم.
ريادة إماراتية
وشكّل إطلاق المؤسسة تزامناً مع مرور عامين على اختيار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي كأول مناصرة بارزة للمفوضية، حدثاً مهماً في مسيرة العمل الإنساني العالمي، نظراً للريادة الإماراتية المشهود لها في مجال مساندة المحتاجين في الدول الشقيقة والصديقة، والحاجة إلى مؤسسة على قدر عالٍ من الكفاءة للتعامل مع تبعات ازدياد حدة التوترات التي تشهدها المنطقة، والتي أفرزت موجة لجوء كبيرة لم تشهدها المنطقة من قبل.
واستناداً إلى ما حققته «القلب الكبير» من نجاحات، تمثلت في تركيزها على تقديم الدعم للأطفال اللاجئين والمحتاجين، وسعيها إلى رفع المعاناة عنهم، وتوفير الرعاية الاجتماعية لهم، والمطالبة بحقهم في الحصول على الرعاية الصحية والخدمات التعليمية، ومنحهم الأمل بحياة أفضل ومستقبل آمن، فقد مكنتها علاقاتها الواسعة مع العديد من الجهات الحكومية المحلية والإقليمية والمؤسسات الدولية الإنسانية، من الوصول إلى أماكن بعيدة، وتنفيذ مشاريع كبيرة ومستدامة، لم تقتصر على اللاجئين السوريين الأطفال في دول الجوار، كما كان الحال سابقاً، وإنما أصبحت تشمل اللاجئين والمحتاجين من الجنسيات كافة، وفي مختلف أنحاء العالم.
ورغم توسيع مجالات اهتمامات المؤسسة، لتشمل المحتاجين أيضاً، فإن قضية اللاجئين ما زالت شغلها الشاغل، بسبب تتزايد أعدادهم كل يوم، نتيجة استمرار الأزمات في عدد من الدول العربية، حيث يُعد الوطن العربي أكبر مناطق العالم من حيث أعداد اللاجئين والنازحين، سواء على صعيد استقبال أو تصدير اللاجئين. فحسب التقارير والإحصاءات الدولية، فإن الوطن العربي من بين أول خمس مناطق مستقبلة للاجئين في العالم خلال عام 2014، كما أن المنطقة العربية التي تضم أقل من 5% من مجموع سكان العالم، يتجاوز نصيبها 53% من مجموع اللاجئين بين جميع مناطق العالم.
وتسهم الجهود التي تبذلها مؤسسة «القلب الكبير» في تمكين الدول المستقبلة للاجئين، وأيضاً الدول التي تتزايد فيها أعداد المحتاجين نتيجة الكوارث والاضطرابات، من توفير متطلبات العيش الكريم لهذه الفئات، من مأوى وغذاء وصحة وتعليم، إلى جانب توفير فرص العمل لمواصلة حياتهم إلى حين انتهاء الأزمات في بلدانهم والعودة إليها. وبفضل مساندة الأفراد والشركات والمؤسسات للمؤسسة، وغيرها من الجهات المهتمة باللاجئين والمحتاجين، سيصبح عالمنا مكاناً أكثر تسامحاً واستقراراً، وهو ما يبث الأمل في نفوس الأطفال الذين يحتاجون إلى الكثير منه، لتجاوز معاناة الماضي وذكرياته المؤلمة، والعبور إلى المستقبل بإصرار على التميّز والعطاء.
مشروعات وحملات
من هنا، أعلنت مؤسسة «القلب الكبير» بمناسبة يوم اللاجئ العالمي في يونيو 2015، عن تخصيص مبلغ نصف مليون دولار أميركي لدعم ورعاية النساء السوريات والتركيات، اللواتي نزحن خوفاً من العنف القائم على أساس الجنس أو أولئك اللواتي يعشن تحت تهديد مثل هذا العنف. ويتوقع أن تستفيد من خدمات الحملة التي ستتواصل حتى نهاية العام الجاري، حوالي ثلاثة آلاف امرأة سورية وتركية.