تستأنف الدكتورة نور حلبي اختصاصية امراض العين في مركز إكسبرت الطبي في دبي طرق التشخيص والعلاج المتعلقة بهذا المرض.



كيف يشخص اعتلال الشبكية السكري؟

أفضل طريقة لكشف اعتلال الشبكية السكري هي إجراء فحص عيني شامل مع توسيع الحدقة يتم هذا عبر تقطير بضع قطرات (غالبا 3 في كل عين)من دواء خاص ,نوع من القطرات العينية تؤدي بالنتيجة إلى توسع الحدقة,مما يسمح للطبيب برؤية أفضل للشبكية,واقسام أخرى من العين.

تختلف سرعة تأثير هذه القطرات من مريض إلى آخر ,تحتاج وسطيا إلى حوالي 20-30 دقيقة لتعطي المفعول المطلوب,يتطاول هذا الوقت عادة عند مريض السكري .

تسبب هذة القطرات تشوشاً في الرؤية خاصة القريبة يستمر حوالي 4-5 ساعات ,يزداد هذا التشويش في الضوء المبهر لذا ينصح بإحضار مرافق مع المريض لمساعدته في الوصول إلى المنزل (لايسمح للمريض بقيادة السيارة بعد توسيع الحدقة ,حتى يزول تأثير القطرة),

يفضل ارتداء النظارات الشمسية,ويمكن للمريض التخفيف من الإحساس المزعج بالنوم بعد انتهاء الفحص حتى يزول تأثير هذه القطرة.

أثناء الفحص سيتم:

-فحص القدرة البصرية.

-فحص كامل أقسام العين بحثا عن وجود الساد (عتامة العدسة) وبحثا عن الأوعية الشاذة في الأقسام الأمامية.

-قياس ضغط العين لتحري الغلوكوما.

-فحص الشبكية بعناية للبحث عن كل ما سبق ذكره.

كثيرا ما يحتاج الطبيب إلى استقصاءات خاصة بهدف المساعدة في التشخيص,توثيق مرحلة المرض,ركيزة قبل البدء بعلاج معين,أو لمراقبة تأثير العلاج.

على رأس هذه الاستقصاءات,علما أنها غير شعاعية:

•    تصوير الشبكية الظليل بالفلوروسئين: يجرى مع حدقة موسعة,يتم حقن مادة الفلوروسئين ضمن الوريد,وهي مادة ذات خصائص معينة تساعد على رسم الأوعية الدموية ضمن الشبكية يتم أخذ صور قبل وبعد حقن المادة لرصد التبدلات التي تصيب هذه البنى من انسداد أو تسريب

•    التصوير المقطعي البصري: يزودنا هذا الفحص بمقاطع متعددة للشبكية تظهر سماكة الشبكية رقميا بمنطقة اللطخة الصفراء خاصة، هذا يعكس تراكم الوذمة وتوضعها ويعطي فكرة عن استجابة العين للعلاج أيضاً. (هام للتشخيص ومراقبة العلاج).

•    التصوير بالصدى (الإيكو) لأقسام العين الخلفية: يستطب في حال وجود نزف واسع ضمن الزجاجي تتعذر معه رؤية الشبكية بالفحص العادي، إذ يعطي فكرة عن كثافة النزف وارتشافه، ووضع الشبكية.

العلاج:

يعتمد العلاج على مرحلة اعتلال الشبكية السكري وعلى شدته.

من المفيد أن نذكر أن العلاج لا يجدي نفعا في حال عدم ضبط السكري بشكل جيد وجدي,وعدم السيطرة على الأمراض المرافقة من ارتفاع التوتر الشرياني والكولسترول.

كما من المفيد أن نذكر أن اختلاف الاستجابة اتجاه العلاج واختلاف الموجودات السريرية للمرض تقتضي المشاركة أحيانا بين العلاجات المقترحة والمراقبة بالصور والاستقصاءات اللازمة, وتجعل خطة العلاج مختلفة من مريض إلى آخر.

نبدأ في حال وجود اعتلال الشبكية السكري غير المنمي البسيط أو المتوسط:ليس هناك ضرورة للمعالجة ,نكتفي بالمراقبة الدورية.وهذا لا يلغي ولا بأية لحظة ضرورة ضبط السكر وعلاج الأمراض المرافقة لأن هذا سيؤخر الحاجة للعلاج وسيجعل الاستجابة للعلاج أفضل لاحقا.

أما في اعتلال الشبكية السكري المنمي :هنا يجب بدء العلاج بالليزر (تخثير الشبكية الضوئي بالليزر) يهدف هذا العلاج إلى تقليص الأوعية الدموية حديثة الظهور الشاذة.

يطبق على محيط الشبكية ,دون المساس بمنطقة اللطخة الصفراء أو العصب البصري ,على شكل ضربات متفرقة بفواصل متساوية.

يجرى هذا الإجراء بمركز عيني مزود بهذا الجهاز,تحت التخدير الموضعي مع توسيع الحدقة,والمريض بوضع الجلوس ,على عدة جلسات حسبما تقتضي حالة الشبكية وتحمل المريض.

يسبب العلاج تشوش الرؤية خلال يوم الإجراءالذي يكون عادة غير مؤلم.

من الآثار الجانبية الشائعة للعلاج بالليزر نقص الرؤية المحيطية والرؤية الليلية.

