سيكون يونيو 2018 الموعد المتوقع لتخرج أول دفعة من الشباب المواطنين والمواطنات في برنامج «الإسعاف الوطني» لإعداد وتأهيل المسعفين الإماراتيين الذي انطلق بمبادرة من الإسعاف الوطني بالتعاون مع جامعة الشارقة وتشارلز ستورت الأسترالية، حيث استقبل في سبتمبر الماضي دفعته الأولى من الطلبة الذين سيلتحقون فور تخرجهم بالعمل الميداني ضمن طواقم الإسعاف الوطني في المناطق الشمالية.

برنامج متكامل

«البيان» تابعت ميدانياً التدريبات الخاصة لنحو 17 مواطناً ومواطنة تم اختيارهم من ضمن 400 فتاة وشاب تقدموا للالتحاق بالبرنامج الذي يعدُّ أول برنامج متكامل من نوعه لتأهيل كفاءات وكوادر إماراتية قادرة على العمل ضمن المجالات الحيوية في الدولة للعمل في مجالات الإسعاف المختلفة في المناطق الشمالية حيث يتوقع أن تتخرج الدفعة الأولى في يونيو المقبل ضمن دبلوم مدته سنة دراسية، للحصول على شهادة دبلوم مهني - فني طب طوارئ.

وقال أحمد الهاجري نائب المدير التنفيذي للإسعاف الوطني لـ«البيان»: إن الدافع الرئيسي هو تأسيس برنامج متكامل لإعداد وتأهيل كفاءات وكوادر إماراتية قادرة على العمل ضمن المجالات الحيوية في الدولة مثل الإسعاف ورفع نسبة التوطين فيه بما يتماشى مع توجهات القيادة الرشيدة، وبما يعكس التزامنا المستمر بتعزيز منظومة الخدمات الإسعافية المقدمة وبما يلبّي الطلب المتزايد على القطاع الطبي في الإمارات وذلك من خلال توفير كوادر إسعافية متخصصة من أبناء وبنات الوطن على درجة عالية من التدريب والمهنية قادرين على الاستجابة بكفاءة إلى الحالات الإسعافية والتعامل مع الخصوصية الثقافية والجغرافية لمجتمع المناطق الشمالية.

وأوضح أن الهدف المباشر من البرنامج في دورته الأولى هو استقطاب مجموعة من الطلاب والطالبات الإماراتيين للانضمام إليه للعمل ضمن طواقم الإسعاف الوطني في المناطق الشمالية، وإكسابهم المعرفة ومهارات العمل الإسعافي بما يشمل الجانبين العلمي والعملي لإعدادهم وتجهيزهم لمزاولة المهنة ميدانياً بعد التخرج مباشرة.

شروط

وشدد الهاجري على أن النقطة المهمة أن الإسعاف الوطني يستثمر في تطوير برنامج طويل الأمد قادر على تخريج دفعات متلاحقة من المسعفين الإماراتيين ومدهم بالتطوير والتدريب المستمر طوال مسيرتهم المهنية معنا حيث يتطلع إلى مضاعفة هذا العدد بالمستقبل والأخذ بعين الاعتبار المنهاج والدورات وتجارب المتدربين في تطوير الدورات القادمة من البرنامج.

ورداً على سؤال حول متطلبات الالتحاق بالبرنامج في دورته الأولى، أوضح الهاجري أن جميع الملتحقين بالبرنامج كان عليهم استيفاء عدد من الشروط أهمها أن يكون من مواطني دولة الإمارات وأن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها كحد أدنى إضافة إلى أن يكون سنّه ما بين 18 و30 وأن يوفر شهادة إنهاء الخدمة الوطنية (للطلبة الذكور) وأن يقدم شهادة حسن سيرة وسلوك وأن يجتاز كلاً من المقابلة الشخصية والتقييم العملي بنجاح وأن يكون حاملاً لرخصة قيادة إماراتية سارية المفعول وأن يكون لديه إلمام بأساسيات التخاطب باللغة الإنجليزية.

تفاعل كبير

وفي ما يتعلق بإقبال المواطنين على الاشتراك في البرنامج قال نائب المدير التنفيذي للإسعاف الوطني «تم استلام 400 طلب للانضمام إلى البرنامج، وهذا أمر تجاوز توقعاتنا نظراً لأن القطاع الإسعافي يعدُّ من القطاعات التي لا تشهد إقبالاً كبيراً من الطلبة المواطنين ولا تتواجد فيه نسبة عالية من التوطين، ونحن فخورون بالتفاعل الكبير الذي لمسناه من الكثير من الشباب من حماس ورغبة في خدمة الوطن ورد الجميل له، وإحداث فرق إيجابي في مجتمعاتهم».

