حرصت دولة الإمارات منذ الستينيات على إرساء أسس التسامح في المنطقة، واعتُبرت من أوائل دول مجلس التعاون الخليجي التي احتضنت كل الكنائس المسيحية الشرقية والغربية، إلى جانب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وشهدت العاصمة أبوظبي بناء أقدم الكنائس في المنطقة عام 1965، حيث شيدت كنيسة سانت جوزيف الكاثوليكية، وأصبحت مقصداً لأوائل المسيحيين في الدولة.

وفقاً لآخر إحصائية حصلت عليها «البيان»، يبلغ عدد الكنائس في دبي والشارقة 26 كنيسة، منهم 11 في دبي، و15 كنيسة في الشارقة في منطقة اليرموك، وتخدم الجاليات المختلفة في الإمارات، والجميع يتمتع بحرية كبيرة في استخراج التصاريح وممارسة الشعائر الدينية، وكذلك تقديم الأنشطة الدينية والمجتمعية المختلفة، ومنها حملات تطوعية تتعلق بعام الخير وعام التسامح وحملات التبرع بالدم وإفطار صائم وغيرها.

وأكد الدكتور عمر المثنى، المدير التنفيذي لقطاع التراخيص والرقابة بهيئة تنمية المجتمع في دبي: «أن عدد الكنائس في دبي يبلغ 11 كنيسة، 7 منها في منطقة بر دبي، و4 أخرى في منطقة جبل علي، وتعتبر كنيسة القديسة مريم الكاثوليكية، بمنطقة عود ميثاء من أقدم الكنائس في دبي، ويعود تاريخ بنائها لأكثر من تعود لنحو 51 سنة مضت وتخدم 150 جنسية، وتقام الصلوات فيها بـ17 لغة، كما أنها ليست محصورة لجنسية محددة».

ويضم مجمع الكنائس في منطقة اليرموك بالشارقة 15 كنيسة تخدم أكثر من 170 جنسية مختلفة منها الكنيسة الروسية والكنيسة الأرثوذكسية المصرية والسورية والهندية والإثيوبية وكنيسة القديس ميخائيل لخدمة الجالية الإيطالية، وكنيسة الراعي الصالح لخدمة الجالية النيبالية، والكنيسة الأرمينية وغيرها، كما تقدم خدماتها لإمارتي عجمان وأم القيوين.

وأكد عدد من رعاة دور العبادة المسيحية في الإمارات: «أن الدولة جسدت أسمى المعاني الإنسانية بطريقة فعلية منذ سنوات طويلة، وأن الإمارات في صدارة الدول التي يتمتع فيها الجميع بممارسة الشعائر الدينية وحرية العبادة لمختلف الأديان والجنسيات والطوائف».

وأشار مسؤولي الكنائس في دبي والشارقة أن أكبر دليل على التسامح منح أراضي دور العبادة مجاناَ وتسهيل كل المرافق والبنية التحتية، وسهولة استخراج التصاريح عبر تعاون غير مسبوق في دولة في العالم.

 

وقال القمص يوحنا زكريا، كاهن كنيسة العذراء وأبي سيفين في الشارقة: «إن الإمارات أصبحت نموذجاً فريداً من نوعها في تجسيد التسامح بطرق عدة، وأولها تخصيص أماكن للعبادة وبمساحات كبيرة، كما تم تخصيص عدد كبير من الكنائس في كل إمارة حتى يتمكن الناس من التعبد بحرية»، منوهاً بأن التسامح في الإمارات ليس شعارات، بل أفعالاً تقوم بها الدولة في صمت وتتخطى بها الكثير من دول العالم المتقدم.

 

خدمات

ومن جانبه، أفاد ثيؤدور يوسف، كاهن كنيسة مارمينا بجبل علي: «أنه بمكرمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تم تخصيص قطعة أرض في منطقة جبل علي بمساحة 25 ألف قدم مربعة سنة 2003، من أجل بناء كنيسة مارمينا، لخدمة الأقباط الأرثوذكس المصريين في إمارة دبي، إذ تمت إقامة أول قداس فيها في شهر نوفمبر من عام 2009، وتحظى الكنيسة بأولوية كبيرة من قبل الجهات كافة، وفي أوقات الاحتفالات تقوم الجهات المختصة في دبي بتأمين المنطقة بالكامل وتوفير غرفة عمليات متحركة للطوارئ، إضافة إلى سيارة إسعاف مجهزة، ويظل هذا العمل على مدار اليوم حتى انتهاء الاحتفالات».

وأشار ثيؤدور إلى أن الكنيسة تخدم نحو 1000 أسرة مسيحية وما يقارب من 1200 شاب، ومن المقرر أن يشهد عام 2019 احتفالات، خاصة بمناسبة مرور 10 سنوات على إنشاء الكنيسة، منوهاً بأن أي شخص يعيش على أرض الإمارات محظوظ بقادتها وشعبها وكرم أهلها، إضافة إلى الشعور بالأمن والأمان الذي لا يضاهيه أي شعور آخر.

 

مكانة

وإلى ذلك، أكد القس فيلوباتير حبيب، راعي كنيسة العذراء وأبي سيفين في الشارقة: «أن الإمارات تحظى بمكانة غالية وكبيرة في نفوس كل المقيمين»، منوهاً بأن أي ضيف للكنيسة المصرية ينبهر بالمستوى الراقي والتسهيلات وحجم الكنائس وعددها، إلى جانب توافرها بالقرب من أماكن المعيشة لغالبية المسيحيين، مما يوفر عليهم عناء الانتقال إلى موقع الصلوات.

ولفت القس فيلوباتير إلى أن الكنسية تمارس الطقوس الدينية بكامل الحرية ولا يوجد أي تدخلات، بل على العكس مجرد ملاحظات بسيطة تتم الاستجابة لها بسرعة ومحبة كبيرة، مما جعل الإمارات أفضل نموذج للتعايش الإنساني وتقبل الآخر بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ.

 

محبة

وبدوره، نوه القس مرقس أسطفانوس، راعي كنيسة مارمرقص والأنبا بيشوي في دبي، بـ«أن الصلاة في الكنيسة بدأت منذ السبعينات، وأنها تخدم ما يقارب من 550 أسرة، ونحو 1200 شاب يحضرون إلى الكنيسة على مدار الأسبوع للصلاة»، منوهاً بأن المحبة التي تمحنها دولة الإمارات والتسامح بطريقة عملية جعلت ممارسة الشعائر الدينية بأريحية كبيرة وفي جو عام من السعادة والمحبة التي أصبحت عملة نادرة في كثير من الدول.

تحفة معمارية

تعتبر الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في الشارقة من التحف المعمارية الدينية في دولة الإمارات التي تقام على قطعة الأرض الممنوحة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتمتد مساحتها إلى أكثر من 2000 متر مربع، وتكلف بناؤها نحو 30 مليون درهم، وفرتها الكنيسة الأرثوذكسية، وتم جمعها من أبناء الجالية الروسية ومن المنظمات والجمعيات المسيحية الروسية والعالمية.

وتقدّم الكنيسة وفقاً لديفيد راعي الكنيسة خدمة للروم الأرثوذكس الذين يصل عددهم إلى 100 ألف نسمة بالإمارات، ويمثلون عدداً من أبناء الجاليات الروسية والأوكرانية وروسيا البيضاء، وكازاخستان وأزبكستان ومولدوفيا ورومانيا وبلغاريا وصربيا.