دوى خبر محاولة الاعتداء الإرهابي في الحرم المكي عميقاً في وجدان كل حي على وجه البسيطة لفداحة الخطب وعِظم التجرؤ الآثم، وكان الأثر أكبر على المسلمين لتجرؤ خفافيش الفكر الخسيس على استهداف أكثر الأماكن قداسة وحُرمة، وقد عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن تلك المشاعر في قصيدة «إجرام» حملت روح الإسلام وسماحة قيمهِ ونبلها وبراءة تعاليمهِ من لوثة التطرّف.

المطلع المُغاير للقصيدة يقدم مقارنة مفصلية تنسف محددات هذه اللوثة الشيطانية، فالبيت منذ فجر التاريخ كان محط التكريم والعبادة ووجهة السقاية والرفادة، ولم يجرؤ أحد على التطاول عليه؛ لا في الجاهلية ولا في الإسلام، باستثناء عدوان إبرهة، الذي روى ربنا الكريم قصته في سورة «الفيل» وما حاق به من تبار على يد طيور أبابيل، رمتهُ بحجارة من سجيل، فجعلتهم كعصف مأكول.

مزار السلام

فبيت الله الذي بنيت دعائمه بمنزل مبارك ظل دائماً مزاراً للسلام، تهوى إليه أفئدة الناس، تأتي إليه من كل فج عميق، تسعدُ بخدمته، وتحج إليه الرحال تنشد الأمن والأمان لا البغي والفساد في الأرض.

آمن من زاره، وكذلك الطير يغرد في ساحاته وصوامعه، وذلك توصيف شعري من سموه يعبر عن دوحة الأمان في رحابهِ، وكذلك إلى ما تمنحهُ الأشهرُ الحُرُم من خصائص وفضل تعم الكائنات، حيث لا يحل قتل غير اللديغ.

تغير الزمان

لكن الزمن تغير، ورمتنا صروفهُ اليوم بأتباع الأوهام وتلاميذ إبليس، ومن انقادوا لرأيهِ البوار، من يروعون الناس، أحرى حجيج الله في بيتهِ، مُصلين وطائفين وصائمين؛ طاهرين مُطهرين، في أثواب إحرامهم، تذوب أفئدتهم شوقاً ورحمة إلى هذه القبلة التي شُرعت للناس محجة بيضاء، غراء، ونهج خير.

كنافخي الكير يقدم أصحابُ هذا الفكر الخسيس أقبحَ ما في نفوسهم، لم يراعوا حرمة للمكان ولا للزمان، حيث الصائمون تعطر السماء أنفاس صومهم وهم يقفون يودعون خير الأشهر رمضان، يسوقون بلا حياء ولا ورع شرورهم البليدة.

محاق فكر

وتصف القصيدة في بلاغة شعرية محاق هذا الفكر، حيث لا يقوم على أسس سليمة، ولا على قيم، فنذوره لم تنذر سوى للشر.

فدرب مثل درب هذا الفكر وعر مليء بالشوك، ويضمن سموه معاني من سورة «الحج» حول عظم المكان وشعائره، فتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب.

ويقدم في ختام هذه القصيدة دعوة مباشرة إلى أهل السياسة والثقافة والإعلام بضرورة تفنيد هذا الفكر الظلامي، والتعريف بقيم ديننا السمحة، وبالإسلام الحقيقي الذي جاء هدى ورحمة للعالمين.