وأضاف «هذا العدد أتاح لنا فرصة انتقاء أفضل المتقدمين المؤهلين الذين نجحوا في المقابلات الشخصية بامتياز وأبدوا رغبة كبيرة في أن يصبحوا مسعفين ويسهموا في إنقاذ حياة الآخرين ونحن على ثقة بأن الدورات القادمة ستستقطب أعداداً أكبر من المتقدمين لأن الوعي سيرتفع، وسيكون هناك نماذج ملموسة من الخريجين وممارستهم المهنية على أرض الواقع».

وحول المعايير التي تم اعتمادها لتقييم المواطنين المقدمين على التسجيل أشار الهاجري إلى أنه تم اختيار المشاركين في البرنامج وفق مقاييس موضوعية تشمل الفئة العمرية والمؤهل العلمي والمهارات اللغوية المطلوبة واستيفاءهم باقي شروط القبول التي تم ذكرها، والأهم من ذلك اجتياز المقابلات الشخصية التي تمنحنا فرصة التعرف عن قرب على المميزات الشخصية للمتقدمين وما إذا كانوا يتمتعون بالمهارات الحياتية المطلوبة فضلاً عن استعدادهم العاطفي والعقلي للتعامل مع الإصابات والحالات الحرجة وقدرة العمل تحت الضغط والتمتع بالجاهزية المستمرة التي يتطلبها عمل المسعف في الميدان.

آليات

وأوضح أنه تم فتح باب التسجيل في (مايو 22) وتم إغلاقه في (16 أغسطس)، وتخللت هذه الفترة حملة استقطاب مكثفة عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي إلى جانب جهود لجنة الاختيار في مراجعة جميع طلبات المتقدمين والتأكد من استيفائهم الشروط وتنظيم مواعيد المقابلات الشخصية للطلبة المترشحين ومقابلات اليوم المفتوح للطلبة الراغبين في التسجيل بالبرنامج مشيراً إلى أن البرنامج مدته عام أكاديمي واحد انطلق في جامعة الشارقة ببداية العام الأكاديمي (سبتمبر 2017 - وينتهي في يونيو 2018).

وحول عدد ساعات التدريب خلال البرنامج التدريبي وتوزيعها على التدريبات التي يتضمنها البرنامج قال الهاجري إن البرنامج يتضمن حوالي 800 ساعة أكاديمية موزعة ما بين ساعات الدراسة والعمل التطبيقي والتدريب على القيادة والتدريب في نوبات العمل بالمستشفيات، والتدريب على متن مركبات الإسعاف ودورات معتمدة عالمياً.

ورداً على سؤال حول أهم الأمور التي تحد من التحاق المواطنين في الإسعاف الوطني، وكيفية التغلب على هذه المعضلة أكد الهاجري أن التحدي مرتبط بنظرة بعض الشباب الإماراتيين لطبيعة هذا العمل لما يحتويه من ضغوط نفسية وما يتطلبه من قدرات معينة لمواجهة تحديات قد يتخوف منها مثل نظام المناوبات أو ساعات العمل أو التعامل مع مختلف الإصابات أو الحالات المرضية الحرجة التي تحتوي على بعض المشاهد الصعبة، وعدم الإلمام بالاحتياجات التدريبية والجهات التدريسية المعنية بهذا المجال.

وأضاف «نحن نعمل على تجاوز هذه التحديات من خلال إطلاق حملات توعية باستمرار عبر مختلف منصاتنا لتعزيز وعي الشباب الإماراتيين بأهمية العمل الإسعافي وما يحمله هذا القطاع من إمكانيات لتحقيق التطور الوظيفي المنشود وتحفيزهم للدخول فيه وخاصة أن لدى الشباب الإماراتيين طاقات متعددة تمكنهم من تحمل مسؤوليات هذا العمل بجدارة».

