أوضح رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري أن التدريبات التي يقوم بها حالياً مع رائد الفضاء سلطان النيادي في مركز لندون بي جونسون للفضاء (JSC)، التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وتستمر لأسبوعين، تستهدف إجراء أبحاث علمية تناسب المهمات قصيرة المدى إلى محطة الفضاء الدولية، وأنهما يبذلان قصارى جهدهما لترك بصمة إماراتية مهمة، مشيراً إلى أنه سيصطحب معه خلال رحلته، علم الدولة وصورة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» لدى استقباله فريق «أبوللو»، والتي كانت مُلهمة له ليصبح رائد فضاء يوماً ما، فضلاً عن وجبة «البلاليط» كنوع من الضيافة للطاقم تعكس التراث الإماراتي.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمته وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» أول من أمس للطاقم الأساسي للبعثة التي ستنطلق إلى محطة الفضاء الدولية في 25 سبتمبر المقبل، ويضم هزاع المنصوري وقائد الرحلة رائد الفضاء الروسي أوليغ سكريبوتشكا، ورائدة الفضاء الأمريكية جيسيكا مير، وحضره عدد كبير من مراسلي وكالات الأنباء والصحف العالمية.
نموذج المحطة
وقال المنصوري تفصيلاً إن برنامج التدريبات الحالية في أميركا يستهدف التعرف على مختلف وحدات ومكونات القسم الأمريكي من محطة الفضاء الدولية، والذي يضم المختبر الياباني ومختبر «كولومبوس» للأبحاث العلمية، فضلاً عن إجراء أبحاث علمية بالتعاون مع الوكالة، موضحاً أن هذه التدريبات ستكون على استخدام الأجهزة والمعدات التابعة لوكالة «ناسا» الموجودة على متن محطة الفضاء، فضلاً عن كيفية التعامل مع حالات الطوارئ لا سيما انخفاض ضغط الهواء أو تسرب غاز الأمونيا في المحطة، والتعرف على كافة أجزاء محطة الفضاء الدولية، من خلال نموذج كامل من المحطة موجود في مقر وكالة «ناسا» يضم القسمين الروسي والأميركي، وأن هذه التدريبات تأتي في إطار اتفاق بين مركز محمد بن راشد للفضاء، ووكالة الفضاء الأمريكية لإجراء مجموعة من التدريبات، فيما تشمل كذلك تجارب علمية تتضمن الأبحاث التي سيجريها فريق المهمة والتي تدرس تأثير الفضاء على البشر في بيئة منعدمة الجاذبية تقريباً.
مسؤولية
وأكد المنصوري أن هذه المهمة مسؤولية كبيرة على عاتقهم، وأنهم مستعدون لها جيداً وبذل قصارى جهدهم لإنجاحها من خلال التدريبات العالية المستوى التي يتلقونها والعمل الدؤوب الذي يقوم به مع سلطان النيادي مع الطاقم، آملاً أن يشاركوا من خلال التجارب العلمية في ترك علامة بارزة للإمارات في سجل مهمات الفضاء، والتي تسهم في إثراء المعرفة البشرية، مشيراً إلى أن الاختبارات التي ستتم على متن المحطة الدولية يعمل عليها العديد من رواد الفضاء، الذين تتلاشى بينهم الحواجز، وصولاً لهدف محدد وهو خدمة الإنسانية، من خلال الوصول لنتائج فارقة، يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى مراحل متقدمة عن القمر والكواكب الأخرى وفي مقدمتها المريخ.
من جهته أوضح يوسف حمد الشيباني، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، أن المركز يحرص على بناء شراكات استراتيجية مهمة مع كبرى وكالات الفضاء العالمية، وذلك ضمن جهودهم لدعم توجهات الدولة بإعداد كوادر إماراتية تسهم في إثراء التقدم العلمي لخدمة البشرية وتحقيق المزيد من الإنجازات في صناعة وعلوم وأبحاث الفضاء بما يخدم التطلعات الطموحة بالوصول الى اقتصاد وطني قائم على المعرفة والابتكار والإبداع.
