أثبتت المرأة الإماراتية القدرة على تحمل المسؤولية في مختلف مواقع العمل الوطني، حققت إنجازات وأظهرت كفاءة عالية وقدرة كبيرة على أداء المهام، ليس في العمل المكتبي أو المدني فحسب بل في صفوف القوات المسلحة.

انخرطت المرأة الإماراتية منذ وقت مبكر في العمل العسكري، وأصبحت تقوم بدور متميز ورائد في القوات المسلحة، حيث كانت بداية مشاركتها في المجال العسكري من مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية، التي تأسست عام 1990، بالتزامن مع حرب الخليج الثانية، لتنتشر ثقافة التطوع فيما بعد وتفتح مجالات كثيرة للمرأة في مجال العمل العسكري، في ظل دعم القيادة الرشيدة اللامحدود.

محطة مهمة

وتعد مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية أول مدرسة عسكرية لتدريب الإناث في الدولة وعلى مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكانت محطة مهمة لبدء القوات المسلحة بتدريب الإناث ضمن كوادرها، حيث تأسست المدرسة بناء على توجيهات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

ثقة ودعم

وحظيت المرأة في القوات المسلحة بثقة واهتمام ودعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لتثبت أنها أهل لهذه الثقة والمكانة على مدى أعوام من العمل الجاد المثمر.

وأصبحت رقماً لا يستهان به، سواء من العسكريات أو المدنيات، من خلال ما وصلت له من مناصب ورتب ومساهمتها في المسيرة المظفرة للإنجازات المهمة والمتطورة في التحديث والجاهزية والكفاءة والاقتدار، التي شهدتها القوات المسلحة للدولة.

ومشاركتها بتميز وتفوق في الدورات التدريبية، وكذلك تفوقها في الإدارة ومختلف أنواع العمل العسكري، كما أنها انخرطت في مهام القوات المسلحة التي تستهدف الحفاظ على السلم العالمي في بقاع مختلفة من العالم، ومدت أيادي العون والمساعدة للشعوب المنكوبة.

وتتيح القوات المسلحة المجال للمرأة للانخراط في المجال المدني لتتولى الوظائف الإدارية المتنوعة التي تزخر بها أقسام وشعب ومديريات القوات المسلحة وفي مختلف التخصصات العلمية والمهنية.

في الوقت ذاته، تحرص الدولة على إرسال عدد من النساء للدراسة في أكاديمية «ساندهيرست» العسكرية الملكية، ليخضعن للدورة الدراسية نفسها التي يخضع لها زملاؤهن من الرجال في هذه الكلية العريقة.

دور متميز

وتحرص سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، على دعم المرأة في العمل العسكري، وتشجيعها بشكل مستمر على الانخراط فيه، حيث تؤمن سموها بأن المرأة الإماراتية قادرة على الاضطلاع بدور متميز في مجال العمل العسكري.

وقد عبرت سموها عن رؤيتها لدور المرأة في الخدمة العسكرية في أول احتفال بيوم المرأة الإماراتية في أغسطس العام الماضي، حينما أكدت سموها «أن النجاح منقطع النظير الذي حققته المرأة الإماراتية في مجالات عديدة لم يقف عند حد وكما كانت شريكاً للرجل في كل المجالات فأصبح لزاماً عليها أن تدافع عن هذا النجاح، وأن تنضوي تحت لواء الخدمة العسكرية للذود عن حياض الوطن الذي وفر لها كل شيء».

ونوهت سموها بتضحيات أمهات شهداء الوطن، وقالت: «إننا ندرك حجم التضحيات الملقاة على عاتق المرأة تجاه وطنها الغالي، وإننا لنشاطرها الهم نفسه فقد قدمت وتقدم دماء أبنائها الزكية خالصة وفداء للوطن وحماية له وصوناً لترابه.. إنهم شهداء الوطن الأبناء البررة، والتي ستبقى ذكراهم وسيرتهم العطرة خالدة ومحفورة في ذاكرة تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، ننحني أمامهم إجلالاً وإكباراً وتقديراً لتفانيهم ولصبر أمهاتهم، وبذلك تسطر المرأة الإماراتية أروع الأمثلة في التضحية والوفاء ونكران الذات».

الخدمة الوطنية

وتتوالى نجاحات المرأة الإماراتية والتي لم تتوقف عند مجال معين بل كانت سابقة للانخراط في الخدمة الوطنية برغبتها على الرغم من أن الانضمام لها اختيارياً، حيث أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في عام 2014 القانون الاتحادي رقم 6 بشأن الخدمة الوطنية والاحتياطية، تأكيداً على ما ورد في المادة 43 من دستور الإمارات التي تنص على أن الدفاع عن الاتحاد فرض مقدس على كل مواطن وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون.

