شارك في جلسة «صناعة التغيير الإيجابي» ضمن فعاليات الدورة الثالثة لقمة رواد التواصل الاجتماعي العرب، مجموعة من أشهر المؤثرين على «يوتيوب» عربياً، حيث أكد المشاركون أن الارتقاء بمجتمعاتنا العربية يجب أن تكون أولوية صناعة وإنتاج أي محتوى عربي مرئي ومسموع ، وناقشت الجلسة بعض التساؤلات التي تتعلق بكيفية وعوامل صناعة أي تغيير إيجابي للمحتوى الذي يبثه رواد التواصل على منصاتهم، وما هي المواصفات الشخصية التي يجب أن يتسم بها هؤلاء المؤثرون، فضلاً عن كيفية إعداد محتوى هذه المواد التي يتم عرضها.

واستضافت الجلسة التي أدارها عبدالله الخريف المتخصص في إدارة الإعلام الرقمي، أربعة من أشهر المؤثرين العرب على هذه المنصة، وهم البحريني عمر فاروق، والعراقيان نور ستارز، ولؤي ساهي، والسعودي محمد مشيع، الذين يتابعهم الملايين من الشباب العربي، مؤكدين أهمية الاستفادة المجتمعية مما يُبث بهدف تغيير الواقع العربي الذي نعيشه للأفضل.

وفي بداية الجلسة عرض فاروق تجربته في صناعة الأفلام وإخراج القصص الملهمة، التي بدأها منذ سنوات، مشيراً إلى أنه يؤمن بأهمية إحداث فارق إيجابي في حياة الآخرين، ولذلك فإن نجاح أي رسالة يقدمها لمتابعيه تعتمد كلياً على مدى إضافة الجديد لهم وتغيير واقعهم للأفضل، علاوة على نشر وبث الروح الإيجابية، بهدف استشراف مستقبل أفضل لهم.

تحديات

وأضاف أن عالمنا العربي محاط بالعديد من التحديات، وأن برأيه أن التأثير الإيجابي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، يعد بالنسبة له الأساس الذي يمكن الانطلاق من خلاله لتفادي تلك التحديات أو تخطيها، وأن أكبر دليل على ذلك هو تبني قضايا مجتمعية مهمة لإحداث فارق إيجابي للمتلقين.

وذكر أن الفيديوهات التي يصورها تتناول في كثير منها أموراً تلامس مشكلات يعاني منها البعض في مجتمعاتنا، ضارباً مثالاً على ذلك بهذا الفيديو الخاص بما تواجهه شريحة الصم في إحدى الدول العربية، وكيف أن الفيديو حقق مشاهدات عالية جداً ما جعل رسالته تصل بمنتهى السرعة للمسؤولين عن هذا الشأن، واتخاذ خطوات إيجابية لتذليل تلك المشكلات، ولفت إلى أن متابعي رواد التواصل الاجتماعي يرون فيهم منصة مهمة لإرسال ما يطالبون به للمسؤولين، فضلا عن أنهم يحملون أحلامهم ويعبرون عنها بواقعية كبيرة.

وقال: إن كل شخص هو صانعُ تغييرٍ في حد ذاته، حيث إن التأثير في الآخرين بالإيجاب لا يقتصر على شخص بعينه، بل إن الجميع مدعوون لممارسة هذا الدور المجتمعي المهم، مبيناً أن التحدي الحقيقي برأيه هو كيفية التأثير في المتابعين لما يعرضه، وعدم استغلال مشاعرهم للترويج لأفكار أو آراء سلبية، انطلاقاً من أنهم يأخذون ما يقوله أموراً مسلماً بها.

ولفت إلى أن التجارب الناجحة تقاس بمدى استفادة المجتمع منها، خاصة أن ذلك يحمل الكثير من المشاعر الإيجابية لدى الشخص، عند لمسه مدى تأثيره على الآخرين، وانطلاقاً من ذلك فإن تجويد المحتوى الذي يعرضه يجب أن يتسم بمعايير احترافية كبيرة، ومنها وجود فريق عمل لفرز واقتراح الأفكار المهمة وكتابتها بشكل موضوعي، ووجود كاميرات تصوير تعكس الصورة بشكل جيد، مبيناً أن كثيراً من الأعمال التي صورها استغرقت شهوراً لتنفيذها بالشكل اللائق.

