سجل قسم الأذن والأنف والحنجرة بمستشفى دبي سبقاً جراحياً كبيراً من خلال إعلانه عن نجاح أول عمليتي زراعة جهاز سمع إلكتروني بجذع المخ لطفل وطفلة مواطنين في الثالثة من عمرهما.

وكانت الطفلة الأولى تعاني من تشوهات خلقية شديدة في الأذن الداخلية على هيئة انعدام القوقعة والعصب في الأذنين والطفل الثاني كان يعاني من ضمور وتشوه بالعصب بالأذنين أيضاً مما يستحيل معه العلاج بالوسائل العلاجية العادية مثل زراعة القوقعة أو السماعات العظمية.

زراعة القوقعة

وكشف الدكتور عبد الرحمن الجسمي، المدير التنفيذي لمستشفى دبي في لقاء حاص مع البيان أن برنامج زراعة القوقعة وزراعة السماعات العظمية وجزع المخ تنال رعاية خاصة من هيئة الصحة بدبي لأنه يعتبر برنامجاً وطنياً متكاملاً يضم أطباء متخصصين على أعلى مستوى في هذا المجال، حيث يضم الدكتور عزيز الله جعفر استشاري ورئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة والدكتور جمال قسومة، استشاري الأذن والأنف والحنجرة وزراعة القوقعة والدكتور محمد فوزي، استشاري أمراض السمع والتوازن والدكتور جمال يوسف، أخصائي أول أمراض التخاطب.

ويعتبر هذا البرنامج المحطة الأخيرة لعلاج المرضى ذوي الإعاقة السمعية، ويغنيهم عن مشقة السفر خارج الدولة وتكبد خسائر مالية باهظة لإجراء مثل هذه العمليات، حيث تم حتى الآن ما يقرب من زراعة 100 قوقعة إلكترونية.

طبيب زائر

وقال إن الدكتور ليفنت سيناروجلو من تركيا رأس الفريق الطبي الذي قام بإجراء هذه الجراحة المعقدة التي تم الإعداد لها منذ أكثر من عام تحت إشراف وتنسيق من الدكتور محمد فوزي مصطفى، استشاري أمراض السمع والتوازن بمستشفى دبي، حيث ذكر الدكتور فوزي أن هاتين الحالتين تم تشخيصهما بعيادة أمراض السمع والتوازن بمستشفى دبي منذ أكثر من عام وقمنا بعلاجهم بكل الوسائل المعتادة لعلاج ضعف السمع دون جدوى مما استلزم تجهيز فريق طبي كامل متخصص في إجراء هذه العمليات المعقدة ضم أطباء من مستشفى دبي ومستشفى راشد وجامعة أنقرة بتركيا.

تفاصيل

وتفصيلاً قال الدكتور محمد فوزي استشاري الأنف والأذن والحنجرة إن الحالة الأولى كانت للطفلة عذاري عبيد، 3 سنوات، مواطنة، تعاني من ضعف سمع حسي عصبي بدرجة عميق بالأذنين، وقد تم تجربة سماعات طبية قويه للأذنين لمدة أكثر من عام من دون أي تحسن ملحوظ في الاستجابة للأصوات أو التواصل مع الآخرين، مما استلزم عمل أشعة مقطعية وأشعة رنين مغناطيسي للأذن الداخلية والتي أوضحت وجود عيب خلقي بقوقعة الأذن والعصب السمعي بالأذن اليمنى واليسرى، وبناءً عليه تقرر عمل عملية زراعة جهاز سمع إلكتروني لجزع المخ وذلك لاستحالة زراعة القوقعة أو الاستفادة من السماعات الطبية، وقبل المتابعة بمستشفى دبي، سافرت الطفلة عذاري إلى مستشفى جون هوبكنز بالولايات المتحدة الأميركية لإجراء العملية وهناك فوجئت المريضة بعدم إجراء مثل هذه العمليات المعقدة بالولايات المتحدة، وبناءً عليه قررت الأسرة العودة إلى الدولة واللجوء إلى مستشفى دبي لعلاج الطفلة، وقد تم تجهيز فريق طبي متخصص بمستشفى دبي لعمل هذه الجراحة المعقدة، وقد تم بحمد الله تعالى عمل الجراحة وبإذن الله تكللت بالنجاح من دون أي مضاعفات.