يعتبر الليزر الأرغون هو الأشيع استخداما لهذا الغرض لكن حاليا بدا استخدام الليزر دايود واعدا جدا حيث مدة تطبيقه اقصر وآثاره العلاجية موضعة بشكل أدق على الشبكية وآثاره الجانبة أقل نظرا لتأثيره الحراري الأقل.

تتوافر حاليا أدوية خاصة للحقن ضمن العين (ضمن السائل الزجاجي) تساعد على تراجع الأوعية الدموية حديثة الظهور الشاذة تقلل بذلك من نسبة النزف والاختلاطات المرافقة.

حقن هذه الأدوية قد يحتاج إلى تكرار حسب الاستجابة والحالة البدئية للمرض,,يتم في غرفة العمليات تحت التخدير الموضعي,مدة هذا الإجراء بضع دقائق فقط.

يمكن استخدامه بالمشاركة مع الليزر أو الجراحة.

عملية قطع الزجاجي(قص السائل الزجاجي):

بواسطة جرح صغير يتم الدخول بالأدوات المناسبة إلى جوف العين وارتشاف السائل الزجاجي الحاوي على النزف ,كما يمكن أيضا قص أي أغشية ليفية تقوم بالشد على الشبكية أو اصلاح انفصال شبكية مرافق.وهنا نحتاج أيضا إلى غرفة عمليات ويتم إجراؤه تحت التخدير العام أو الموضعي.

بالنسبة لعلاج وذمة اللطخة :كما ذكرت سابقا ,قد تتطور وذمة اللطخة الصفراء في أي مرحلة من مراحل اعتلال الشبكية السكري حتى بغياب تشكل الأوعية الحديثة,مسببة تدني في القدرة البصرية.هناك معايير محددة يمكن معها اعتبار هذه الوذمة هامة سريريا حتى مع قدرة بصرية جيدة  ,متى لوحظ بالفحص أن وذمة اللطخة الصفراء هامة سريريا,يفضل البدء بالعلاج لأن العلاج الباكر له بالغ الأثر في حماية القدرة البصرية لاحقا .

يكون العلاج بإجراء ضربات ليزر محددة بدقة مستندة على تصوير شبكية بالفلورسئين حديث على مناطق أمهات الدم المجهرية التي تسرب السائل ضمن اللطخة الصفراء.

70%يحافظون على نفس القدرة البصرية قبل الإجراء ,15% يبدون تحسن في القدرة البصرية.

تحتاج وذمة اللطخة إلى 3 أشهر كي ترتشف بعد العلاج لذا لا يمكن الحكم على نتيجة العلاج بشكل فوري بعد إجراء الليزر.

في بعض الأحيان يكون هناك نقص تروية في منطقة اللطخة الصفراء ,أو وذمة مزمنة شديدة مع ترسبات لمواد دسمة مرافقة ,في مثل هذه الحالات لا يحقق العلاج الفائدة المرجوة.

أود من خبرتي الشخصية في هذا المجال أن أتطرق إلى بعض النقاط التي هي من وجهة نظري هامة خلال الممارسة للمهنة:

1-إن الاعتقاد بأن الليزر يسبب العمى اعتقاد خاطئ,حيث يبقى المريض حبيس الخوف من هذه الفكرة إلى أن يتأخر في التماس العلاج إلى مرحلة فعلا" حرجة يصعب فيها العلاج أحيانا".

2-نظرا لان العلاج في المراحل المتطورة للمرض لا يعطي نتائج سريعة,ويجرى على عدة جلسات ومراحل فإن المريض يفقد الأمل من طبيبه ويزور عدة أطباء بشكل متتالي,هذا برأيي الشخصي يحرم المريض من فرصة الاستفادة من الخطة العلاجية الموضوعة له حسب وضعه البدئي ,وتعرض المريض أيضا إلى سماع آراء مختلفة من قبل اطباء بوجهات نظر مختلفة تبعا للبروتوكول المتبع من قبل كل طبيب وهذا بحد ذاته يزيد من تخبط المريض ويأسه.



لا شك أن فكرة فقدان البصر والدخول في سلسلة من العلاجات الطويلة والمرهقة والمكلفة في سياق مرض مزمن كالسكري هي فكرة مرعبة لذا: إذا كنت مريض سكري فهناك فرصة ذهبية للوقاية أو على الأقل تخفيف وتأخير الإصابة باعتلال الشبكية السكري عبر :

1-    ضبط مستوى السكر من خلال النظام الغذائي المتوازن والنشاط الفيزيائي (التمارين الرياضية) جزء من روتين الحياة اليومية.

2- ينصح بإجراء150 دقيقة من النشاط الفيزيائي المتوسط أسبوعيا".

3-    مراقبة عيار سكر الدم بشكل روتيني ومراقبة الخضاب الغلوكوزي (السكري) بين الفترة والأخرى لأنه يعكس مستوى السكر في الدم خلال الشهرين الفائتين.

4-    الحفاظ على مستوى ضغط الدم والكولسترول ضمن الطبيعي.

5-    إيقاف التدخين.

6-    الزيارة الدورية لطبيب العيون لكشف المراحل المبكرة لاعتلال الشبكية السكري ومعالجتها في الوقت المناسب.