ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة مع جمهورية الصين الشعبية بعلاقات متينة وقوية في جميع المجالات تعود في جذورها إلى مرحلة «طريق الحرير» الذي كانت تسلكه القوافل التجارية بين الصين وآسيا الوسطى وبلاد العرب وصولاً إلى البحر المتوسط.
ومنذ تأسيس دولة الإمارات في الثالث من ديسمبر 1971 حرصت في سياستها الخارجية على إقامة جسور من المحبة والتواصل واتباع خطط إيجابية مثمرة في علاقاتها الإقليمية والدولية، حيث بنت علاقات متينة ومثمرة مع الصين في كل المجالات استمرت منذ بدايتها رسمياً مع تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في نوفمبر عام 1984 حتى الآن.
ويعود تاريخ العلاقات الثقافية بين الصين والإمارات إلى قيام دولة الاتحاد والتي توّجها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بزيارة تاريخية في العام 1990 ليتولى بناء جسور التعاون مع هذه القوة العالمية العريقة بتراثها وأصالة ثقافتها وكنوزها التراثية.
زيارات متبادلة
وأخذت هذه العلاقات تطوراً مستمراً مع زيارات متبادلة قام بها كبار القادة والمسؤولين في البلدين، وبدأت الزيارات بزيارة رسمية قام بها الرئيس الصيني «يانغ شانغكون» إلى دولة الإمارات خلال شهر ديسمبر عام 1989.. فيما قام الشيخ زايد، رحمه الله، بزيارة الصين خلال شهر مايو عام 1990، وهدفت الزيارة إلى دعم وتعزيز التعاون الثنائي بين الدولتين وتأسيس مركز الإمارات العربية المتحدة لتدريس اللغة العربية والدراسات العربية والإسلامية والتبرع لبناء مبنى كلية اللغة العربية بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين.
كما قدم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، منحة قدرها مليون دولار أمريكي إلى المركز لدعمه ودعم القائمين عليه لتغطية كل الاحتياجات اللازمة والمتعلقة بشؤون الدراسات العربية والإسلامية.
وفي مارس 2008 قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بزيارة لجمهورية الصين بهدف تفعيل وتعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين، والتي تقوم على أساس التعاون والمنفعة المتبادلة وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في عام 2015 بزيارة إلى جمهورية الصين الشعبية كتجسيد حي لحرص سموه الكبير على أهمية تنمية علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.
ومن أجل تعزيز وتشجيع التبادل الثقافي بين الصين والإمارات تم في عام 2010 افتتاح أول مدرسة من نوعها على مستوى المنطقة لتدريس اللغة الصينية في أبوظبي، والتي تهدف إلى إعداد قاعدة وطنية من الكوادر المتخصصة بحيث تشكل جسراً لتعزيز التواصل الحضاري والثقافي... كما أسست جامعة دبي معهد كونفوشيوس غير ربحي لتلبية احتياجات الكثيرين لتعلم اللغة الصينية وآدابها للطلبة وأصحاب الأعمال لتعلم اللغة الصينية وثقافتها وتقوية العلاقات التعليمية والثقافية مع جمهورية الصين فيما تدرس وزارة التربية إدخال اللغة الصينية ضمن المناهج وتخصيص مدارس لهذا الهدف ضمن خطتها المستقبلية.
ويولي الجانبان أيضاً أهمية كبرى للأحداث الثقافية التي من شأنها أن تقرب المسافة بين الشعبين، ففي عام 2015 استقطب عيد الربيع الصيني الذي يعد من الأحداث الشعبية المهمة في الصين عدداً غير مسبوق من السياح والمقيمين الصينيين، وتتمثل شعبية هذا المهرجان دبي في أنه جاء نتيجة للعلاقات المتطورة بين الشعبين والذي يهدف إلى تقوية العلاقات الثقافية بين الشعبين.
إكسبو شانغهاي
ومن أجل تعزيز العلاقات الثقافية والتجارية والسياحية بين البلدين أقام المجلس الوطني للإعلام جناحاً وطنياً ضخماً لدولة الإمارات في عام 2010 بمعرض اكسبو شانغهاي الدولي.كما شاركت دولة الصين الشعبية في 2019 في الدورة الـ10 لـ«معرض دبي الدولي للخط العربي» ممثلة بالخطاط الصيني الحاج نور الدين والذي قدم أعمالاً فنية خطية تعتمد على كتابة الخط العربي بالأسلوب الصيني محاولاً استشفاف قرابة 6 أنواع من الأساليب الصينية في تماهيها مع الخط العربي.
وتزامناً مع عام التسامح واحتفالاً بالسنة الصينية الجديدة 2019 تم إطلاق عدد من الفعاليات نظمت تحت مظلة مبادرة «هلا بالصين»، وذلك بهدف تعريف السكان والزوار بالحضارة الصينية ونظمت بالتعاون مع القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية في دبي ووزارة الثقافة والسياحة في الصين.
وشكل التعاون الثقافي الإماراتي الصيني العام الماضي 2018 مادة ثرية للقناة الصينية العربية التي تتخذ من دبي مقراً لها، حيث أسهمت القناة في إثراء الرسالة الثقافية من خلال برامجها الهادفة إلى استكشاف القيمة المجتمعية والثقافية المحلية والصينية على حد سواء.
اتفاقيات
في عام 2015 تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدد من المجالات من بينها مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي لتشجيع التعاون في مجالات العلوم وضمان جودة التعليم بين مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي في كلا البلدين، وتبادل الطرفان سنوياً المنح الدراسية الجامعية على أن يتفق الجانبان من خلال القنوات الرسمية على عددها ومجالات الدراسة... إضافة إلى توقيع اتفاقية لتبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب بين معهد «مصدر» وجامعة «تسينغوا».