لم يتوقع زيد العبيدلي الذي أدمن عشق القراءة منذ نعومة أظفاره، أن حبه للاطلاع على الكتب العلمية، وشغفه بتطبيق التجارب المعملية، سيكونا زاده نحو التخصص في الهندسة المدنية يوماً، وأن هذا الحنين الذي زرعه فيه والده للكتب والمعرفة، سيكون هو نفسه ذلك الذي سيفعله مع أولاده في المستقبل، من تأصيل لحب القراءة والعلم.

شغف كبير

شغف العبيدلي هذا بدأ منذ طفولته، حيث كان منجذباً بشكل كبير لقراءة مجلات الأطفال التي كانت متوافرة في كل مكان، فضلاً عن القصص القصيرة التي كان يسبح بخياله خلالها مستمتعاً بما يدور فيها، لافتاً أنه وخلال هذه الفترة المبكرة من حياته بدأ شغفه للقراءة يزداد في العديد من المجالات.

وأضاف أنه ومع سنوات المدرسة الأولى، كان يجد متعة كبيرة في تصفح كتبه المدرسية خاصة كتاب العلوم، الذي كان يتوق خلاله إلى تطبيق التجارب العلمية منذ بداية العام الدراسي، وحتى قبل أن يقوم المعلم بشرحها للطلبة داخل الفصل، موضحاً أن يوم توزيع الكتب الدراسية كان بالنسبة له من أمتع الأيام، يبدأه بتصفح الكتب ومن ثم الاهتمام بتجليدها وكتابة اسمه عليها.

تجربة عملية

وعن ذكرياته المدرسية تطرق إلى موقف حدث له مع مدرس العلوم، الذي كان يشرح طريقة لتجربة عملية تجعل الدبوس يطفو على الماء، وبسبب حبه وشغفه بهذه المواضيع، فقد قام مسبقاً بعمل التجربة المعملية في المنزل قبل أن يشرع المعلم بهذا الدرس..

وفي يوم الدرس تفاجأ أن المعلم يخبره أن هذه التجربة لا يمكن تطبيقها عملياً، فأخبر المعلم أنه من الممكن تطبيقها، حيث إنه قد طبقها بنفسه، وحينها اندهش معلمه، طالباً منه تطبيقها أمام الطلاب وبالفعل قام بذلك، ونالت التجربة إعجاب الجميع.

مكتبة صغيرة

وأشار إلى أن هناك دوافع كثيرة شجعته للإقبال على القراءة حتى أصبحت هوايته المفضلة، مثل حب الاستطلاع والشغف إلى تعلم كل جديد، التي من خلالها يرتقي الإنسان بفكره..

وهذا ما كان يحرص والده على غرسه في نفوس أبنائه منذ الصغر، مؤكداً أنه امتلك أول مكتبة مصغرة له وعمره لم يتجاوز العاشرة، مرجعاً ذلك لتشجيع والده خاصة أن والده يعمل في المجال التربوي، ويعرف أهمية التثقيف الذاتي وهذا ما حرص على تعليمه له ولإخوته.

معارض الكتب

وأوضح أن معارض الكتب سواء في أبوظبي أو الشارقة أو دبي، تعد من المناسبات المهمة جداً في الرزنامة السنوية للعائلة، فجميع أفراد أسرته يتجولون في هذه المعارض للتعرف والبحث عن كل ما هو جديد في مختلف المجالات، لافتاً إلى أن هذه الحالة الثقافية الجميلة التي كانت تميز أسرته كان لها دور كبير في تعزيز روح القراءة..

خاصة أنه كان دائماً ما يشاهد والده يبتدئ يومه بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ما رسخ في ذهنه عشق القراءة والاستمتاع بها، مؤكداً دور المدرسة الكبير في إثراء هذا الشغف وذلك من خلال المكاتب المدرسية وحصص القراءة اللامنهجية والإثرائية.

ثقافة متنوعة

وأبان العبيدلي أنه عادة ما يقرأ في كل الاتجاهات، خاصة كتب الفقه وكتب السيرة النبوية بالإضافة إلى الكتب التي تخص مجال دراسته في الهندسة المدنية وحالياً في الإدارة الهندسية، موضحاً أن من أهم وأمتع الكتب التي قرأها، كتاب «القول المبين في سيرة سيد المرسلين دراسات في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية» للدكتور محمد الطيب النجار..

وذلك للأسلوب الممتع للكاتب، حيث يجعل القارئ يعيش جو السيرة النبوية بلغة مؤثرة وواضحة، موضحاً أن أفضل أوقات القراءة بالنسبة له، فترة ما قبل النوم، حيث يكون الذهن هادئاً خالياً من المشاغل اليومية مستعداً للاسترخاء.

مبادرة قيمة

وعن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله؛ للقراءة «تحدي القراءة العربي»، أوضح العبيدلي أنها من المبادرات القيمة والمحفزة لتشجيع النشء على القراءة، خاصة أنها تركز على طلاب المدارس في مختلف المراحل..

مؤكداً أن الدولة بحاجة إلى مثل هذه المبادرات حتى يمكن أن ننشئ جيلاً محباً للقراءة، منافساً لشباب العالم، وأنه يأمل أن يرى شباب الوطن يستغلون أوقات فراغهم في تعزيز القراءة البناءة المفيدة، حتى نستطيع أن نحقق هذا الشعار «أمة تقرأ ترقى».

الكتاب المدرسي

وشرح أنه يجب على ذوي الشأن الاهتمام بالكتاب المدرسي الحالي خاصة الكتب المتعلقة بالمجال العلمي، حيث إنها تحتاج إلى الكثير من الإضافات حتى تكون محطاً لاهتمام الطالب، فهي حالياً عبارة عن اقتباسات وترجمات حرفية من مناهج خارجية، موضحاً أنه لا يعارض فكرة الاستفادة من الخبرات الخارجية التي سبقتنا في منظومة التعليم..

ولكن يجب أيضاً على من يقوم بوضع هذه المناهج للطلبة مراعاة أن الطالب العربي طالب متذوق للأسلوب والمادة، مبيناً أنه من وجهة نظره يرى أن الكتب المدرسية في صورتها الحالية جافة وتفتقر إلى الأسلوب الذي يجذب الطالب.

مثل أعلى

وأردف أن من أهم الدوافع التي جعلته يبدأ في تكوين مكتبته الشخصية، وجود مثل أعلى له في هذا المجال، حيث كان جده، رحمه الله، يمتلك مكتبة كبيرة، وسار على الدرب نفسه والده الذي يمتلك مكتبة خاصة به، معتبراً أن ذلك هذا هو السبب الرئيسي الذي شجعه لإنشاء مكتبته الشخصية.