العطاء وفعل الخير والعمل، صفات لا ترتبط بعمر صاحبها، ما دام هناك إصرار على وضع بصمة ما في الحياة، فيما تنبئنا الأيام دائماً قصصاً تكشف عن طاقات نور، تعطي المثل والقدوة لمن أراد.. الإماراتية ثريا حديد صاحبة مشروع «أمي ثريا وصوغه» ذات الستين عاماً، واحدة من كثيرات لم يقبلن بأقل من التميز، فذهبن بعطائهن ومجهودهن إلى آفاق أرحب من النجاحات، سيقف عندها كثيرا شباب هذا الجيل، كما جعلت كل مكاسبها «وقفاً» للأعمال الخيرية.
أصل الحكاية هي تلك المرأة التي كسرت حواجز الزمن والتقاليد فأرادت أن تجعل من هوايتها في حياكة المشغولات اليدوية التراثية، منبرا لأحلامها في تكوين مشروعها الخاص، خاصة أنها عاصرت الرعيل الأول منذ زمن بعيد، والذي كان يولي اهتماما كبيرا لفنون التطريز والخياطة والتشكيل والزخرفة.
فكان ذلك معينا لا ينضب في عقلها وكيانها، خاصة أنها لامست تميزا في موهبتها وهي طفلة، ما لبثت أن التحقت بالمدرسة الابتدائية التي كانت تعد حينها الأولى في دبي بمنطقة الشندغة.
«أمي ثريا» كانت كذلك تلك الفتاة الصغيرة التي برعت في حفظ القرآن كاملا، ونظم قصائد الشعر وإلقائه، فأصبح لها محبوها، الذين لم يوفروا مناسبة إلا وألقت على مسامعهم تلك الأبيات الرقيقة التي تضفي السعادة على جلسات النسوة في كل مناسبة، ومع مرور الأيام كثرت منتجاتها التراثية وتنوعت.
فأصبح لا مفر من وجود معرض لها يجمع هذه التحف، التي ما لبثت أن لاقت إقبالا كبيرا من خارج الإمارات وداخلها، وهو الأمر الذي جعلها تلتقط أنفاسها لتستوعب نجاحها وإلى أي مدى يمكن تطويره.
ومع هذه النجاحات والمردود المادي الجيد، وجدت الأم ثريا، أنه لا بد أن يكون لفعل الخير ومساعدة المحتاجين، مكانهما اللائق في تجارتها، فكان قرارها بأن جعلت كل مكاسبها «وقفاً» للأعمال الخيرية، فقط، تأخذ ما يسد تكلفة الخامات التي تستخدمها.
وتحكي «الأم ثريا» عن حياتها الكثير، فقد كانت تلك المرأة المثابرة الناجحة في تربية أبنائها السبعة، حتى أوصلتهم إلى مناصب متنوعة ومرموقة.
فيما يحرصون إلى الآن على مساعدتها في أشغالها، التي تقول عنها إنها تبدأها منذ بزوغ الفجر وحتى فترة الظهر، تنتج خلالها إبداعاتها التي ترى أنها تطورت كثيرا بعد أن ساعدتها وزارة تنمية المجتمع بإشراكها في معارضها المستمرة حتى تطّور منتجاتها، خاصة أنها أصبحت تعرض في كثير من الدول الخليجية.
لم تنس كذلك «الأم ثريا» أن لها دورا مجتمعيا مهما كونها امرأة إماراتية تشارك مجتمعها نجاحاتها، فأصبحت عضوة بمجلس سيدات أعمال الإمارات، ومجلس سيدات أعمال عجمان، ومؤسسة الشيخ محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة و المتوسطة.