يبقى معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، من أبرز الشخصيات التي عاينت عن قرب المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والذي يمتلك العديد من الأسرار التي أتاح لنا معرفتها وتوثيقها للتاريخ عبر هذه السطور، والتي أكدت جميعها أن المغفور له كان يمتلك صفات القائد الفذ الذي لا يعرف المستحيل؛ وأنه كان يرى المستقبل ويرسمه كمن يرى ضوء الشمس وقت الشروق.

في جلسة هادئة اتسمت بالشفافية والصدق والحب لهذا القائد الحكيم، أكد معالي الفريق ضاحي خلفان تميم أن سعة الأفق وبصيرة العين والقلب والنظرة الثاقبة للقائد كانت أبرز سمات المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وأنه تعلم منه الكثير والكثير على مدار السنوات، وأن أبرز مقولة كان يخلدها المغفور له «لا تتحدث عن الإنجازات ودع الإنجازات تتحدث عن نفسها»، وأن أغرب المواقف التي يذكرها جيداً تلك التي تتعلق ببناء ميناء جبل علي.

القانون فوق الجميع

وقال الفريق تميم إن الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حرص على إعلاء القانون فوق الجميع دون أي استثناءات لأي أحد ودون تدخل منه، فكان المغفور له يصر على أن أي قضية يجب أن تسير وفقاً للإجراءات، وأذكر أن أحد المواطنين حضر إليه ذات يوم للتدخل في قضيته، إلا أن رده كان أن يأخذ القانون مجراه، وبالفعل أدين هذا الشخص في القضية وكانت عبارة عن حادث سير ولم يتدخل المغفور له في أي من مراحلها.

وكان، رحمه الله، حريصاً كل الحرص على أن يأخذ القانون مجراه وأن الجميع سواسية ولا فرق بين من يعرفه ومن لا يعرفه، والجميع كان يدرك ذلك، وأن «سيادة القانون كانت نموذجاً من النماذج الفريدة في إدارة شؤون البلاد»، ومن بين الأشياء التي لمستها في المغفور له الشيخ راشد، يضيف خلفان؛ أنه يكنّ للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كل تقدير واحترام وصفاء وثقة بحسن إدارته للدولة، لدرجة أنه في أحد المواقف حين وقع اختلاف على المستوى الاتحادي؛ قال الشيخ راشد «ليت كل الناس مثل زايد صادقين» ودعمه بكل ما يملك من قوة وبكل ثقة.

موقع القيادة العامة

وأضاف الفريق تميم أن الموقع الحالي للقيادة العامة لشرطة دبي من اختيار الشيخ راشد بن سعيد الذي رأى بأن تكون كل الإدارات في مكان واحد خاصة وأن مساحة الأرض كانت شاسعة ولم يكن حوله أي ملامح للعمران، ونبع هذا الاختيار من حرصه، رحمه الله، ورؤيته بأن يكون المدير والمسؤول قريباً من الموظفين في موقع العمل، وكانت نظرته ثاقبة في اختيار الموقع، وأنه منذ أن تولى سدة الحكم سعى إلى الاهتمام بالأنظمة الأمنية وتعزيز قوات الشرطة بكل الإمكانيات والمعدات والآليات والتدريبات الحديثة اللازمة ولم يرفض طلباً تقدمنا به يوماً.

سوق الحمرية

وضمن المواقف التي رواها المغفور له في أحد مجالسه، تابع ضاحي خلفان، أنه، رحمه الله، رأى شاحنة قادمة من عُمان وقد استوقفت دورية للاستفسار من الشرطي عن طريق سوق الحمرية وحاول الشرطي شرح الطريق؛ إلا أن السائق أخبره انه لا يعرف، فطلب منه الشرطي أن يتبعه وقام بالسير أمامه إلى أن أوصله إلى سوق الحمرية، وأن المغفور له كان شاهداً على هذا الموقف بنفسه، وأراد أن يعرف إلى أين يأخذ الشرطي الشاحنة لأنه كان بعيداً عن الموقف، وتبعه بسيارته إلى أن أوصل الشرطي السائق إلى موقف الشاحنات في سوق الحمرية، ووقتها أبدى الشيخ راشد إعجابه الشديد بموقف الشرطي وهو ما يدل على رقة مشاعره وتقديره للآخرين، وأنه كان بإمكانه أن يتغاضى عن هذا الموقف أو يمر عليه مرور الكرام، وأنه أراد يوصل رسالة إلى الجميع عبر هذا الموقف وهو أن الشيء الذي يسعده هو مساعدة الناس والحرص على تقديم العون لهم وإسعادهم، وهذا الموقف أسهم في فلسفتي، كما يقول ضاحي، في قيادة الشرطة بأن أجعل جهاز الشرطة محبوباً لدى الناس وأن تزول النظرة السائدة عن أجهزة الشرطة وتتحول وهو ما نجحت فيه شرطة دبي.

