قد لا تبدو القصة أو الرواية البوليسية في العالم العربي قادرة على الإقناع بأنها كغيرها من الأنواع القصصية، القصة والرواية تسير نحو الصعود، وربما كان السبب في ذلك ما ورثناه بوجه عام (في الشرق أو الغرب) من نظرة تقلل من مكانتها في مصاف الأدب الجاد، وقد يكون أيضاً قلة الوعي بأدواتها.
غير أن إصرار هذه الرواية أو القصة على أن تفاجئنا بوهجها بين الفينة والأخرى مازال يبعث على التفاؤل بمستقبل واعد.
«البيان»، تحاور الكاتب عثمان يحيى حسين، حول هذا المجال وحاله، حيث فاز أخيرأ، بالمركز الأول في مسابقة القصة البوليسية عن قصة «بأي ذنب قتلت؟»، والتقيناه ضمن حفل تكريم الفائزين في مسابقة «القصة البوليسية»، بدبي، الذي أقيم بالتعاون ما بين «نادي ضباط شرطة دبي» و«اتحاد كتاب وأدباء الإمارات»، إذ أكد أن الرواية العربية البوليسية لا تزال خجولة الحضور وفي شعبيتها، ولا تعيش حالة النجاح التي تشهدها في الغرب.
القصة وكذلك الرواية البوليسية ليست نفسها القصة أو الرواية الرومانسية أو الاجتماعية أو التاريخية إلى آخره، فهي تختلف في أن هناك جريمة وتحقيقاً وملاحقة، وبذلك فهي تختلف في بنيتها، ولكنها في الوقت ذاته تحتاج إلى عناصر كالخيال وجودة اللغة، أي اللغة والخيال اللذان تتوفر فيهما عناصر الإثارة والتشويق وما يجذب القارئ.
كيف تنظر إلى ذلك؟
أولاً أود أن أتوجه إلى صحيفة «البيان» بالشكر لإتاحة المجال لي لأطل على القراء وعلى عشاق القصة البوليسية، أن بنية القصة أو الرواية البوليسية تركز وتهتم بتفاصيل دقائق الأمور المبهمة التي ربما لا تخطر ببال القارئ، ومنها تنطلق بلغة سلسة غنية بالإثارة والتشويق، ودغدغة أعصاب القارئ، مع توظيف فعّال للخيال حتى الوصول إلى لحظة التنوير التي تكون مفاجئة وغير متوقعة، فهي عكس ما نجده في القصة أو الرواية الرومانسية أو الاجتماعية أو التاريخية لا تقبل أن تشوش اللغة الأنيقة على الجانب البوليسي.
عمر التجربة
هل هي المرة الأولى التي تخوض فيها تجربة كتابة القصة عموماً؟
كلا، بل سبقتها تجارب عدة، منها مقالات ودراسات نشرت في مجلة الأمن التي تصدر عن القيادة العامة لشرطة دبي. و
الذي دفعني دفعاً لخوض هذه التجربة هو شخصية (فلاديمير بوتين)، وأعني بذلك عقليته الفذة التي صقلتها مدرسة الاستخبارات العسكرية الروسية في وضع التكتيكات والسيناريوهات الحربية الذكية والفعالة التي طبقها وخاض بها حربه مع جمهورية جورجيا في صيف عام 2008، وقد ألهمتني هذه الوقائع الشيء الكثير، نشرتها في مجلة «تقنية للجميع» التي تصدر عن حكومة دبي الذكية في عددها (75) لعام 2010 تحت عنوان «الاستراتيجية الأمنية الوطنية.. حتمية وجود في عصر المعلومات».
ولكن الفضل يعود لشرطة دبي، التي من خلالها وجدت نفسي في مجال كتابة القصة البوليسية، خاصة بعد فوزي في المركز الأول في الدورة الثانية لمسابقة القصة البوليسية لعام 2012.
كيف بدأت لديكم في نادي ضباط شرطة دبي فكرة العمل على كتابة القصة البوليسية؟
لقد بدأ ذلك من خلال مسابقة ثقافية هادفة، وأعتقد هي الأولى من نوعها في الوطن العربي، وكان ذلك في عام 2011، ثم استمر العزم على الاهتمام بهذه القصة والارتقاء بها.
اعتمدت العديد من الشخصيات، هل هي مما يلزم القصة البوليسية؟
في الحقيقة أنا أميل إلى تقليل عدد الشخصيات قدر المستطاع حتى لا أشتت فكر القارئ، لذا أكتفي بأقل عدد ممكن من الشخصيات التي لها دور فعلي في أحداث القصة.
هل تأثرت بأحد من كتاب القصة أو الرواية البوليسية؟
تأثرت كثيراً بالكاتب الكبير صالح مرسي، رحمه الله، الذي قرأت تقريباً جميع أعماله وأهمها على الإطلاق «رأفت الهجان»، و«دموع في عيون وقحة».
ولكنني اتبعت أسلوبي الخاص في كتابة القصة البوليسية، ذلك لأنني من أنصار التجديد والتنويع وتوظيف الخيال العلمي في صياغة القصة البوليسية مواكبة لتطورات العصر بأدواته الحديثة في ارتكاب الجريمة، أو كشف طلاسمها من خلال التكنولوجيا الحديثة وما يتبعها بالضرورة من أساليب مبتكرة في التفكير والتخطيط والتنفيذ، وقد وظفت كل ذلك في جميع أعمالي القصصية، كما نوعت أنواع الجرائم التي سلطت عليها الضوء تماشياً مع ما نواجهه نحن رجال الأمن.
تقييم
كيف تقيم القصة والرواية البوليسية عربياً؟
الرواية البوليسية ليس لها وهج براق في الوطن العربي عموماً، كما هو الحال في الغرب، ولكن هناك محاولات جيدة من بعض الكتاب، ولكني أعتقد أن قيادة شرطة دبي سوف يكون لها دور بارز في إثراء الساحة الأدبية والثقافية في دولة الإمارات، بهذا النوع من الأدب الذي يعد شحيحاً في الوطن العربي.
سيرة ذاتية
القاص والكاتب عثمان يحيى حسين، فني في مجال تقنية المعلومات لدى «القيادة العامة لشرطة دبي - الإدارة العامة للذكاء الاصطناعي».
حصلت أربعة من مؤلفاته على المراكز الأولى في «مسابقة شرطة دبي للقصص البوليسية»، بإشراف وتعاون «اتحاد كتاب وأدباء الإمارات».
يكتب المقالة، والدراسة، ونشر له في مجلة e-4ALL، ومجلة الأمن، ومجلة «وطن بلا مخدرات» الصادرة عن «حكومة دبي الذكية».