للعقل في الإسلام قيمة كبيرة؛ أعلا من شأنها الله سبحانه وتعالى، وقد حفلت العديد من الآيات القرآنية بالدعوة إلى التفكير في خلق السماوات والأرض وفي جميع المخلوقات، كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، وعندما نزلت الآية الكريمة «إِن فِي خَلْقِ السَّمَاوَات وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار لَآيات لِأُولِي الألباب، الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار آل عمران190-191 وما تلاهما من آيات في السورة نفسها، قال عقب الوحي بها ويل لمن قرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر فيه.

ويقول سبحانه: »أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت« الغاشية 17- 22.

إذن فالعقل والتفكير والعلم أمور قدسها الإسلام وأكد عليها فهي التي تقود إلى الإيمان الصحيح بالله سبحانه وتقود إلى تنظيم الحياة والعلاقة بين البشر بعضهم ببعض وبينهم وبين مخلوقات الله عز وجل.

وهناك بعض من الناس يصر على التقليل من قيمة العقل والتفكير، وإذا كان هذا مقبولا من البعض فلا يمكن قبوله من البعض الآخر وهم العلماء والمفكرين الذين يقودون الأمة فكريا وثقافيا.

وفي الأسابيع الماضية صدرت فتاوى وآراء من علماء وأساتذة لم تكن مقبولة لا شعبيا ولا نخبويا وأحدثت جدلا وبلبلة ليس لها داع في وقت نحن بحاجة إلى جهود الجميع من أجل تصحيح صورة الإسلام في ذهن الغربيين، وافترضت هذه الفتاوى والآراء في العقل الحديث القصور وعدم الإدراك.

وإذا كانت هذه الفتاوى تم تصنيفها ضمن فتاوى الفضائيات التي ليس عليها رقيب أو حسيب وتضر أكثر مما تنفع، فما حدث من الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث والدكتور علي جمعة مفتي مصر يعتبر كبوة أو سقطة يجب أن يتنبها لها في ظل وسائل إعلام وفضائيات ومذيعين وصحافيين يتحينون الفرص لعمل خبطات صحافية ولو على حساب الثوابت والقيم، لا يهمهم إلا الشهرة وتداول أسمائهم.

وفي ظل دعوة بعض العلمانيين والمغرضين بتنحية السنة وعدم العمل بها والاعتماد فقط على القرآن الكريم وهذه دعوتهم خبيثة، ولكننا نعطي لهم الفرصة سانحة لترديد هذه المقولات الباطلة.

في كثير من المؤتمرات والندوات التي تناولت السنة النبوية المشرفة وكان آخرها ندوة «القيم الحضارية في السنة النبوية والتي نظمتها كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي نادى العلماء والباحثون بتنقية السنة من بعض الأحاديث وفهرستها وتصنيفها بشكل جديد ليسهل على المسلمين الرجوع إليها، بدلا من الفهرسة القديمة والتي تجعل من الصعب الرجوع إلى بعض المسائل التي يحتاج إليها المسلم.

لقد انفق علماء الحديث في السابق جهدا عظيما ووقتا غاليا من أجل جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصنيفها وتنقيتها ونقد رجالها خدمة لدينه العظيم، ولا يمكن لواحد من الداعين لتجنيبها أن يقوم بجزء يسير من هذا الجهد في عمل عظيم كهذا، وبرز علم جديد اسمه علم «مصطلح الحديث سبق به علماء الحديث المسلمون الغرب الذي أخذ عنهم هذا المصطلح، وللدكتور أسد رستم كتاب قيم سماه «مصطلح التاريخ أثبت فيه أن هذا المصطلح تم نقله من المسلمين إلى الغرب لمعرفة الروايات التاريخية وإثباتها ودرجة صحتها من عدمه.