وأشار إلى أن الحالة الثانية هي للطفل عبد الله سعيد، مواطن، 3 سنوات يعاني من ضعف سمع حسي عصبي بدرجة عميق ناتج عن ضمور شديد بالعصب السمعي بالأذنين، تم تركيب قوقعة بالأذن اليسرى على أمل أنه يسمع بالقوقعة ولكن الطفل لم يستفد بالقوقعة نهائياً مما استلزم عمل عملية زراعة جهاز سمع إلكتروني بجذع المخ.

سبق

يمثل هذا الإنجاز سبقاً جراحياً كبيراً ليس فقط على مستوى الدولة، بل على المستوى العالمي حيث تعتبر هذه الجراحة المعقدة الأولى من نوعها في الدولة ومن الجراحات المعدودة على المستوى العالمي، حيث يوجد حالياً أقل من 1000 مريض على مستوى العالم تم عمل هذه الجراحة المعقدة لهم، ولهذا يعتبر إجراء مثل هذه الجراحات النادرة جداً بمستشفى دبي إنجازاً وطنياً كبيراً وخطوة رائدة للوصول إلى العالمية.

 

تقديم أفضل الخدمات الطبية في مجال الإعاقة السمعية

نوه الدكتور عبد الرحمن الجسمي، المدير التنفيذي لمستشفى دبي بالدعم الكبير الذي يحظى به قسم الأذن والأنف والحنجرة لتقديم أفضل الخدمات الطبية والتعليمية والبحثية في مجال الإعاقة السمعية من خلال تبنيها لأكبر برنامج وطني في الدولة لزراعة القوقعة وجذع المخ الذي يغطي ما يقارب الخمسة والسبعين بالمائة من زراعة السماعات في الدولة، ويعتبر من ضمن البرامج المميزة في الوطن العربي الذي جذب كثيراً من المرضى من الوطن العربي إلى مستشفى دبي، حيث تم إجراء عمليات زرع قوقعة لمرضى من سوريا ومصر والسودان والجزائر وعمان والصومال واليمن وهناك حالات أخرى من خارج الدولة يتم تجهيزهم الآن لعمل عملية زراعة جهاز سمع إلكتروني بجذع المخ في مستشفى دبي.

وتم تزويد عيادة أمراض السمع والتوازن التابعة لقسم الأذن والأنف والحنجرة بأحدث الأجهزة، حيث تم إضافة الاختبارات المعملية الخاصة بجهاز الاتزان والتي تضم اختبار رأرأة العين الذي يقيم جهاز الاتزان الطرفي في كل أذن على حده، وجهاز الكرسي الدوار الذي يقيم قدرة الجهاز العصبي المركزي على التغلب على الدوار ويقيس نسبة التحسن مع العلاج التأهيلي ويأتي بعد ذلك الجهاز الحركي لفحص التوازن والذي يحدد بدقة سبب الدوخة إذا كان مصدرها هو جهاز التوازن بالأذن الداخلية أم مصدرها هو العين أم مصدرها هو الإحساس بالأطراف وتعتبر هذه الأجهزة الأولى من نوعها في الدولة.

دراسات

وخلصت دراسة إماراتية نشرت في المجلة الصحية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن ضعف السمع يعد أكثر شيوعاً إلى قدر يعتد به لدى المواليد الذين أدخلوا في الرعاية المركزة، وأن معدل حدوث فقدان السمع الحسي العصبي بين الرضع في وحدة الرعاية المركزة هو أعلى مما لدى الرضع الأسوياء، حيث يولد طفل إلى ثلاثة أطفال مصابين بضعف سمع أو صمم، من كل 1000 حالة ولادة.

ويتوقع أن 50% من أسباب ضعف السمع أو الصمم ناتج عن أسباب وراثية، بينما النصف الباقي ناتج عن أسباب غير وراثية أو أسباب غير معروفة. وتمثل الإعاقة السمعية بصفة عامة والوراثية خاصة، تحدياً لنمو اللغة الطبيعي عند الأطفال.

