جسّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، نموذجاً فريداً في التواصل مع الناس بشكل عام، ومع القطاعات المختلفة، وهذا التواصل تجلى عبر أشكال عديدة، كان من أبرزها التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في أواخر أكتوبر 1999، افتتح صاحب السمو مدينة دبي للإنترنت، كأول منطقة حرة للتجارة الإلكترونية في العالم، بهدف تعزيز المكانة التي تليق بدبي، ويومها كان سموه يدرك أن الإنترنت والتجارة الإلكترونية ستكونان العامل المحرك لعالم الغد الذي تقوده الأفكار المبتكرة.
وفي يناير 2001، افتتح سموه مدينة دبي للإعلام، بهدف تعزيز مكانة دبي وتحويلها إلى وجهة إعلامية رائدة، يومها كان يدرك أن تكنولوجيا المعلومات والاتصال قد غيّرت قواعد صناعة الإعلام إلى الأبد، تماماً كما غيّرت قواعد الاقتصاد والتجارة، وللإعلام اليوم بنية تحتية عالمية قوامها شبكة مترابطة ومتداخلة من الأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر والإنترنت والإنتاج التلفزيوني والإذاعي والصحفي والسينمائي.
لم يكن يومها محمد بن راشد يحلم، بل كان مدركاً أننا على مواعيد قريبة مع تغيرات جوهرية أخرى، سيكون من شأنها تعزيز فكرة القرية الكونية، وتعميق حرية انسياب الأفكار والمعلومات والسلع والخدمات والأموال.
ولأنه قائد استثنائي، لم يكتفِ محمد بن راشد بأن أوجد الأسس البنيوية لهذا التحول القادم في عالم الاتصالات والإعلام، بل إنه عمل على صياغة ذلك التحول والانخراط فيه مؤثراً ومتأثراً، وما هي إلا فترة بسيطة حتى أصبح سموه من أكثر زعماء العالم استخداماً لتقنيات الإعلام الجديد، حيث سخّرها في التواصل مع أبناء شعبه وأمته ومع جمهور الإعلام والإنترنت عبر العالم، من خلال موقعه الإلكتروني الذي اعتمد عليه للتواصل مع الإعلاميين ومع الجمهور، فأجرى جملة من الحوارات الإلكترونية المباشرة مع الإعلاميين ومع الجمهور من مواطنين ومقيمين.
وشهدت تلك الحوارات الإلكترونية إقبالاً منقطع النظير من قبل المواطنين والمقيمين والإعلاميين المحليين والإقليميين، باعتبارها أول تجربة لحاكم من الحكام.
واستمراراً في نهج التواصل المباشر مع الناس، دشن سموه حساباته الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي، بداية من يونيو 2009، عندما دشن حسابه الرسمي على «فيسبوك»، ليصبح خلال فترة وجيزة واحداً من أكثر عشرة زعماء حضوراً وتأثيراً في شبكات التواصل الاجتماعي في العالم، حيث تجاوز عدد متابعيه على شبكات التواصل حاجز الـ10.5 ملايين متابع من مختلف أنحاء العالم.
وإذا كان أغلب الزعماء يستخدمون حساباتهم على شبكات التواصل واجهة إعلامية وحسب، فإن سموه يتعامل مع شبكات التواصل كقنوات تواصل واتصال مع أبناء شعبه وأمته، فتحول حسابه إلى منصة لإطلاق المبادرات، ولإطلاع أبناء شعبه على أهم الأخبار والقرارات، ولتلقي الأفكار والمقترحات في مختلف القضايا، كما يستخدم سموه شبكات التواصل منصة لتحفيز الناس وحثهم على التفاعل والفعل الإيجابي.
في هذا الإطار، استغل سموه حضوره على شبكات التواصل لإطلاق العديد من المبادرات، من أبرزها الإعلان لأول مرة في التاريخ عبر شبكات التواصل الاجتماعي عن إجراء تعديل وزاري في الحكومة، وذلك في مارس 2013.
وفي ديسمبر من العام نفسه، أطلق سموه مبادرة العصف الذهني لتطوير قطاعي الصحة والتعليم، حيث خاطب الجمهور بقوله: «برجاء إرسال أفكاركم على موقعي http://www.uaepm.ae وأسئلة الفيديو على rainstorming@uaepm.ae ومشاركاتكم في تويتر #العصف_الذهني_الإماراتي».
وهكذا تحولت شبكات التواصل إلى ممارسة عند سموه، يطل فيها على الجمهور، إما طالباً للرأي أو معلناً خبراً أو مطلقاً مبادرة، أو مهنئاً بمناسبة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد طلب سموه من الجمهور ترشيح أوائل الإمارات ليتم تكريمهم، وعرّفهم ببعض المتفوقين من أبناء الإمارات، كالسيدة الفاضلة موجهة الرياضيات خولة الحوسني.
لقد سخّر سموه شبكات التواصل في الوصول إلى كل بيت داخل الإمارات، إما مهنئاً كما حدث مع طلاب المدارس الذين هنأهم في منازلهم بتفوقهم، أو معزياً كما حدث مع الممرضة الإماراتية الأولى سلمى الشرهان.
استخدم سموه تلك الشبكات للإعلان عن المبادرات الوطنية ودعوة الناس إلى التفاعل معها كمبادرة يوم العلم، حيث دعاهم إلى رفع العلَم فوق منازلهم ومكاتبهم في التوقيت نفسه احتفالاً بيوم العلَم، ومبادرة «شكراً حماة الوطن» التي دعا سموه الجمهور من خلالها إلى الاحتفاء بحماة الوطن الذين يضحون بأرواحهم في سبيل حماية وطنهم ونصرة أشقائهم، ومن ثم الإعلان عن تخصيص يوم الشهيد تخليداً لشهداء الإمارات البواسل.
ويمتد استخدام سموه لشبكات التواصل إلى مختلف مناحي الحياة، فقد دعا سموه الجمهور إلى المشاركة في مبادرة «أسبوع الابتكار»، من خلال المبادرة والمشاركة بتقديم الأفكار والمقترحات الإبداعية.
ومبادرة «هل أنت سعيد في دبي»، حيث فاجأ سموه الجمهور برسالة نصية على هواتفهم الذكية، يسألهم: هل هم سعداء في دبي؟ كما فاجأ سموه فريق عمله في حكومة الإمارات برسالة شكرهم فيها على مقترحاتهم وأفكارهم، مؤكداً لهم أنهم جميعاً محل تقديره واهتمامه، ومعلناً عن إنشاء صندوق لتبني ودعم أفكارهم معنوياً ومادياً.
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل إن سموه لا يترك مناسبة، سواء كانت وطنية أو اجتماعية أو دينية، إلا أطل من خلال شبكات التواصل، مهنئاً المواطنين والمقيمين على أرض دولة الإمارات، بل تعدى الإمارات إلى تقديم التهنئة للدول والشعوب الشقيقة في أعيادها الوطنية، وهو ما يحدث مع كل دول الخليج في أعيادها الوطنية.
يمكن القول إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد فتح أبوابه أمام الجمهور، ووفّر لهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي قنوات تواصل ووصول لا توصد أمامهم، في أي وقت وزمان، وأصبح بإمكان أي كان تقديم شكواه وعرض مظلمته أو تقديم مقترحه أو مبادرته إلى سموه مباشرة، وهو واثق بأن صوته وصل إلى سموه، وأن الإجراء المناسب سيُتخذ دون تأخير.