شكلت تضاريس الإمارات المختلفة بيئة آمنة وملاذاً للعديد من الحيوانات والطيور التي تجاوزت 460 نوعاً تعيش في بيئات مختلفة، كما شكلت هذه التضاريس موائل مؤقتة للطيور المهاجرة التي قدرت أنواعها، حسب الإحصاءات التي أعدتها وزارة التغير المناخي والبيئة بأكثر من 388 نوعاً، أي ما نسبته 84% من أنواع الطيور في الدولة.

وعزت الوزارة احتفاظ الدولة بهذا التنوع الكبير من الطيور إلى وجود قوانين وتشريعات أسهمت بصورة مباشرة في الحد من انقراضها، كما شكل الموقع الجغرافي الذي يقع على المسارات المهمة لهجرة الطيور وتوفر المحميات والموائل الطبيعة عاملاً آخر لاستقرار هذه الطيور.

تضاريس طبيعية

وقال أحمد الهاشمي مدير إدارة التنوع البيولوجي في الوزارة: إن أنواعاً مختلفة من الطيور اتخذت من تضاريس الدولة بيئة، وذلك لما تتفرد به من طبيعة وحماية، والتي هي مطلب أساسي لتكاثر هذه الحيوانات التي تقصد الدولة في مواسم مختلفة.

وأضاف: منها طيور الغاق الكبير والخرشنة بيضاء الخد، والعصفور أصفر الحلق، والطيور الجارحة، مثل عقاب السهول والعقاب الملكي، بالإضافة الى أنواع أخرى مثل مالك الحزين «البلشون الأبيض الكبير»، والنحام الكبير (الفلامنغو) الذي يظهر في المناطق الساحلية في الدولة.

وتابع: تعد الدولة ملجأً العديد من أنواع الطيور المهاجرة، البرية والبحرية، مستفيدة في ذلك من دفء المناخ وتوفر الغذاء على طول مسار الهجرة، أو في أماكن الراحة والتكاثر، مشيراً إلى أن غنى الدولة بالجزر والمناطق المحمية أسهم في إيجاد محطات وموائل مهمة للطيور المهاجرة، حيث تمّ تسجيل بعض المحميات في القائمة الدولية للأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية التابعة لاتفاقية (رامسار) مثل محمية الوثبة في أبوظبي ومحمية رأس الخور بدبي ومحمية خور كلباء وجزيرة صير بونعير في الشارقة.

تنوع بيولوجي

وأشار إلى أن إنشاء هذه المحميات جاء في إطار تخفيف الضغوط التي تتعرض لها الطيور المهاجرة، وتوفير أقصى درجات الحماية في سبيل المحافظة على التنوع البيولوجي، وتعزيز الاستدامة البيئية بما ينسجم مع أهداف الخطة الاستراتيجية الدولية للطيور المهاجرة، وتحقيقاً لرؤية الإمارات 2021، مؤكداً أنه تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي لوضع الأهداف والأطر العامة لحماية الطيور وبيئاتها في الدولة.

وأوضح الهاشمي أن الطيور توجد في فترات مختلفة من السنة على حسب النوع، لكن أغلبيتها وأهمها تكون في فصل الشتاء والبقية في فصلي الربيع والخريف، ونسبة قليلة في فصل الصيف، وينحصر مسار هجرة البعض من هذه الطيور من مناطق أوروبا إلى أقصى شمال آسيا، حيث جبال الهيملايا، والبعض الآخر من شمال أفريقيا إلى جنوب وجنوب شرق آسيا.

المجتمع الدولي

وأكد الهاشمي أن وزارة التغير المناخي والبيئة تقوم بحماية هذه الأنواع من الطيور المهاجرة التي تعتبر جزءاً أساسياً من ضمن جهودها في المحافظة على التنوع البيولوجي العالمي، والتزاماً منها بالعمل إلى جانب المجتمع الدولي لمواجهة الضغوطات الطبيعية والبشرية التي تهدد هذا التنوع، خاصة بالنسبة للمهددة بالانقراض، من خلال سن التشريعات الهادفة إلى المحافظة على التنوع البيولوجي بما في ذلك تشديد العقوبات على الصيد الجائر للطيور والحيوانات البرية والبحرية ومكافحة الاتجار غير المشروع بأنواعها.

