انطلق مركز هزع البوش الزراعي والمهني، التابع لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة الواقع في البحر الجنوبي في المدينة الخضراء امتداداً لفكر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بمشاريع نشر الرقعة الخضراء وزيادة الإنتاج الزراعي، لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، فقد تمكن 35 طالباً متدرباً من ذوي الإعاقة الذهنية تتراوح ما بين البسيطة والمتوسطة بمركز هزع البوش الزراعي والمهني التابع لمؤسسة زايد العليا لرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، من تحقيق تكيفهم مع بيئة صحراوية، وليس هذا فحسب، إذ قهروا كلمة «مستحيل» بنشر الرقعة الخضراء في المركز من خلال زراعة الكثير من المنتجات، مؤكدين على كفاءتهم وقدراتهم في العديد من الورش التي يحتضنها المركز.
وقال ناصر محمد الأحبابي، مدير المركز، لـ«البيان»: إن رؤية المركز تتمثل في اليقين التام بفِكر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، باهتمامه اللامحدود في الزراعة، وتنفيذاً لتطلعات حكومة أبوظبي الرشيدة في الاستغلال الأمثل للطاقات البشرية حتى ولو كانوا من فئات ذوي الإعاقة ليكونوا أفراداً فاعلين ومنتجين في المجتمع مساهمين في مسيرة التنمية بالدولة.
تدريب متواصل
أوضح ناصر محمد الأحبابي، مدير مركز هزع البوش الزراعي والمهني، أنه من الصعب أن ننسى كيف مضى المغفور له بإذن الله، بعزيمة قوية، قدماً في تطبيق رؤيته للزراعة والتشجير، فخصص مساحات شاسعة من الأراضي لإقامة مشاريع طموحة للغابات، ونشر المسطحات الخضراء لحماية الحياة البرية، مما أنعش الحياة في البيئة الصحراوية وأوقف الزحف الصحراوي، وأسهم في تنمية وعي المواطنين واهتمامهم بالزراعة وارتباطهم وتمسكهم بالأرض.
وأضاف: إن المركز بتوجيهات مباشرة من سمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس الإدارة، وأعضاء المجلس، تمكن مؤخراً من تنفيذ العديد من المشاريع إضافة إلى تطويرها، لعل أبرزها احتواؤه إلى الآن 35 طالباً متدرباً، تتراوح أعمارهم من 18 إلى 25 عاماً، وقد يزيد العدد باستقطاب عدد آخر من الطلبة ما بين 5 إلى 10 طلاب في هذا العام، وهم يعملون يومياً من الساعة الثامنة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، أي بحدود 6 ساعات، باستثناء العطلات والإجازات الرسمية في الدولة.
ورش مختلفة
وأضاف الأحبابي: العمل قائم في المركز بتوزيع الطلاب المتدربين على 5 ورش مختلفة، تتمثل في وحدة إنتاج العسل، وفيها يقوم الطلبة بالعناية بالنحل حتى الحصاد والفرز والتغليف ومن ثم بيعه، وورشة إنشاء الشبكات وهي البنية التحتية للزراعة، وتم إلى الآن تغطية مساحة أكثر من 35 دونماً في المركز، كما قمنا بتصميم وتنفيذ نظام الزراعة المائية التي يعمل بها 5 طلاب وهي وحدة خاصة لإنتاج الخضراوات الورقية، ولدينا أيضا ورشة الإنتاج الحيواني سيبدأ عملها في أبريل المقبل، وتتمثل في العناية بالمواشي ورعايتها، وللعلم فإن هذه الورشة الجديدة أشرف الطلاب بأنفسهم على تنفيذها بنسبة 70%، إضافة إلى ورشة تغليف الخضراوات التي تستوعب عدد 15 طالبا متدربا.
وأردف: إن مشتل الزراعة العضوية أيضا يتضمن العديد من المنتجات الزراعية، ويحرص الطلاب على زراعة 10 أنواع من الخضراوات، وزراعة بعض الأنواع من الفواكه كالفراولة.
استراتيجية
وأكد الأحبابي على أن هناك الكثير من الخطط المستقبلية الخاصة بالمركز ومنها استقبال متدربات من قبل مركز العين لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة التابع للمؤسّسة، وهن من فئة الإعاقة الذهنية وسيتم صقل إبداعهن وإلحاقهن بورش جديدة تتمثل في تجفيف التمور، وإنتاج الزهور، وتغليف المنتجات الزراعية، مشيراً إلى نقطة مفادها أهمية الدور الإيجابي الذي تمثله المرأة المعاقة في المنظومة الإنسانية والمجتمعية، ومن الضروري عدم تهميشها، وإنما تفعيل دورها ككادر بشري ما دامت قادرة على أن تؤدي دورا استثنائيا في مجتمعها، وهذا لن يكون إلا من خلال توفير احتياجاتها اللازمة كافة، كي تستمر في أداء مهامها أسوة بأقرانها الأسوياء.
تعاون مجتمعي
وأشار ناصر الأحبابي إلى حرص المركز على تحقيق التواصل الفعال والتعاون مع العديد من المؤسسات والجهات المجتمعية ومنها جامعة الإمارات التي قدمت الدعم للمركز بعدد 500 فسيلة نخيل، وأشرف الطلاب على عملية الزراعة من ناحية العناية بفتح قنوات الماء، وإزالة النباتات الضارة الملتفة حول الفسائل، ومعرفة أسباب عدم وصول الماء إلى بعض الفسائل، خاصة وأن فسائل النخيل خلال فترة عامين ستشكل منتجا وافرا في المركز، وهذا الأمر سيحقق مباشرة انتعاش ورشة تجفيف التمور، إلى جانب تدريب الطلاب على ماهية جمع ثمار النخيل بطريقة صحيحة وآمنة، إضافة إلى تعاون المركز مع بلدية العين، ومركز خدمات المزارعين الذي يعكف عليه مهمة شراء وتسويق المنتجات الزراعية. وأضاف الأحبابي: «إن متوسط دخل المركز من عام 2012 إلى 2016 كان 350 ألف درهم».
ولا ينكر الأحبابي إلى وجود بعض الصعوبات والتحديات التي تواجه المركز ومنها تأقلم طالب الإعاقة الذهنية مع البيئة، الجديدة التي انخرط بهدف التدريب فيها، وبناء على ذلك تم وضع الطلاب في بيئات صعبة نوعا لقياس قدراتهم على التحمل، إلا أنهم أثبتوا مدى كفاءتهم للتعامل مع البيئات المفتوحة.
إلى جانب تخوف بعض أولياء الأمور من تدريب أبنائهم في المركز الزراعي، لكن بعد زياراتهم العديدة تم استحسانهم للأمر، ويتم تحديد يوم من خلال المواسم لاستقبال أولياء الأمور وإتاحة المجال أمامهم لمشاركة أبنائهم في يوم بالعمل في المركز من باب التفاعل مع أبنائهم.