لا يزال العمل الأدبي «دون كيخوته»، حياً يرزق في الآداب والفنون، اليوم، فعلى الرغم من أنه لا يشكل دافعاً رئيسياً في ميدان الإبداع الأكثر حداثة، لكنه حاضر في الذاكرة الجماعية للفنانين الإسبان في القرن العشرين. بالنسبة للبعض هو صورة إسبانيا بمشاكلها التي تبقى على حالها، وبالنسبة لآخرين، فهو النموذج الأكثر وضوحاً لما هو شعبي.

قبل أربعة عقود من الزمن، خرج دون كيخوته للمرة الأولى، ليفكك شيفرة ألم ما بعد الولادة، على صفحات مطبوعة. وربما لم يتخيل ميغيل ثرفانتس قط، أن فارسه وحامل تروسه، لن يتأخراً في الخروج عن حدود صفحاته لمواصلة مغامراتهما، بعد قرون وقرون من الزمن في مخيلة ملايين القراء، عقب أن تحولا إلى أمثلة خالدة، في الوقت الذي بلغ فيه كتابه منزلة مؤسس الرواية الحديثة.. عمل كلاسيكي فذ من الأدب العالمي.

وربما أنه لشكسبير وحده أن يتطلع إلى مقارعة عرش ثرفانتس الأدبي، الذي لا يزال حاضراً يلون مختلف أشكال المنتج الإبداعي الإنساني، فها هو ميلان كونديرا يحلل الكتاب وجديده وروحه الساخرة، بينما يروي أومبرال حياة شخصيات، بعد أن كتبت، أصبحت من لحم ودم أكثر مما هي من حبر وورق، في ما يبحث غارسيا كورازار عن رؤية إسبانيا الحاضرة في العمل.

حبكة شائقة

تروي رائعة ثرفانتس، مغامرات رحلة فارس عجوز يتطلع إلى أن يكون فارساً مقداماً. بعد أن يجن من جراء قراءاته المحمومة لكتب عن الفروسية، فيترك منزله بحثاً عن المغامرات في الدروب البعيدة في المشهد الريفي لإسبانيا الإمبراطورية. ويقود الجزء الأول من الرواية، دون كيخوته، من بلدته الصغيرة «لا مانشا» إلى غابات جبال مورينا.

وفي طريق العودة إلى بلدته التي يرفع فيها عن كاهله التعب والجروح، كانت تتراءى له لقاءاته مع شخصيات أخرى، استحوذت، في مخيلة جنونه، على القلاع والحصون. الهدف الذي يبتغيه هو تصويب ومقارعة كل أنواع الشرور، وأن يصبح مشهوراً بأعماله الخيرة. ثم يجد دون كيخوته نفسه مع تنوع كبير من الشخصيات، بدءاً بالمزارعين وحتى النبلاء، ومن المجرمين حتى رجال الدين، وغيرهم..

فروسية وعبثية

اثنان من الموضوعات الرئيسية يبرزان في الجزء الأول للرواية، هما الفروسية وعلاقته العبثية (دون كيخوته)، وغالباً المضحكة، مع الحياة «الحقيقية» والحب، فكلاهما يتعلقان باللباقة والثنائية.

عالمان وشخصيتان

سانشو بانزا، جار دون كيخوته، يرافقه في رحلاته. هو فلاح أمي. لكنه ذكي. واهتمامه الأول ينصب على الأكل والشرب. ونتبين أن ضعف سانشو في الأمور المادية للحياة، يقوده إلى الإيمان بوعد قطعه لدون كيخوته بالسير على خطى سيده إلى آخر المشوار، وفي نهاية المطاف سيشاهد سانشو. وحصل على مكافأته في مملكة على جزيرة خاصة به.

ونرى أن الصراع بين الفن والطبيعة أو بالأحرى بين العالم المثالي والخيالي لدون كيخوته من جهة، وبين العالم الطبيعي للوجود البيولوجي لسانشو من جهة أخرى، تظهره علاقة غير متوافقة بين العالمين اللذين يبدو أن الطبيعة تفوز في كليهما دائماً. وعندما يقتنع دون كيخوته بأن طواحين الهواء التي يلتقيها هي عمالقة، يلح سانشو، صادقاً، أنها لا تعدو كونها مجرد طواحين.

«العالم خشبة مسرح»

يبدو الجزء الثاني من الرواية، أكثر تعقيداً. فدون كيخوته وسانشو يلتقيان عدة شخصيات، كانت قد قرأت الجزء الأول من الرواية، وبالتالي، فإنهم مطلعون على مغامراته السابقة. وبدل أن يتواجها مع ما يعتقدان بأنه «واقع» مثل ما فعلا في الجزء الأول، غالباً ما كان دون كيخوته وسانشو، يشاركان في المغامرات المتخلية لفائدة ومتعة الشخصيات نفسها.

