أكد رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار د. حامد الرفاعي أن الحوار مع الآخر «حوار فرسان» وليس حواراً للطرشان، وأن اشتراط اعتراف الآخر بالإسلام لبدء الحوار، أمر غير معقول؛ لأن ذلك يعني إعلان الآخر إسلامه.. نافيا أن يكون التبشير بالإسلام هو الهدف من الحوار ومن ثم يبحث البعض عن حصيلة من أشهروا إسلامهم بسببه.واعتبر الرفاعي أن الفهم الخاطئ لرسالة الحوار سبب تصور البعض عدم جدواه، وقال إن الخوض في العقائد والمسائل الخلافية يجعل الحوار عقيماً، وقال « يجب إدراك أننا والآخر شركاء في الكون»، مبرزاً أن اعتراف المسلمين بالآخر هو اعتراف وجود، مشدداً على أن الحوار واجب ديني ومسلك أخلاقي ومنهج حضاري، حول كل هذه القضايا كان لقاؤنا معه على هامش زيارته أخيرا للقاهرة.
يشترط البعض اعتراف الآخر بالإسلام حتى يكون الحوار مجدياً.. فما رأيكم؟
هذا أمر غير معقول وهو مطلب مستحيل؛ لأنه لو اعترف الآخر بالإسلام سيصبح مسلماً؛ لأن اعترافه بالإسلام ينفي مسيحيته، بينما نحن المسلمين من صلب عقيدتنا وديننا الاعتراف بالمسيح ورسالته، بل والإيمان به وبكل الأنبياء والرسل والرسالات السماوية وليس معقولاً أن يصدر هذا من علماء ومفكرين كبار؛ لأن اعترافنا كمسلمين ليس اعترافاً بهم إنما هو اعتراف بحقيقة دينهم.
لكن إذا كانوا هم لا يعترفون بنا ونحن لا نعترف بهم، فما فائدة الحوار؟
يعتقد بعض المسلمين أنه يجب أن نعود من جلسات الحوار بمجموعة ممن أشهروا إسلامهم حتى تكون للحوار جدوى، وهذا الأمر غير وارد بالمرة، فنحن نذهب لجلسات الحوار، وهذا الأمر ليس بأذهاننا على الإطلاق، فإن تيسر فخير وإن لم يتيسر فلا توجد مشكلة؛ لأن الحوار لا يكون في العقائد، والفهم الخاطئ لرسالة الحوار هو السبب في القول بعدم فائدته أو جدواه على أرض الواقع.
ما منهجكم في المنتدى الإسلامي العالمي في الحوار مع الآخر؟
المنتدى الإسلامي العالمي للحوار منذ ما يزيد على 25 عاماً، وضع لنفسه منهجية محددة للحوار تقوم على عدم الخوض المباشر في مسائل العقائد والخلافات الدينية؛ لأن هذه المسألة محسومة عند أصحاب الأديان، والجدل فيها سيكون عقيماً لحدٍ كبير، لذلك حسم الله سبحانه وتعالى هذه القضية في قوله تعالى: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، فالدين حرية شخصية وله خصوصية، بينما في الحياة العامة والواقع المعاش نجد الله سبحانه وتعالى يقول: «وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَام»، «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً»، «وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ»؛ إذن الدنيا للجميع وحديث رسول الله صلى عليه وسلم يقول: «إن الله يرزق البر والفاجر»، وكل هذه حكم تؤكد أننا والآخر على اختلاف انتماءاتنا الدينية والعرقية والجنسية والجغرافية شركاء في عمارة الأرض وإقامة الحياة العادلة التي تحترم كرامة الإنسان وقدسية حياته وتصان بها البيئة ويتحقق التعايش الآمن المشترك، وهذه المبادئ هي القاعدة الأساسية للحوار.
ونسعى لصياغة موحدة للخطاب الإسلامي في ميادين الحوار وإيجاد إجابات لكل الأسئلة التي تطرح على المسلمين في ميادين الحوار، وذلك بعد مناقشة تلك الإجابات من قبل العلماء والمفكرين ومن ثّم طباعتها وتوزيعها على جميع العاملين في حقل الحوار.. من أجل أن يكون الخطاب الإسلامي واحداً، وكذلك توحيد الرؤية الإسلامية لإبعاد التناقض عن شكل وجوهر الخطاب الإسلامي.
وما الركائز التي يقوم عليها حواركم مع الآخر؟
هناك عدة اتفاقات ومواثيق وقعناها مع الفاتيكان، وغيرها من المنظمات، تتضمن عدة بنود منها الاتفاق على لقاء سنوي محدد والاتفاق على الموضوعات التي ستطرح فيه ثم يطلب من كل فريق أن يعد بحثاً حول ما يناقش من موضوعات من وجهة نظره ويترجم بحثه إلى لغة الطرف الآخر على مسؤوليته، فحين أقدم أنا بحثاً لجلسة حوار ومن أحاوره يتحدث الإنجليزية، فأترجم بحثي للغة الإنجليزية، على مسؤوليتي، وكذلك هو الآخر يترجم إلى اللغة العربية؛ وذلك حتى نهرب من مشكلات التلاعب بالألفاظ.
تلقى البحوث في بداية اللقاء ثم يفتح الحوار حولها ثم نجمع ما تم الاتفاق عليه في هذا الموضوع ونصدره في بيان مشترك بالعربية والإنجليزية بحيث يكون كلا النصين أصلاً، وكل هذه النقاط الأساسية في التحاور بيننا كمسلمين مع الآخر تأكيد على أن هذا «حوار فرسان» وليس «حوار طرشان» كما يدعي البعض، ثم يوزع هذا البيان على وسائل الإعلام.
وأين الحوار الإسلامي ــ الإسلامي من اهتماماتكم في المنتدى العالمي للحوار؟
تعقد ما بين الحين والآخر ندوة للحوار الإسلامي ــ الإسلامي من أجل ترتيب أفكارنا وبلورة منطلقاتنا الإسلامية ومفردات خطابنا للآخر، وهناك نقاط أساسية كثيرة تم الاتفاق عليها والتوصل إليها من خلال هذه اللقاءات، منها أن الحوار واجب ديني ومسلك أخلاقي ومنهج حضاري؛ لأنه وسيلة من وسائل تحقق العدل والدفاع عن التراث، وأن الاعتراف الناجم بالآخر هو اعتراف وجود وليس اعتراف اعتقاد، وأن الاختلافات بيننا وبينهم اختلاف أتباع وليس اختلاف أنبياء، والحوار يجمع أتباع أديان وليس حوار أديان.