تناول الروائي والإعلامي علي أبو الريش في كتابه «حقيقة الإرهاب - المشي يسبق الوعي» أكثر القضايا التي تشغل الإنسان العربي في الوقت الراهن، وهي الإرهاب، واضعاً الاقتراحات لمكافحة هذا الإرهاب من الجذور، عن طريق التربية وتعاون العديد من مؤسسات المجتمع وغير ذلك، ومشدداً على أن الكراهية وقود الإرهاب.

وقال في حديثه لـ «البيان»: بحثت بكتابي في أسباب الإرهاب وليس بنتائجه، فالنتائج يراها الجميع.

سيطرة الأفكار

وأشار علي أبو الريش في كتابه الصادر عن دار مداد إلى أنه «عندما تسيطر الأفكار على العقل ينفصل الشخص عن واقعه ويفقد الصلة مع الآخر».

عن هذا قال: ذكر الفيلسوف جان جاك روسو أن «الأفكار المسبقة مفسدة للعقل»، وعند التعامل مع الآخر بأفكار مسبقة لا يمكن رؤية وجهه الحقيقي.

وأضاف: خُلق الإنسان بفطرته، ولكن نتيجة تراكم الأفكار واختلاط المشاعر من فطرية إلى واقع مشوب بالمصائب التاريخية ضمن تجارب الحياة، يظهر الوجه غير الحقيقي للبعض.

وأوضح أبو الريش: خُدعنا كثيراً تحت شعار الديمقراطيات، وتفككت بسبب هذا مجتمعات عربية كثيرة، لكن الديمقراطية غير موجودة في أكثر الدول التي تدعي الديمقراطية.

ورأى أن المواطن عادة ما يحتاج إلى نموذج يحتذي به، وإلى «أنا» عليا، وهذا لا يعني أن يكون هذا النموذج ديكتاتوراً.

وقال: كان الهدف تفكيك بعض المجتمعات العربية، فماذا كان بديل هذا الديكتاتور إلا الفوضى والعبثية.

تجهيز المادة

وذكر أبو الريش: أردت في كتابي البحث عن كيفية إيجاد المتزمت والإخواني.

وحدد الكاتب الأسباب التي تقود إلى الإرهاب، منها ضعف الإيمان بالهوية الوطنية، والإحساس بالدونية، ووضع بعض الأفكار للتخلص منها، وهي كما ذكر: من أفكار الفلسفة الشرقية «الحقيقة هنا وليست هناك»، فالحقيقة بالداخل ونصل إليها عن طريق التأمل وإخراج العقل من العقل، حتى يصبح مرآة صافية.

الحب ضد الكراهية

وقال علي أبو الريش: خُلق الحب ضد الكراهية، فهذه التنظيمات الإرهابية مثل الإناء الصدِئ من غير حب، أصبحت الكراهية لديهم مقابل الموت.

وأضاف: هؤلاء الذين يعملون في الشوارع ويبحثون عن اللا شيء هم كوارث مجتمعية وعلى الصعيد السياسي هناك الحروب العبثية، فلماذا يتحارب الأشقاء في وطن واحد، إنه غياب الحب وتضخم الأنا.

وأكد أبو الريش ضرورة التغيير في الخطاب التعليمي، وقال: لا يكفي أن نصرخ بأننا نريد الشفافية، لكن يجب ممارستها منذ الطفولة.

وتناول مسألة التربية وذكر أن الأمهات والآباء تخلوا عن دورهم الريادي فخرج هؤلاء المتنمرون مثل القوارب الخربة التي تتكئ على رمال هشة.

وشدد أيضاً على ضرورة تنقية الخطاب الإعلامي من العصبية والشفونية، كي نحترم الآخر، ومن ثم تنقية الخطاب الديني، ومن ثم الثقافي، وذكر: يأتي هذا بعد تفعيل دور الأسرة.

عيش الوهم

ووصل أبو الريش بنهاية كتابه إلى أن هذه المجموعات الإرهابية إلى زوال. وعن هذا قال: إن هؤلاء يعيشون على الوهم، فهؤلاء غُرر بهم من قبل أصنام كبيرة، بأنهم إن وقفوا بوجه المجتمع سيدخلون إلى الجنة.

وأضاف: مثال ذلك عندما دخلوا إلى سوريا وغيرها مُغرراً بهم، واستخدموا أدوات قاتلة، وعندما يُهزمون وينظرون إلى المشهد، سيعرفون أن كل ما فعلوه هو جريمة بحق أنفسهم والمجتمع. وتابع: الأمر الآخر أن هذه المجموعات لا يمكن أن تعيش في العبثية، فقد كانت هناك مجموعات متطرفة، لكنها انتهت.

وأبو الريش الذي احتفت به أخيراً دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، كشف عن إصداره الجديد قائلاً: إنها رواية بعنوان «جلفاري على ضفاف النيل»، وتتحدث عن علاقتي وحبي لمصر، فقد عشت فيها وكأني أعيش في رأس الخيمة، فهي كما قال «هيرودوت» «مصر هبة النيل»، وهي جزء من مشروع سيرة حياتي الذي أعمل على إكماله.