القائد الحكيم

ولفت الفريق تميم أن القائد الحكيم يعرف أن الحاكم يلمّح إلى الأمور ولا يدخل في التفاصيل لذلك يقال «اللبيب بالإشارة يفهم»، وأن الشيخ كان يضرب أمثلة بمواقف معينة لإرسال ما يريد إلى الآخرين، وكان يهتم بأن يعمل جميع المديرين والمسؤولين من أجل إسعاد الناس وتوفير سبل الراحة لهم، وأن الشيخ راشد كان حريصاً على حضور كل احتفالات الشرطة وكان التخريج الساعة الخامسة مساءً ومن دقة مواعيده كان يصل قبل الموعد ليوصل رسائل إلى الجميع بأهمية الوقت، وكان يهتم بتوفير المسكن لرجال الشرطة وأسرهم، واهتمامه بأمن واستقرار الفرجان والأحياء. وفي أحد الأيام قرر بناء ألف مسكن للعاملين في الشرطة وساعدتنا هذه المباني لسنوات طويلة في الاستقرار وإسعاد الموظفين.

مطار آل مكتوم

وأكد معالي الفريق تميم أن المغفور له الشيخ راشد حدد موقع مطار آل مكتوم الحالي منذ 40 عاماً، وأنه حدث النقاش 3 مرات مع العديد من الجهات أنه لا داعي لإقامة مطار آل مكتوم إلا أنه كان يصر على ترك الأرض خالية، وأنه يوجد لكل المشاريع خرائط تؤكد هذا الكلام منذ أيام حكمه، كما حدد المغفور له منطقة المارينا القريبة من الممشى، وقال إنها ستكون سياحية في المستقبل، وبالفعل حدث ذلك، مشيراً إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أكد أنه عثر على العديد من الخرائط عن مشاريع مستقبلية عملاقة وأنه كان ملازماً للوالد طوال مسيرته.

إنجازات ضخمة

وفي ما يتعلق بالإنجازات الكبيرة التي سجلها التاريخ في عهد المغفور له الشيخ راشد أشار الفريق تميم إلى أنه كان يبني دبي وكأنه يرى خريطتها الحالية وأن أهم هذه الإنجازات مطار دبي وميناء راشد وخور دبي الذي قام بتعميقه وتوسعته لمرور السفن، والنهضة العمرانية في الإمارة، فهو باني دبي.

كما أنه وضع الهيكل التنظيمي للحكومة الحالية وهي جميعها كما هي حتى الآن، والتي تضمنت البلدية والشرطة والمطارات والجمارك وغيرها وأنه باني النهضة العمرانية في دبي، لافتاً إلى أنه كان أول الحكام الذين غيروا المديرين واستبدلهم بالمواطنين بعد قيام الاتحاد، كذلك حوض دبي الجاف وميناء جبل علي، وكان يحرص على أن ينجز المشروع الأكبر والأضخم والأول، ويشدد على الإسراع في وتيرة التنمية، وهو الأمر الذي ورثه وترجمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في استكمال مسيرة التنمية التي أصبحت حديث العالم بأسره.

سرعة بديهة

وقال الفريق ضاحي خلفان تميم إن المغفور له الشيخ راشد كان واسع الأفق ورحب الصدر مع الجميع وذو سرعة بديهة تجلت في العديد من المواقف خاصة في اللقاءات العلنية مع العديد من وسائل الإعلام، وان الشيخ راشد لم يكن من الحكام الذين لهم ردات فعل عنيفة وانه هادئ الطباع ويستخدم ذكاءه ووسائل الاستعلام قبل تصديق أي خبر، ولم يكن لديه أي أساليب انتقامية من أي شخص، ولم ينفعل يوماً ضد أي شخص بتاتاً، وكان يهتم بالتفاصيل الصغيرة حتى أثناء سيره في الشارع، وكان همه الأول والأخير تعمير الإمارة، والاهتمام براحة كل مواطن، وكان يمر على المساكن الشعبية التي تبنيها الحكومة في كل مراحلها وكان يهتم بمساكنهم النابع عن اهتمامه بأبنائه المواطنين وان مجرد وجوده هناك يعزز العلاقة الأسرية بينه وبين المواطنين.

 مشاعر قومية

 أكد الفريق ضاحي خلفان تميم أن تقدير المغفور له الشيخ راشد لعلاقاته الحميمة العربية والدولية، يُترجم في إطلاقه أسماء مثل ميدان عبد الناصر ومنطقة الكرامة ومنطقة بورسعيد على أشهر الميادين في دبي والتي تعبر عن مشاعره القومية.

وكان يمنح جميع الجنسيات الفرص نفسها، وكان يرى أن غير المواطن من حقه أن يأتي ويعمل ومن حقه الحصول على فرصته، وأن احترام الآخرين من كل الجنسيات من أولوياته، رحمه الله، إذ أن شيمة أهل الإمارات إكرام الضيف.

مساكن

مبكراً؛ وقع الاختيار في عهد المغفور له الشيخ راشد؛ على منطقتي السطوة والكرامة كموقعين مناسبين لتشييد مساكن عليهما. وقرر الشيخ راشد منح الأولوية لبناء مساكن منخفضة الإيجار، وكان يتابع بنفسه سير العمل في هذه المشاريع، ولم يكتف الشيخ راشد بذلك؛ بل كان يجتمع برجال الأعمال والتجار ويحثهم على بناء مساكن، وكان يقدم القروض لمن كانوا بحاجة إلى تمويل لبناء مساكن وشقق سكنية.