ورغم أن هذا القانون ترك للفتيات الإماراتيات حرية الالتحاق بالخدمة الوطنية على أن تكون مدة الدورة التدريبية لهن «تسعة أشهر» والتي أصبحت لاحقاً 12 شهراً، واشترط القانون موافقة ولي أمر الفتاة للسماح لها بالالتحاق بالخدمة، إلا أنهن حرصن على الانضمام للخدمة الوطنية والاحتياطية، ليضربن أروع الأمثلة في الانتماء والتضحية والولاء للوطن.

وإشراك المرأة الإماراتية في مشروع الخدمة الوطنية هو تقدير لها، واعترافاً بدورها باعتبارها شريكاً فعالاً في عملية الخدمة المجتمعية، كما أنه يعطي المرأة مكانة متميزة ولا يفرقها عن الرجل في الحقوق والواجبات.

فأحد أهداف الخدمة المدنية هو العمل على إعداد كادر وطني نسائي ذي كفاءة للانضمام في صفوف القوات المسلحة وغـرس مبـادئ المواطنـة والتفانـي فــي حب الوطن والدفاع عنه، إضافة إلى توفير البيئــة الآمنـة للتدريــب وتذليــل الصعاب ووضع مصلحة الفرد من أجل المصلحة العامة.

وتنفيذ أساليب وبرامج تدريب حديثه ومنتقاه، والعمل على غرس وترسيخ قيم الولاء والانتماء والتضحية في نفوس أبناء الوطن والإلمام بالمبادئ والمهارات العسكرية الأساسية إضافة إلى الانضباط واحترام القانون وإدراك قيمة الوقت.

أمهات الشهداء

ومشاركة المرأة الإماراتية في القوات المسلحة لا تقتصر فقط على أولئك اللاتي حرصن على الانضمام للعمل في الجيش والقيام بأدوار عسكرية مباشرة، وإنما أيضاً هناك أمهات شهداء الوطن الأبرار اللائي يقدمن نماذج حقيقية في التضحية والانتماء لهذا الوطن الغالي، فهؤلاء يقدمن أرواح أبنائهن فدءاً للوطن في ساحات الحق والواجب.

حيث الشرف والبذل والعطاء للوطن والشهادة، وقد لعبن دوراً كبيراً في تربية أبنائهم الشهداء الأبطال على حب الوطن والانضمام للقوات المسلحة، التي تتيح لهم خدمة الوطن بشكل مباشر، وبفضل هؤلاء الأمهات أيضاً، ترسخت ثقافة الشهادة لدى أبناء الوطن جميعاً، وهذا يبدو واضحاً على تنافس أبناء الوطن جميعاً على الانضمام إلى صفوف القوات المسلحة، ورفع علم الدولة في ميادين الحق والواجب، إعلاء لمبادئ الإمارات.

لهذا يستحق أمهات الشهداء كل تكريم وتقدير، لأنهن بحق قدمن نماذج مضيئة من أبناء الوطن ستظل ذكراهم محفورة في ذاكرة هذا الوطن، وقد أكدت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أن أمهات الشهداء هن النموذج الحقيقي للأم الإماراتية الوطنية المعطاءة، ووجهت سموها كلمة لأمهات شهداء الدولة في مناسبة يوم الأم، قالت فيها: «في ذكرى يوم الأم أقول لأم الشهيد اصبري لأنك أنت القدوة والمثال فقد قمت بتقديم أعلى درجات التضحية لأنك وهبت ابنك وفلذة كبدك من أجل الوطن".

كما يعكس حرص القيادة الرشيدة على توظيف كافة طاقات الوطن، ففي إطار سعي الإمارات إلى تحقيق التفوق والريادة، فإنها تتيح لجميع أبنائها، رجالاً ونساء، المشاركة الفعالة في كل مجالات العمل الوطني، بما فيها العمل العسكري.

وهذا يرجع إلى الرؤية الثاقبة للراحل المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتي يسير عليها ويعززها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله.

وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وهي الرؤية التي تؤمن بأن المرأة عنصر رئيسي في بناء وتكوين القوات المسلحة.