مراحل

وأوضح الهاجري أن البرنامج يتضمن عدة مراحل تشمل الجانبين العلمي يتمثل في (بناء الأساس المعرفي حول العمل الإسعافي) والعملي (التطبيق العملي لإعداد الطلبة وتزويدهم بالمهارات المطلوبة لمزاولة المهنة ميدانياً بعد التخرج مباشرة) حيث تشمل المرحلة الأولى التأسيسية التي تقدمها جامعة الشارقة تدريس الطلاب المواد العلمية الأساسية كأساسيات اللغة الإنجليزية الطبية ومقدمة في علم التشريح والفسيولوجيا ودعم الحياة الأساسي، وأما المرحلة الثانية فهي الرئيسية التي تعتمد على المنهج الأكاديمي لجامعة تشارلز ستورت الأسترالية والتي تحتوي على المواد الخاصة بالعمل الإسعافي ما قبل المستشفى كدعم الحياة المتقدم ودعم الحياة الخاص بالأطفال.

وأشار الهاجري إلى مرحلة التدريب العملي التي يشرف عليها الإسعاف الوطني وتهدف لإعداد الطلبة لممارسة العمل الإسعافي الميداني بمهنية وكفاءة، وتشمل هذه المرحلة مرافقة طواقم الإسعاف الوطني في المناطق الشمالية، والتدرب على متن سيارات الإسعاف، والتدرب في المستشفيات الحكومية والعمل في غرفة عمليات الإسعاف الوطني، بالإضافة إلى تزويد الطلبة بمهارات التواصل بما يشمل التنسيق مع غرفة العمليات ووحدات الطوارئ في المستشفيات وطواقم الإسعاف الأخرى.

مسعف ميداني

وأكد نائب المدير التنفيذي للإسعاف الوطني أن الخريجين سيحصلون على شهادة دبلوم مهني - فني طب طوارئ وسيتم تعيين الطلبة كمسعفين ميدانيين ضمن طواقم عمل الإسعاف الوطني العاملة في المناطق الشمالية فور تخرجهم بنجاح من البرنامج.

وأوضح أن البرنامج مقدم بالتعاون والشراكة ما بين الإسعاف الوطني وجامعتي الشارقة وتشارلز ستورت الأسترالية المعروفة عالمياً ببرامجها المتطورة والمتخصصة في طب الطوارئ والإسعاف وتأتي شراكتنا مع جامعة الشارقة من منطلق المكانة الأكاديمية المتميزة التي تتمتع بها الجامعة وبالأخص كلية الطب، والتي من شأنها توفير بيئة تعليمية متكاملة تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة للبرنامج.

تجربة

وحول رأيها في دور المسعف بالنسبة للمجتمع أوضحت هند أن المسعف والممرض يطلق عليهما في المجتمع ملائكة الرحمة لأنهما ينقذان أرواحاً وهذا ما دفعني لهذا العمل الذي يتطلب الإيثار والتضحية وأن أكون على قدر المسؤولية.

وأضافت أتشرف بأن أكون أول دفعة تلتحق ببرنامج الإسعاف الوطني وأن أكون من أوائل المسعفات الإماراتيات اللواتي دخلن هذا المجال وأن نكون قدوة لغيرنا من النساء للالتحاق بهذا المجال لأن الوطن يحتاج إلى مثل هذه الكوادر.

وقالت فاطمة سلطان البلوشي إنها واجهت في حياتها الأسرية حالات مرضية لأقرباء لها أصيبوا بحالات مرضية داخل المنزل كانت تستدعي التدخل الإسعافي العاجل ولعدم إلمام أسرتها بهذه الأمور فقد توفي أحد الأقرباء أمام عينها كما أن أحد أقاربنا دخل في غيبوبة أيضاً ولم يتمكن أحد من أفراد الأسرة من إنقاذه إلى حين وصول الإسعاف كل تلك المواقف جعلتها تفكر وتقتنع بأهمية ودور المسعف في المجتمع وهو الأمر الذي شجعها على الالتحاق ببرنامج الإسعاف الوطني.

متدربون: نسعى لأن نكون جزءاً من نجاحات الوطن

التقت «البيان» عدداً من المتدربين خلال فعاليات البرنامج للوقوف على أهم الدوافع التي جعلتهم يتقدمون للالتحاق بالبرنامج، حيث أكدت نورة الجناحي إحدى الملتحقات بالبرنامج أن حلمها كان دائماً يتمحور في أن تكون مسعفة ميدانية وخاصة بعد مشاركات قواتنا المسلحة في اليمن ولطالما رغبت في أن تكون معهم في الميدان تقدم خدماتها الإسعافية خارج حدود الوطن وأن نرد ولو جزءاً بسيطاً مما تقدمه الدولة لشعبها ولما وجدت هذه الفرصة الذهبية لم تتردد بالالتحاق بالبرنامج بعد أن وجدت الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تشجيع

وحول دور الأهل وتشجيعهم لنورة قالت بالرغم من أن والدي لم يشجعني على الالتحاق بسبب ظروف العمل الصعبة، إلا أن والدتي كانت من أوائل المشجعين لي وبعد تسجيلي تقبل والدي الأمر وأصبح يتابع مسار البرنامج والتدريبات التي تقدم لنا.