وتابع أن مرحلة تدريبات رائدي الفضاء الإماراتيين هزاع المنصوري وسلطان النيادي مع وكالة ناسا الأمريكية، تأتي بعد اجتيازهما برنامج التدريب الشهر الماضي في المركز الأوروبي لرواد الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في ألمانيا ضمن الاستعدادات لإرسال أول رائد فضاء إماراتي بعد نحو عشرة أسابيع.
صقل مهارات
وذكر سالم المري مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية في مركز محمد بن راشد للفضاء، ومدير برنامج الإمارات لرواد الفضاء، أن هذه المرحلة من التدريبات هي أساسية لصقل مهارات المنصوري والنيادي في التعامل مع الأجهزة الموجودة في محطة الفضاء الدولية والتعرف على جوانب عدة من الحياة على متن المحطة مثل إعداد الطعام، لافتاً إلى أن الإمارات تسهم من خلال إرسال أول رائد فضاء إماراتي عربي إلى محطة الفضاء الدولية، بإثراء التجارب العلمية التي تدرس تفاعل جسم الإنسان مع بيئة الجاذبية الصغرى ومدى تحمله للتغييرات المصاحبة للسفر إلى الفضاء والعيش في ظروف مختلفة عن بيئتنا الطبيعية.
استعداد
من جهتها أفادت رائدة الفضاء الأمريكية جيسيكا مير أن الاستعداد للانطلاق في هذه المهمة شارف على إنهاء خطواته الأخيرة، وأنها ستختص بإجراء بعض التجارب على متن محطة الفضاء الدولية، تشمل إجراء الاختبارات الخاصة بالتعرف على مدى تأثير الفضاء على انخفاض حدة البصر، خاصة أن هناك أبحاثاً أشارت إلى بعض النتائج السلبية التي قد تؤثر على العين، خاصة بعد اختبارات تعرض لها بعض رواد الفضاء الذين عادوا من رحلات من المحطة الدولية، مبينة أنها ستكون معنية كذلك بجمع معلومات وبيانات عن جهاز يطلق عليه «AMS» والذي يعمل على التحقق من نظرية «اللامادة»، وأنها ستتمكن من السير خارج محطة الفضاء الدولية لإجراء مثل هذه الاختبارات.
ويشرف مركز محمد بن راشد للفضاء على برنامج «الإمارات لرواد الفضاء» الذي يعد جزءاً من «البرنامج الوطني للفضاء» ويهدف إلى إعداد الدفعة الأولى من رواد الفضاء للمشاركة في مهام استكشاف الفضاء العالمية، فيما يسهم البرنامج في تحقيق الاستراتيجية الوطنية الرامية لتطوير كوادر علمية وإعداد الأجيال القادمة وفق أعلى المستويات العالمية، ويحقق تطلعاتهم للمشاركة في الاستكشافات العلمية وطموحات الدولة في هذا المجال.
ويحظى برنامج الإمارات لرواد الفضاء بدعم مباشر من صندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الذراع التمويلي للهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، ويعد هذا الصندوق، الذي أطلق في عام 2007، الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، ويهدف إلى دعم جهود البحث والتطوير في قطاع الاتصالات في الدولة، وإثراء ودعم وتطوير الخدمات التقنية وتعزيز اندماج الدولة في الاقتصاد العالمي.
محطة بايكونور
يذهب المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة الفضاء الروسية «سويوز أم أس 15» التي ستنطلق من محطة «بايكونور» الفضائية في كازاخستان بتاريخ 25 سبتمبر المقبل، حيث سيقضي 8 أيام على متن المحطة، ثم سيعود على متن المركبة سويوز إم إس 12.ويبلغ عدد الفريق المتواجد على متن المحطة 9 أشخاص وسيجري مجموعة من التجارب لا يمكن إجراؤها على الأرض، فيما تسهم هذه الجهود في توسيع المعارف البشرية بالأرض والفضاء والعلوم الفيزيائية والبيولوجية التي تعود بالنفع على حياة الإنسان اليومية.