من ناحيتها أفادت نور ستارز التي تحظى بأحد أكبر عدد من المتابعين على اليوتيوب تعدى الـ 9 ملايين، أن صدق المحتوى مهم للوصول لعقول المتابعين وقلوبهم وأنها وجدت تحديات كبيرة مع بداياتها، خاصة أنها بدأت في المجتمع الأميركي الذي عانت كثيراً في التعبير عن نفسها بشكل يرضيها داخل محيطه، وأنها حاولت التغلب على هذه الظروف، وخاصة فيما يتعلق بتعلم اللغة الإنجليزية، وفي إطار ذلك بدأت تعليم نفسها عبر المقاطع المصورة والفيديوهات، وخلال تلك الفترة وجدت أنه لا يوجد محتوى عربي جيد يعبر عن واقع الشباب العربي بالشكل اللائق، ومن ثم كانت الخطوة الأولى إلى ولوجها هذا المجال.

محتوى إيجابي

وقال محمد مشيع، الذي يعد من ضمن أشهر أصحاب القنوات على اليوتيوب، إن من يريد صناعة محتوى إيجابي يجب أن يتسم هو نفسه بالإيجابية، فيما يعزز ذلك ببعض الصفات البسيطة مثل، الابتسامة الدائمة، وأن يكون على طبيعته، وأن تحمل ردود أفعاله إيحاءات تعكس الإيجابية في شخصيته، مؤكداً أن هذه الصفات تضمن لأي ناشط في هذا الشأن نجاحاً متميزاً بين متابعيه.

وتابع أن أكثر ما يشغل باله هو كيفية البحث عن الأفكار الإيجابية والجديدة والفارقة لتكوين محتوى الفيديو القادم له، وأن هذا الأمر يتطلب وقتاً طويلاً في العمل، خاصة أن الأمر لا يقتصر عند وجود فكرة جيدة وحسب، بل يتعداها للأمور الفنية المتعلقة بجودة الكاميرات والمونتاج وأماكن التصوير وغيرها، وأن ذلك كله لابد أن يُقدَّم في إطار احترافي.

موقف إنساني

وتطرق لؤي ساهي، الذي يملك شركة للبث الإعلامي، إلى بداياته في صناعة المحتوى المرئي، والذي عكس موقفاً إنسانياً يعتز به، وهو تلك الفتاة الصغيرة التي تدعى «زهرة» وكانت تحلم بزيارة دبي، حيث كان يعيش فيها حينها، وأنه تلبية لرغبتها بدأ في إعداد محتوى مميز تمثّل بتجميع مشاهد حية للإمارة بثها عبر قناته على يوتيوب، ما أدخل على نفسها السرور، وأن هذا الفيديو الأول له، لاقى تجاوباً ومشاركة الكثيرين، ما جعله يتنبّه لموهبة بداخله بدأ تطويرها منذ ذلك الحين.

وتابع أن صناعة التغيير الإيجابي أصبحت أساساً لعمله، حيث صناعة الفرق وتلّمس مستقبل أفضل، منوهاً أنه انطلاقاً من ذلك بدأ في إعداد محتوى يوثق لحياته وذكرياته لنقلها لأبنائه وأحفاده، وأنه في سبيل ذلك بدأ بوضع تصور تحريري مسبق لأي عمل يقوم به، بهدف إيجاد فيديوهات مؤثرة واحترافية في آن، خاصة أن ذلك يتطلب ساعات عمل طويلة ومقاطع تصوير كثيرة، ما يستدعي العمل على اختصارها واختزالها في رسالة تحمل محتوى هادفاً وفعّالاً بعيداً عن التكرار الذي يؤدي للملل.

مضمون

أكد محمد مشيع أن صناعة التغيير الإيجابي غير مقصورة على أشخاص بأعينهم، بل إن جميع الشباب العربي مدعوون ومؤهلون لأن يكونوا من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، بشرط أن يحملوا هدفاً ومضموناً لائقاً وفائدة مجتمعية، تنعكس في محيطهم على الأقل.