نظمت أكاديمية دبي للمستقبل 5 جلسات رئيسية ضمن «سلسلة الرواد الرمضانية» خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، استقطبت أكثر من 1000 شخص من دولة الإمارات ومختلف أنحاء العالم، وسلطت الضوء على مجموعة من التحديات المستقبلية في العديد من القطاعات الحيوية بهدف استشراف ملامح مرحلة ما بعد «كوفيد 19» والاستعداد لها.

وشهدت هذه الجلسات مشاركة الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس دائرة البلدية والتخطيط بعجمان رئيس اتحاد الإمارات لكرة القدم، ومعالي عمر سلطان العلماء وزير الدولة للذكاء الاصطناعي، والدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر مدير عام دبي الذكية، وخلفان جمعة بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، وعدد من المسؤولين الحكوميين والخبراء العالميين من حول العالم.

جهود

وأشاد الشيخ راشد بن حميد النعيمي خلال مداخلة له بجهود مؤسسة دبي للمستقبل في تعريف المجتمع بأبرز التوجهات المستقبلية في مختلف القطاعات الحيوية وكيفية تطوير مهارات تصميم المستقبل وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في تطوير أفكار إبداعية تستبق التغيرات المتسارعة وتتماشى مع نهج دولة الإمارات ورؤية قيادته بأهمية تمكين المواهب والقدرات الوطنية والعقول المبتكرة وتشجيعهم على المساهمة بإحداث فارق إيجابي. وأكد أنه شهد خلال حضوره جلسات سلسلة الرواد الرمضانية ومنذ انطلاقها الكثير من الرؤى والأفكار الإيجابية التي تمثل ركيزة ينبغي البناء عليها، داعياً الشباب للاستفادة من هذه المنصة المعرفية وجلساتها التفاعلية للاطلاع على آراء الخبراء والمتخصصين حول أبرز التغيرات القادمة لدعم جهود دولة الإمارات وتعزيز مكانتها كواحدة من أفضل دول العالم استعداداً للمستقبل.

رؤية

من جهته أكد معالي عمر سلطان العلماء وزير الدولة للذكاء الاصطناعي أهمية تحقيق رؤية قيادة دولة الإمارات بضرورة توظيف التقنيات المستقبلية وأدوات التخطيط الاستشرافي في دعم الجهود العالمية للاستعداد للتغيرات الطارئة، مشيراً إلى أن الدول التي لديها رؤى وخطط واستباقية للمستقبل كان لديها قدرة أكبر على مواجهة تحديات «كوفيد 19» والتخطيط للمرحلة المقبلة بالشكل الأمثل.

جاهزية

وأكدت الدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر مدير عام دبي الذكية خلال جلسة حملت عنوان «قيمة جاهزية البنية التحتية الذكية في الظروف الحالية» أن الرؤية الاستباقية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» بإطلاق مبادرة الحكومة الذكية في عام 2013 ساهمت بتطوير بنية تحتية تكنولوجية رائدة على مستوى العالم في توفير الخدمات للجمهور حيثما كانوا وعلى مدار الساعة. واستعرضت بن بشر خلال الجلسة الجهود التي بذلتها دبي ودولة الإمارات خلال السنوات الماضية بالاستثمار في البنية التحتية وتطوير التطبيقات والحلول الرقمية للمدينة الذكية. كما تطرقت إلى كيفية تحقيق ذلك دون التأثير على الأنشطة اليومية أو على مواصلة تقديم الخدمات للمواطنين والمقيمين والزوار بسلاسة وسهولة، وهذا ما أكد أهمية الاستعداد للمستقبل للتغلب على التحديات الطارئة بسبب «كوفيد 19». وأشارت أيضاً إلى أهمية دراسة مختلف الجوانب الإيجابية في هذه المرحلة والاستفادة من الممارسات الناجحة في تصميم منظومة عمل جديدة في المستقبل.

استشراف

وقال خلفان جمعة بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل إن هذه المرحلة تتطلب تسريع العمل وتنفيذ الخطط المرتكزة على الأدوات الصحيحة لاستشراف المستقبل، وخاصة أن الظروف الحالية فرضت تطبيق ممارسات جديدة على الفور مثل «العمل عن بعد» و«التعليم عن بعد»، ولكنها ساهمت من ناحية أخرى بتطبيق الخبرات والمهارات المستقبلية التي تم تطويرها خلال السنوات الماضية في خدمة الإنسانية ومساعدة المجتمعات على مواصلة مسيرة التنمية.

ممارسات

وشارك جون ساني أخصائي استشراف المستقبل وعضو هيئة التدريس في جامعة «سنغولاريتي»، في جلسة «التصميم الجماعي للمستقبل» التي أدارها سعيد القرقاوي مدير أكاديمية دبي للمستقبل وسلطت الضوء على أبرز الممارسات المتبعة في التخطيط والاستعداد للمستقبل وأهم أدوات استشرافه وسط الظروف الحالية فضلاً عن أنجح الإجراءات التي يمكن اتباعها لمواجهة التحديات المقبلة، وركزت على التأثيرات المتوقعة لجائحة فيروس كورونا المستجد وضرورة إنتاج نظام عالمي جديد أكثر استدامة والتفكير بصورة مختلفة بجدارة النظم الحالية التي نعتمد عليها لنؤسس رؤية جديدة أفضل.

