أطلقت حكومة دولة الإمارات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الهادفة إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، من خلال توظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتنمية الشراكات الدولية لتنويع مصادر الغذاء، وتفعيل التشريعات والسياسات التي تسهم في تحسين التغذية والحد من الهدر لضمان الأمن الغذائي في كافة الظروف والمراحل.

جاء ذلك خلال أعمال الدورة الثانية من "الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات" التي تجمع أصحاب السمو وسمو أولياء العهود ورؤساء المجالس التنفيذية والمسؤولين في الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وعقدت في أبوظبي على مدى يومين بهدف تعزيز التنسيق والتكامل في العمل الحكومي على المستويين الاتحادي والمحلي، وتعزيز التنسيق لتسريع تحقيق مستهدفات رؤية الإمارات 2021.

وأكدت معالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة الدولة للأمن الغذائي أن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي ستسهم في تعزيز مكانة الإمارات في مؤشرات الأمن الغذائي العالمي، وتحويلها إلى مركز للأمن الغذائي القائم على الابتكار، حيث تستهدف أن تكون دولة الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وضمن أفضل عشر دول بحلول عام 2021.

وقالت المهيري إن الأمن الغذائي يشكل أولوية عمل لحكومة دولة الإمارات وهو مؤشر حيوي يعبر عن فعالية وكفاءة السياسات الحكومية والتنموية والاقتصادية والبيئية، وهو رافد مهم للاقتصاد الوطني، مشيرة إلى أن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي تجسد الرؤية السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، التي تهدف إلى تحويل دولة الإمارات من دولة آمنة غذائياً إلى رائدة الأمن الغذائي المستقبلي.

وشددت المهيري على ضرورة الاستفادة من البنية التحتية واللوجستية ذات المواصفات العالمية في الإمارات لتنويع مصادر الغذاء وبناء جيل يمتلك الرغبة والمعرفة في اختيار غذاء صحي ومناسب، وتوظيف التقنيات المبتكرة وتطويع تكنولوجيا إنتاج الغذاء بما يسهم في استقرار وتنوع سلسلة الإمدادات الغذائية في الدولة، ومواجهة جميع أنواع الهدر وسوء استغلال الموارد الطبيعية، لتعزيز سلامة وجودة الغذاء والعادات الصحية السليمة ما يساهم في تقليل الحوادث الصحية الناجمة عن أمراض الغذاء بنسبة تصل إلى 35 %.

38 مبادرة رئيسية

وتتضمن "الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي" 38 مبادرة رئيسية قصيرة وطويلة المدى ضمن رؤية لعام 2051، وأجندة عمل لعام 2021، من خلال 5 توجهات استراتيجية تركز على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتحديد خطط توريد بديلة تشمل من 3 إلى 5 مصادر لكل صنف غذائي رئيسي، لاسيما وأن قيمة الواردات للدولة من المنتجات الغذائية العام الماضي بلغت 53 مليار درهم، والصادرات 10 مليار درهم، وما تمت إعادة تصديره 8.5 مليار درهم.

كما تتبنى الاستراتيجية تطوير إنتاج محلي مستدام ممكن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة حيث سيتم إنتاج 100 ألف طن إضافي من الأغذية في الأعوام الثلاث المقبلة من خلال رفع كفاءة نظم الإنتاج بنسبة 30%، إضافة إلى توفير نحو 16 ألف فرصة عمل في مجالات تقنيات الزراعة الحديثة، والحد من فقد وهدر الغذاء بنسبة 15% حيث تقدر قيمة المواد الغذائية المهدورة سنوياً بـ 6 مليارات درهم، وضمان سلامة الغذاء وتحسين نظم التغذية، وتعزيز القدرة لمواجهة المخاطر والأزمات المتعلقة بالأمن الغذائي.

تسهيل تجارة الغذاء العالمية وتنويع مصادر الاستيراد

وتسعى الاستراتيجية ضمن توجه تسهيل تجارة الغذاء العالمية وتنويع مصادر استيراد الغذاء، إلى تطوير أطر عمل تعاون فعالة مع الشركاء التجاريين الدوليين في مجال الغذاء، وتعزيز المكانة الريادية لدولة الإمارات في المشهد العالمي للأمن الغذائي، وإنشاء بنية تحتية متطورة وخدمات لوجستية رائدة لواردات الأغذية، كما تهدف إلى تطوير ونشر استراتيجيات استثمار دولية للمواد الغذائية الاستراتيجية.

