بقلم محمد عبدالخالق اختصاصي تربية خاصة - مركز دبي للتوحد



التوحد هو اضطراب نمائي يصيب الطفل في الثلاث سنوات الأولى من حياته، وتتضح أعراضه للأهل خلال هذه الفترة، علماً بأن الإصابة ترجع إلى أيام كان جنيناً في بطن أمه، وقد يصاب الطفل التوحدي بالتخلف العقلي، أو الصمم، أو الصرع إلى جانب أعراض اضطراب طيف التوحد، والبعض منهم قد يُظهر قدرات خاصة كالأعمال الحسابية المعقدة أو حفظ التواريخ والأسماء أو التميز في أحد مجالات الفنون بشكل يثير الدهشة.

واضطراب طيف التوحد يقسم حسب شدة الأعراض إلى الشديد والمتوسط والخفيف، وأعراضه تستمر مدى الحياة لأنها إعاقة نمائية، وكثير من العلماء يعتقدون أن اضطراب التوحد ليس له علاج إنما أعراضه تتحسن بشكل كبير خصوصاً في الحالات المتوسطة والخفيفة مع برامج التدخل السلوكية وبرامج تعديل السلوك التى تمتاز بأنها لا تخفّض فقط أو توقف السلوك غير المرغوب فيه ولكنها تستخدم في تعليم الطفل التوحدي الكثير من المهارات السلوكية.

إن مشاركة أهل الطفل المصاب بالتوحد لمركز الرعاية والتأهيل في تنفيذ البرنامج التربوي المناسب لها أهمية كبيرة لما يتمتع به البيت والمركز من نسبة تواجد كبيرة للطفل يقوم خلالها بممارسة عدة نشاطات وظيفية وسلوكية وحركية، حيث يقوم بقضاء معظم وقته فيهما، وحتى تتم مساعدة الطفل المصاب بالتوحد وتقديم البيئة التعليمية المناسبة والأكثر فاعلية يجب على البيت والمركز أن يأخذا الدور المشترك معاً في جلب المنفعة للطفل فسوء التعاون وعدم فهم القوانين بالشكل الصحيح أسباب تؤدي إلى خلق الإحباط والقلق في تنمية الطفل فعندما يقوم الأهل بمشاركة طفلهم إهتماماته ووظائفه فهم بذلك ليس فقط يشعرونه بأهميته بينهم وإنما يساعدانه على أن يحقق أهدافه ويتطور بشكل أفضل، لذا على الأهل الإهتمام بتقوية علاقة التواصل مع المركز وأن يجعل منها حلقة متواصلة من تبادل المعلومات، فإذا ظهر أي تناقض ما بين المنزل والمركز قد يؤدي ذلك إلى إرباك وقلق للطفل ومن ثم سيكون أقل قابليه للتحسن.

عند نجاح هذا التعاون والترابط في الحد من الأعراض أو بعضها لدى الطفل المصاب بالتوحد، هنا يمكن أن يستفيد الطفل المصاب بالتوحد من برامج الدمج ويواصل تعليمه في المدارس العادية بعد أن يتم تهيئته حتى ينجح الدمج، وهناك أمثلة لمن استطاعوا إنهاء دراساتهم الجامعية من المصابين باضطراب التوحد. 

ونؤكد على أثر مشاركة الأسرة بالتعاون مع المركز في جميع مراحل التدخل "التشخيص والعلاج والتقييم"، وكلما كانت الأسرة متعاونة مع الفريق العلاجي التربوي لتطبيق الخطط العلاجية والتعليمية كانت النتائج المرجوة أفضل لا سيما أن علاج التوحد جزء كبير منه هو تعديل سلوكي.

وذكر البعض  بأنه في حال قيام الطفل بإحداث مشكلات سلوكية في المركز التأهيلي لا يقوم بها في المنزل أو العكس، فمن المحتمل أن يكون الأب قد طوّر استراتيجية معينة للسيطرة على هذا السلوك في المنزل، ولكن معلّم المركز ليس على دراية بها وبالتالي فإن من المهم أن يقوم الأب والمعلم كلاهما بمناقشة المشكلات السلوكية للطفل والوصول لحل مناسب للتعامل مع هذه المشكلات. 

لا يسعنا في الختام، إلا التشديد على أهمية الأسرة في تأهيل المصابين باضطراب التوحد، وننصح الأهل بأن لا ينساقوا نحو ادعاءات الكثيرين الذين يسعون للكسب المادي فهم يدّعون بأن لديهم العلاج للتوحد وهذا القول مازال تحت الجدل العلمي، وعليهم الاستعانة بالمراكز المتخصصة في تأهيل مثل هذه الحالات.