وقال ساني: «توفر هذه المرحلة فرصة لكتابة نهضة جديدة، فالأوبئة تشكّل حافزاً للتغيير، حيث إن فترة الموت الأسود (الطاعون) أنهت الإقطاع في أوروبا وأرست معايير مجتمعية مختلفة، وأوجدت تقنيات جديدة، وأعادت تعريف معنى النجاح. وما يميز الجائحة الحالية أنها ظهرت في وقت أصبح لدينا فيها أداة قوية لمكافحته، إنها العلم، فخلال أسبوعين فقط طور العلماء طريقة لتشخيص المرض، وأصبح لدينا اليوم أدوات كثيرة للتعريف بالاحتياطات التي يجب أن يتخذها الجميع. وتوجد الآن فرصة لتصحيح أخطائنا وابتكار نظام أفضل وأكثر استدامة».

ودعا ساني إلى إعادة تعريف مفهوم النجاح وتأسيس نظام اقتصادي جديد لا يعتمد على الربح فقط، بعد أن تغيرت المفاصل التي يعتمد عليها الاقتصاد بدءاً من نظام التعليم إلى مكان العمل وأساليب الاتصال. وقال «تغير كل شيء سريعاً في مدة قصيرة جعلت حتى المفكرين المستقبليين عاجزين عن توقع ماذا سيحدث بسبب التحول الجذري الذي شهده العالم، والواقع الجديد الذي نتحول إليه غير مؤكد، وحتى اليوم لن تجد أحداً يخبرك بثقة عالية كيف ستسير الأمور لأن العديد من العوامل تشهد تغيرات غير مسبوقة».

تجاوب

واستضافت جلسة «القوة الناعمة: كيف يغير كوفيد 19 عالمنا الحالي» الحوارية كلاً من توماس فليتشر مؤلف وأستاذ زائر في جامعة نيويورك وعضو مجلس أمناء أكاديمية دبي المستقبل، وجوناثان مكلوري مدير عام «بورتلاند» في آسيا، لاستعراض فعالية تجاوب حكومات العالم مع تحديات «كوفيد 19» والإجابة عن أسئلة المشاركين في هذه المناقشة التفاعلية حول الآثار الجانبية لهذه المرحلة على رأي المجتمعات بنجاح الحكومات في التعامل الصحيح مع متطلبات الحاضر والمستقبل.

كما تم التطرق إلى العديد من المحاور المتعلقة بثقة المجتمعات حول العالم بأداء القطاعات الصحية والاقتصادية، وتأثير التزام أفرادها على الحد من أضرار جائحة كورونا، فضلاً عن أهمية تبني نهج إيجابي يرتكز على التعاون المشترك بين مختلف الجهات لتعزيز الثقافة المجتمعية وتوجيه الدعم للقطاعات الحيوية التي تخدم البشرية.

مهارات

واستضافت جلسة «مهارات المستقبل» رولاند هانكوك الشريك في «برايس ووتر هاوس كوبرز» الذي استعرض أمام المشاركين أبرز جوانب مستقبل العمل وتأثيره على أنواع المهارات التي يحتاجها وكيفية الاستعداد لمواجهة وتيرة التغيرات المتسارعة وتأهيل المواهب للتكيف معها بسرعة، فضلاً عن ضرورة مواءمة الاستراتيجيات وتوفير الاستثمارات بما يتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة على كافة المستويات.

وقال هانكوك خلال الجلسة إن التغيرات الحالية بسبب «كوفيد 19» ستفرض وضعاً جديداً يتطلب المزيد من المرونة والقدرة على التكيف بالمقارنة مع الماضي، كما أنها أتاحت لقطاع التعليم فرصة ذهبية لتحديث منظومته الحالية وابتكار طرق وأساليب حديثة والاعتماد على مفاهيم جديدة كانت ستستغرق سنوات عديدة لتبنيها في الأحوال العادية.

واستضافت الجلسة الخامسة بول سافو الأستاذ المساعد في جامعة ستانفورد والتي تحدث خلالها عن واقع التحول الحضاري الذي يشهده عالمنا الآن خاصة أننا نعيش في عصر لا حدود فيه للقضايا الطارئة ما يؤكد أننا أكثر حاجة يوماً بعد يوم للتعاون أكثر وترسيخ منظومة جديدة لتنمية الحضارة العالمية.

وتهدف النسخة السنوية الثالثة لسلسلة الرواد الرمضانية والتي تنعقد هذا العام عبر أنظمة الاتصال بالإنترنت إلى إتاحة فرصة للمشاركين التعرف على رؤى المتحدثين المستقبلية حول أبرز تأثيرات «كوفيد 19» على القطاعات الحيوية على مستوى الإمارات والمنطقة والعالم، وأهم الدروس التي ينبغي التعلم منها، وكيفية الاستفادة من الفرص المقبلة. ويمكن للراغبين بحضور الجلسات التسجيل من خلال موقع أكاديمية دبي للمستقبل:

www.dubaifutureacademy.ae/pioneers