وفي ما يتعلق بطموح نورة بعد استكمال دبلوم الإسعاف أوضحت أن طموحها أن تكمل دراستها في نفس المجال للحصول على البكالوريوس لتكون واحدة من الإماراتيات الأوائل اللواتي التحقن بهذا المجال مشيرة إلى أن المسعف هو المنقذ الأول وهو أول شخص يعتمد عليه في حال وقوع حوادث أو حالات مرضية بعيداً عن المستشفى وبالتالي فإن طموحها أن تصبح مدربة إسعافات أولية وعنصراً نسائياً ناجحاً ونموذجاً في الإسعاف الوطني.

مساعدة الآخرين محفّز أساسي لالتحاق المواطنات بميدان الإسعاف والإنقاذ

شكلت مساعدة الآخرين المحفز الأساسي لالتحاق المسعفات المواطنات بالعمل في مجال الإسعاف والإنقاذ.

وقالت مروة أحمد العمودي إحدى الملتحقات بالبرنامج: «أردت أن أكون قدوة لبنات بلادي في أن يكون للعنصر النسائي دور في الإسعاف والإنقاذ وأردت مساعدة الناس سواء أهلي أو من حولي أو من يحتاج للمساعدة».

ووجهت مروة الشكر لمؤسسي برنامج الإسعاف الوطني وجامعة الشارقة، أقدر التشجيع المستمر الذي نتلقاه منهم ومن أهلي وأتطلع لتقديم المساعدة لمن يحتاجها وأرغب في تشجيع غيري وتحفيزهم للدخول في مجال الإسعاف.

ومعنى كلمة مسعف بالنسبة لي هو أول من يرى المريض ويقدم له المساعدة في جميع الأماكن سواء في الشارع أو العمل أو المنزل أو غرفة الطوارئ.

وأوضحت زميلتها مزون محمد حسن أن حلمها من فترة طويلة أن تكون جزءاً من فريق طب الطوارئ وعندما فتح الإسعاف الوطني المجال لنا أحببت أن أكون جزءاً من هذا البرنامج وشجعني أهلي وخاصة أنني أعيش في بيئة عسكرية وطبية لأن أختي تعمل ممرضة فدعمتني وشجعتني ونقلت لي بعض تجاربها فأحببت أن أكون جزءاً من هذا العمل بطريقة أخرى وهي الإسعاف والطوارئ.

وقالت: ستعطى لنا الفرصة بعد استكمال الدبلوم لاستكمال دراستنا وطموحي أن أدخل في الصعيد الميداني وفي غرفة الإسعاف لأن الخبرة تأتي من الميدان وهذا العمل يدفعك لمساعدة الآخرين بشكل مباشر. مضيفة: إن التحاقنا ببرنامج الإسعاف الوطني هو شرف لنا وخاصة أن هذا البرنامج قد فتح الباب لنا كمواطنين إماراتيين للخوض في هذا المجال وهو شيء نفتخر به ونسعى لنكون قدوة لغيرنا وخاصة أننا أول دفعة تلتحق بهذا البرنامج. المسعفون هم كالملائكة والبلسم الذين يقدمون الدعم الطبي والنفسي والمعنوي للمرضى والمصابين وهذا مصدر سعادة لنا ونفتخر بأن نكون جزءاً من هذا العمل الإنساني.

بدورها، أكدت هند سالم الزعابي، الملتحقة هي الأخرى بالبرنامج، أن رغبتها في مساعدة الآخرين كانت وما زالت المحفز الأساسي لها للالتحاق بمجال العمل في الإسعاف والإنقاذ وقالت عندما تخرجت من الثانوية كنت أرغب في دراسة التمريض وعندما وفر الإسعاف الوطني الفرصة للمواطنين للالتحاق بالبرنامج بالتعاون مع جامعة الشارقة بادر أبي على الفور بتسجيلي لعلمه برغبتي في الالتحاق بهذا المجال وأنا أعتبر نفسي من المواطنات المحظوظات لوجود أب داعم ومشجع لي في كافة مراحل البرنامج. مساعدة الآخرين المحفز الأساسي لالتحاق المسعفات المواطنات.