الكون يعج بالحقائق العلمية الكونية والآيات المعجزة التي تدل على قدرة الله عز وجل، وعلى أهمية التدبر والتفكر في هذه الآيات من جانب وقد بين الله سبحانه وتعالى عددا من الحقائق العلمية من عالم المياه والنبات والعلاقة الوطيدة بين الماء والإنبات فقال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر فَأَسْكَناه في الْأرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)، المؤمنون/18.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى أستاذ علوم النبات إن معنى الآية الكريمة «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر» أي أن الله تعالى ينزل الماء من السماء بالمطر بقدر معلوم في المكان المعلوم، فكمية الأمطار التي تسقط كل عام على الأرض ثابتة ولو قل المطر عن القدر المطلوب في المكان المعين لحدث هلاك للنبات والحيوان، ومشقة للإنسان، وتصحر للأرض الزراعية، وقل العشب وهلكت الحيوانات العشبية البرية وتبعها موت للحيوانات اللاحمة في المكان نفسه، وهذا ما نراه الآن من الجفاف الشديد وهلاك البيئة والكائنات الحية في الدول الإفريقية وغيرها، وإذا زادت كمية المطر على الحد المطلوب غرق الزرع وهلك، وتهدمت المزارع والمساكن والطرق وغرق الحيوان وهلك الإنسان، فالسيول تدمر البيئة والحيوان والنبات وتهدد الإنسان في كثير من بلدان شرق آسيا وإفريقيا.
وإن من نعمة الله تعالى وفضله أن تكون كمية المياه الساقطة على الأرض بقدر معلوم بحيث تروي الزرع وتسقي الحيوان والإنسان ولا تهدم السدود ولا تتخطى الحدود وأن تكون الأرض قادرة على استيعاب هذه الكمية في بحيراتها العذبة، وفي أنهارها ومساقيها وفي الخزانات المائية الجوفية، وأن تكون تلك الأنهار قادرة على تصريف تلك الكمية من الأمطار.
والله سبحانه وتعالى قادر على أن يذهب هذا الماء في الأرض ويغوره بعيدا عن المنفعة البشرية وأن يجعل طبقات الأرض غير محتفظة به وقد شبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك بمثل معجز فقال: «مثلُ ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعُشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا» وفي رواية أخرى ورعوا- وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلمه وعلّمه، ومثلُ من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدي الله الذي أرسلت به) رواه البخاري ومسلم والنسائي.
فإن زادت كمية المياه أفسدت الحرث والنسل وإن قلت أهلكت الحرث والنسل، وإن غارت في الأرض هلك الحرث والنسل وإن كانت بالقدر المطلوب أصلح الله بها الحرث والنسل.
والله ينبت الزرع وينميه بالماء، وهو سبحانه خلق لنا الزروع المتباينة الأجناس والأنواع والأصناف، وينشئ لنا بالماء والأرض الطيبة، والعوامل البيئية المواتية البساتين ذات النخيل الجميلة، وبثمراته المتميزة التركيب والطعم والخصائص والأعناب، وكذلك الفواكه الكثيرة، والنباتات الاقتصادية من القمح والشعير والأرز والذرة أصل الغذاء على الأرض.