إنتاج محلي مستدام ممكن بالتكنولوجيا

وضمن توجه تطوير إنتاج محلي مستدام ممكن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، تعمل الاستراتيجية على تفعيل المبادرات لتعزيز قدرات البحث والتطوير في مجال الغذاء، وتطوير برنامج يعنى باستزراع الأحياء المائية، وتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال ضمن قطاع الإنتاج الزراعي، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، وتسهيل إجراءات التعاقد الزراعي، ومواءمة الرسوم الزراعية المحلية مع مثيلاتها الدولية لتحسين الإنتاج المحلي، وتشجيع استهلاك المنتجات المحلية الطازجة، ودعم نظم التمويل للنشاطات الزراعية والغذائية.

الحد من فقد وهدر الغذاء

وتسعى الاستراتيجية ضمن توجه الحد من فقد وهدر الغذاء، إلى تطوير منظومة متكاملة لخفض نفايات الطعام ضمن سلاسل التوريد، إضافة إلى وضع الأطر التنظيمية للحد من فقدان الأغذية، بما في ذلك فرز النفايات من المصدر، وإيجاد أطر التعاون المشتركة في مجال إعادة تدوير النفايات ومعالجة المخلفات الغذائية، وإيجاد بنوك طعام متعددة على امتداد الدولة.

ضمان سلامة الغذاء وتحسين نظم التغذية

كما يشمل توجه ضمان سلامة الغذاء وتحسين نظم التغذية، إيجاد برامج تدريبية تعنى بالسلامة الغذائية الوطنية وتعزيز إجراءات السلامة والوقاية في مجال نشاطات الأغذية التجارية، وإطلاق حملات وطنية لسلامة الأغذية عبر المدارس، وإيجاد الأطر الناظمة للحد من تناول الأغذية غير الصحية التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والصوديوم، أو الغنية بالدهون المشبعة، كما ستعمل على وضع لوائح تنظيمية للمكونات الغذائية الخاصة بكل منتج غذائي، يتم نشرها من خلال حملات توعوية مستهدفة.

وتهدف مبادرات التوجه الاستراتيجي الخاص بتعزيز القدرة لمواجهة المخاطر والأزمات المتعلقة بالأمن الغذائي إلى رصد الاحتياطيات الاستراتيجية الوطنية للمواد الغذائية والأعلاف، وتطوير وتنفيذ بروتوكولات التأهب اللازمة على مستوى الدولة، وتخطيط وتفعيل مراكز التحكم التشغيلي المدعومة بالتكنولوجيا الذكية حسب المنطقة.

كما تشمل الاستراتيجية حزمة من الممكنات التي تدعم بناء نموذج حوكمة فعال للأمن الغذائي، وإعداد وتطبيق أجندة وطنية للبحث والتطوير، وتطوير قاعدة بيانات وطنية، وبناء قدرات رأس المال البشري المختص، وإشراك المجتمع لتغيير المفاهيم والسلوكيات المرتبطة بالأمن الغذائي في حراك توعوي شامل لتوثيق علاقة المجتمع بأنظمة وممارسات مستدامة، تحت مظلة "حراك الغذاء" الذي يعتبر أحد أهم ممكنات تنفيذ الاستراتيجية.

18 نوعاً رئيسياً للغذاء الوطني

وتحدد الاستراتيجية عناصر سلة الغذاء الوطنية التي تتضمن 18 نوعاً رئيسياً بناء على 3 معايير رئيسية هي معرفة حجم الاستهلاك المحلي لأهم المنتجات، والقدرة على الإنتاج والتصنيع، والاحتياجات التغذوية، وتشمل سلة الأغذية الثروة الزراعية وهي: "الفواكه، التفاح، الموز، التمر"، والخضار، وهي: "الطماطم، الخضار الورقية، الخيار، البطاطس"، والثروة الحيوانية التي تضم، "الحليب، لحوم الدواجن، البيض، لحوم الماشية، لحوم الماعز"، والثروة السمكية، "الأسماك" ومنتجات أخرى كالزيوت بأنواعها.

ويواجه قطاع الأمن الغذائي العالمي تحديات ومتغيرات عديدة أهمها شح المياه وتغير المناخ والازدياد السكاني وارتفاع الطلب على الغذاء وأنماط سوء التغذية ما يستدعي توفير الغذاء الصحي والمستدام بموارد أقل، والاستعداد لتقلبات التغير المناخي في العالم والتخفيف من استخدام الموارد الطبيعية وزيادة الابتكار لتعزيز الإنتاج الزراعي، وتشجيع الأطفال على تناول الطعام الصحي واتباع أنماط سليمة في الأكل والشرب وإيجاد حلول لتحديات الأمن الغذائي لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.