وتقوم الأذن بوظيفتين رئيسيتين هما السمع والتوازن وحاسة السمع هي من أجل النعم التي من بها الله سبحانه وتعالى على الإنسان ليحيا حياة طبيعية ويتفاعل مع العالم الخارجي فإذا ولد الطفل فاقداً لحاسة السمع فلن يتمكن من الكلام ولا التعلم ولا التخاطب مع الآخرين بشكل يؤهله أن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع وحيث إن الإنسان ينطق ما يسمع ويتعلم ما تستقبله حواسه والتي يعد السمع أهمها، كذلك فإن الشخص البالغ إذا تعرض لفقدان حاسة السمع فإنه يعيش معزولاً غير قادر على أداء عمله ويصبح معتمداً على الآخرين، بالإضافة إلى العديد من المشكلات الصحية والنفسية الأخرى.

أحدث التقنيات

وأوضح الدكتور محمد فوزي أن زراعة سماعة جذع المخ عند الأطفال تعتبر من أحدث التقنيات في مجال معالجة الإعاقة السمعية وتوصف بالمعقدة لأنها تعتبر من جراحات المخ الدقيقة، حيث إن جذع المخ يحمل الإشارات القادمة من جميع أنحاء الجسم إلى الدماغ، فإن حدوث أي ضرر فيه نتيجة عملية الزرع قد يؤدي إلى حدوث كارثة، ولذلك فإن هذا النوع من الجراحات يمثل الفرصة الأخيرة للمرضى ذوي الإعاقة السمعية ممن لا تناسبهم زراعة القوقعة.

وتعتبر هاتان الحالتان من الحالات الصعبة والنادرة جداً، حيث إنهما يعانيان من تشوهات في الأذن الداخلية ومجرى السمع يصعب معها استفادتهما من السماعات أو حتى زراعة القوقعة، ويبقى أمام أمامهما خياران صعبان، أولهما الاستسلام لهذه الإعاقة والحياة في عالم أصم والتواصل مع الآخرين بلغة الإشارة والتي يفقد معها المريض سماع من حوله وحماية نفسه من المخاطر التي يتجنبها الإنسان بواسطة السمع، ويكمل حياته معزولاً عن المجتمع لا يستطيع تفهم من حوله ويصعب على من حوله تفهم احتياجاته، أما الخيار الآخر فهو إجراء عملية زراعة جهاز سمع إلكتروني بجزع المخ خارج الدولة، والتي تعد أعقد الجراحات في مجال الإعاقة السمعية والتي تكلف المريض والدولة مبالغ طائلة مع صعوبة تأهيل مثل هذه الحالات.

تأهيل

وأوضح أن العملية يتبعها تأهيل سمعي وتخاطبي، وتستغرق العملية تقريباً 5 ساعات، تم خلالها زراعة جهاز سمع إلكتروني بجزع المخ، وسوف يتم تنشيط الجهاز عن طريق تركيب الجزء الخارجي من الجهاز خلال 4 أسابيع في عيادة أمراض السمع والتوازن التابعة لعيادة الأذن والأنف والحنجرة بمستشفى دبي، وبالفعل قام الدكتور محمد فوزي بتنشيط الجهاز الخارجي لجهاز السمع الإلكتروني بجزع المخ بعد شهر من أداء العملية وهناك كانت المفاجأة أن الطفلين الآن قادرين على السمع جيداً وبدآ بالفعل بإصدار بعض الأصوات والكلمات التي تدل على نجاح العملية وقدرتهما على السمع وذلك بفضل التشخيص الدقيق والتدخل السليم وبرمجة الجهاز الدقيقة والتأهيل اللازم ورعاية إدارة مستشفى دبي لمثل هذه الحالات، كما أكد أيضاً ضرورة تعاون الأهالي في الالتزام ببرنامج التأهيل ما بعد الزراعة مستعرضاً حرص البرنامج على تحسين الجودة والالتزام بمعايير سلامة المرضى قبل وأثناء وبعد الزراعة.