تاريخ الإجرام العثماني في حق شعوب المنطقة لا ينقطع الكلام عنه، ولا ينضب نبع قصص الجبروت واستعباد الناس وطغيان جند العثمانيين وولاتهم، وفي رواية «بالأمس كنت ميتاً» الصادرة حديثاً، للكاتبة المصرية رضوى الأسود، استحضار لفترة مهمة من التاريخ المهمش، من حكايات الإمبراطورية العثمانية الراقدة تحت رماد التاريخ.
وترسم الرواية في ما يقرب من ثلثها رحلة زمنية تمتد أكثر من ربع قرن، أمَّا بقية الرواية، فتدور أحداثها في الزمن الحاضر، وعبر جغرافيا شاسعة سيطرت عليها الدولة العثمانية لقرون تستعيد الكاتبة خيبات ودموع، وحكاية حب مهزوم، وتداخل أعراق وقوميات شكلت البناء الاجتماعي للرواية.
عبر صفحات الرواية، يمكن أن نعرف من زاوية إنسانية أشياء كثيرة عن الإبادة الجماعية للأرمن، محرقة الأرمنية والمذبحة الأرمنية أو الجريمة الكبرى، تشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل حكومة تركيا الفتاة في الدولة العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر، والترحيل القسري الذي كان عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين، ويقدّر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن من مليون إلى 1.5 مليون شخص.
التاريخ الكردي أيضاً لم يغب عن أحداث الرواية؛ حيث كان جزءاً من ملحمة رُويت على لسان شخوصها، وتكشف الرواية عن أن السياسة تفسد حياة الشعوب والأديان دائماً، فيصبح لكل قومية أو دين أنياب ومخالب، ينشبها في لحم الآخر المختلف عنهم.
من أجواء الرواية نقرأ: «منذ طفولتنا المبكرة، كنت أنا وآرام نشارك أبوينا في عملية الزراعة بحب وشغف شديدين، ثم لحق بنا أخوه الأصغر مانوشاك، تكتحل أعيننا بمنظر ماكينة الري وهي تدفع بشراب الحياة في الجداول الصغيرة المحفورة، فتتدفق المياه لتروي الأرض، فتنتفض الزروع والشجيرات وتتمدد مستقبلة في عروقها ينبوع الحياة».
يذكر أن رضوى الأسود كاتبة مصرية درست الأدب الفرنسي بجامعة عين شمس ولها 4 روايات أخرى ومنها «زجزاج» و«حفل المئوية»، إضافة لكتاب بعنوان: «أديان وطوائف مجهولة» وكتبت مقالات عدة لصحف ومجلات ثقافية مختلفة.