وتابع أن الوزارة تسعى إلى زيادة عدد المناطق المحمية التي تشكل ملجأ آمناً للتعشيش والتكاثر، وتضم الدولة حالياً 35 منطقة معلنة رسمياً كمحميات طبيعية، إضافة إلى عشرات المناطق المحمية فعلاً، ولكنها لم تعلن رسمياً بعد.

خطط وبرامج

ولفت الهاشمي إلى أن الوزارة تقوم بمكافحة التلوث البحري وتأهيل المناطق المتضررة ووضع الخطط والبرامج لحماية البيئات الهشة من التوسع المدني، وكذلك تنفيذ مجموعة مهمة من برامج الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي الهدف منها المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض، وإكثارها وإطلاقها في مواطن انتشارها الطبيعي، وفي مقدمتها الصقور والحبارى، وبالإضافة إلى ذلك فقد انضمت الدولة إلى العديد من الاتفاقيات الدولية والتي تهدف إلى حماية هذه الطيور على المستوى الوطني والإقليمي والدولي مثل اتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية المحافظة على الأنواع المهاجرة، ومذكرة التفاهم المتعلقة بالطيور الجارحة المنبثقة منها، واتفاقية الاتجار الدولي بالأنواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض- سايتس (CITES)، واتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

قصة نجاح

علاوة على الجهود التي تقوم بها الدولة في رعاية الطيور وحمايتها، فهي تقدم برامج ومبادرات لإكثار بعض الأنواع وخصوصاً النادرة، والتي باتت الحبارى أصدق شاهد على هذا الحرص، حيث سجلت محميات دبي قصة نجاح متميزة، بإكثار طائر الحبارى الذي اشتهر بضعف تأقلمه خارج موطنه وصعوبة تكاثره، ولكن على الرغم من ذلك تمكنت أنثى الحبارى من أن تبيض وترعى بيضها حتى تفقس في غير موطنها الأصلي بشكل طبيعي دون تدخل البشر. ولهذا فإن تفقيس بيض الحبارى في صحراء دبي يمثل أمراً لافتاً ونادر الحدوث.

وتعتبر الحبارى من الطيور المهاجرة التي لا تستقر في الدولة غير أنها باتت الآن تستوطنها وتفضل البقاء فيها، حيث تتغذى هذه الطيور على ما تجده في البيئة حولها، وتتناول أنواعاً مختلفة من النباتات (كالبذور، والثمار الجافة، والأوراق النباتية)، وتتغذى أيضاً على اللافقاريات (كالخنافس، والجراد، والعقارب)، والفقاريات الصغيرة مثل (السحالي) والقوارض الصغيرة، وأفراخ الطيور المعششة على الأرض، وتركز على البروتينات كطعام أساسي قبل الهجرة، لمساعدتها على قطع مسافات كبيرة بالاعتماد على الشحم المخزن بالجسم.

محفزات الهجرة

يذكر أن هناك محفزات للهجرة أو الشروع فيها من قبل الطيور، وتختلف حسب الأنواع ومن عام لآخر، لذا فإن سلوك الهجرة ليس معروفاً تماماً، وهذا ما يسعى علماء الطيور لربط حلقاته لتكتمل الصورة لديهم.

إلا أن ما يعرف حول محفزات الهجرة يكمن في مجموعة من التغييرات مثل: طول النهار وانخفاض درجات الحرارة، والتغيرات في توفر الغذاء، وميل وراثي لدى الطائر.

تشريع اتحادي

نصت التشريعات الوطنية للقانون الاتحادي رقم 24 لسنة 1999 في شأن حماية البيئة وتنميتها في المادة (12) على حظر صيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والبحرية المحدد أنواعها في القوائم أرقام (3،2،1) المرفقة بهذا القانون، كما يحظر القانون حيازة هذه الطيور والحيوانات أو نقلها أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة إلاّ بعد الحصول على ترخيص من السلطات المختصة، ويحظر كذلك إتلاف أوكار الطيور المذكورة أو إعدام بيضها.