9 جوائز لتكريم وتحفيز المنتسبات

نجحت جمعية الشرطة النسائية الإماراتية منذ إطلاقها في عام 2011، بناء على تعليمات الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، في إطلاق تسع جوائز، هي المرأة المعاقة والأم العسكرية المتميزة والأسرة العسكرية المتميزة والتفوق والإبداع لأبناء العاملين في الداخلية وخدمة المجتمع والعمل البطولي والتفوق العلمي والأداء المتميز.

تحفيز

وتتمثل رسالة الجمعية، في الوصول إلى شرطة نسائية تتمتع بأعلى درجات الكفاءة، وامتلاك بيئة عمل الأكثر تحفيزاً لطاقات العنصر النسائي، وخلق جيل جديد من القيادات النسائية في الشرطة.

وتتكون الجمعية من عدة لجان، منها اللجنة الاجتماعية الثقافية والتدريب والتطوير والبحوث والدراسات والصحية والرياضية والمرأة المعاقة واللجنة الإعلامية والعلاقات الداخلية والخارجية والمالية.

ومنذ إطلاقها رسمياً، نظمت جمعية الشرطة النسائية الإماراتية، عدداً من الفعاليات والمؤتمرات، والتي تصب في تحقيق رسالتها وأهدافها، في زيادة نسبة العنصر النسائي في سلك الشرطة، والعمل على أن تكون جمعية الشرطة النسائية الإماراتية، المرجع الإقليمي لجميع الجمعيات والمنظمات ذات العلاقة.

والاهتمام بشؤون المرأة العاملة في قوة الشرطة في الوطن العربي، إضافة إلى التسهيل والمساهمة في المناقشات حول القضايا التي تهم الشرطة النسائية، وتطوير شبكة من الاتصالات المهنية والاجتماعية مع الشرطة النسائية محلياً ودولياً.

عضوية

وحصلت الجمعية على العضوية العالمية، حيث كان رقمها 26، وهي أول دولة عربية تدخل في مجلس إدارة الجمعية العالمية للشرطة النسائية، حيث تم اختيار الرائد آمنة مديرة لإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2012، وهو الإقليم الذي يضم 22 دولة منتسبة للجمعية العالمية.

مشاركة في «قادة المستقبل»

تحرص وزارة الداخلية على تنمية تعزيز العنصر النسائي في برنامج قادة المستقبل، حيث ينظم مركز تنمية القادة والإبداع، في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، برنامج قيادات المستقبل، بالتعاون مع جمعية الشرطة النسائية الإماراتية، لحفزهن على توسيع مشاركتهن في البرنامج.

ووفقاً لتقارير مركز تنمية القادة فإن نسبة جيدة من النساء ترشحن لدخول برنامج قيادات المستقبل، وشاركن في الاختبارات الأولية، ووصلن لمراحل متقدمة من عملية الاختيار، حيث يسهم ذلك مستقبلاً في مجال تأهيل وتمكين قيادات نسائية على مستوى الوزارة.

إنقاذ المحصورين في المركبات

أوضحت تقارير شرطة أبوظبي أن 5 مواطنات، تم تأهيلهن لإنقاذ المحصورين داخل المركبات باستخدام أحدث الوسائل والأدوات، لمواجهة مثل هذا النوع من الحوادث التي يتعرض لها الأفراد.

وخضعت 5 من عناصر الشرطة النسائية إلى تعلم فن الإنقاذ، وتخليص المحصورين في المركبات، وتدريبهن على برنامج كشف الوسائد الهوائية، وفنيات كهربة المركبات التفصيلية باستعمال «الآيباد»، وهو نظام إلكتروني جديد يساعد المنقذ على سهولة العمل؛ وتفادي الأخطار.

وتم تدريب المواطنات وتعليمهن طرق التعامل مع حوادث السيارات، وإنقاذ المحصورين وإسعافهم، والتعرف على تقنيات المركبات الحديثة والمدرجة.

ملحمة

يعكس الإقبال الكبير من بنات الوطن ومبادراتهن للانخراط في صفوف الخدمة الوطنية والاحتياطية، على الرغم من أن القانون لم يلزمهن بذلك، ملحمة أسطورية من الوفاء للوطن والولاء للقيادة، واستعداداً وطنياً لتحمل المسؤولية والشراكة الوطنية في الدفاع عن سيادة الوطن وكرامته ومكتسباته الوطنية.

ومشاركة المرأة الإماراتية في القوات المسلحة هو دليل قاطع على بسالة وجسارة وقوة المرأة الإماراتية واقتحامها المهام الصعبة التي كانت في يوم من الأيام حكراً على الرجل.