أما استعارة «العالم خشبة مسرح»، فإنها تتحول إلى حقيقية بشكل حرفي في هذا المقام. ونجد أن تبعات هذا التغيير عميقة. فالعالم لم يعد «طبيعياً» بل أصبح «اصطناعياً»، عالم غالباً ما يبدو أكثر جنوناً، حتى في عيون دون كيخوته نفسه، الذي يستعيد، رويداً رويداً، حكمه على الموقف غريب الأطوار، أمام من يلتقيهم.

1605

«دون كيخوت دي لا منتشا» هي رواية مكتوبة في وقت مبكر للمؤلف الإسباني ميغيل دي ثرفانتس. واختار معهد نوبل هذه الرواية لتكون في المرتبة الأولى في قائمة أفضل عمل أدبي في التاريخ، وكان العمل في مجلدين: الأول في 1605، والثاني في 1615.

ونشر عام 1605 الجزء الأول من رواية (العبقري النبيل دون كيخوت دي لا مانشا). أما الجزء الثاني فلم يظهر سوى عام 1615 م. وهو (الرواية) تمثل أروع الكتب في الأدب العالمي. وكثيراً ما يقارن ثرفانتس في حياته الواقعية، ببطله الخيالي.

جندي متقاعد يغزو عوالم الشهرة

عندما أصدر ميغيل دي ثرفانتس (1547- 1616 م)، روايته هذه عام 1605، لم يكن معروفاً في الأوساط الأدبية. ولم يكن أحد يتوقع له هذا النجاح الساحق، بل كان مجرد جندي متقاعد يعاني من الضيق المادي. وله بعض المحاولات غير الناضجة، في كتابة التمثيليات والروايات والنقد الأدبي.

دون كيخوته في العالم العربي

يعد حضور شخصية ثرفانتس دون كيخوته في المخيلة العربية، خاصة في أدبها، أمراً اعتيادياً للغاية، مع أنه أمر معتاد كذلك أن يشار إلى هذه النقطة على اعتبارها مدعاة إلى التناقض الظاهري، بحكم أن الترجمات الأولى لرواية «دون كيخوته» إلى العربية، نشرت في وقت متأخر كسنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي.

العمل الأول، المسهب باللغة العربية، حول ثرفانتس نشره اللبنانيان المتخصصان بالدراسات الإسبانية نجيب أبو ملحم وموسى عبود، عام 1947، بمناسبة المئوية الرابعة لولادته، في تطوان: عاصمة المغرب الإسبانية آنذاك. وأتى تحت عنوان «ثرفانتس.. أمير الآداب الإسبانية». وهو بحث أثار اهتمام الأوساط الأدبية والفكرية، ودفع القسم العربي في منظمة اليونسكو، إلى تكليف الكاتبين بترجمة «دون كيخوته».

وبدأت الترجمة المذكورة، لكنها، ولأسباب غير معروفة، لم تصل إلى النشر. وبين عامي 1951 و1966، أنجزت ترجمة أخرى في المغرب، لكنها لم تنشر كذلك، مع أن مخطوطها محفوظ إلى الوقت الحالي. وأنجزها تهامي وزاني، إذ نشر عدداً من الفصول في جريدة «ريف» التي كان يديرها.

وكان لعمل أبو ملحم وعبود (الكاتبان اللبنانيان المذكوران)، حول ثرفانتس، أثر بالغ في إثارة اهتمام المثقفين العرب بروايته، بعد أن قرؤوها عن طريق طبعات بلغات أخرى، ذلك حتى عام 1956، حين نشرت في القاهرة، ترجمة الجزء الأول من «دون كيخوته». لكن كان يتعين، مع ذلك، الانتظار حتى عام 1965، لرؤية الترجمة الكاملة للعمل، في ترجمة جديدة هذه المرة، على يد العالم بالدراسات الإسبانية عبدالرحمن .

وكانت ترجمة بدوي، الكلاسيكية، الأكثر قراءة، على الأقل، إلى أن ظهرت في عام 2002، ترجمتان، واحدة مصرية مجدداً، على يد المتخصص بالدراسات الإسبانية سليمان العطار. وأخرى للسوري رفعت عطفة، بينما كتب الشاعر السوري الراحل ممدوح عدوان، قصيدة مطولة تحت عنوان «رحلة دون كيشوت الأخيرة».

 طبعة «البيان»

 ترجمت «دون كيخوته» إلى عشرات اللغات حول العالم، بجزئيها الأول والثاني. وبادرت جريدة «البيان» إلى إصدار الرواية عام 2005، بترجمة بديعة لعبدالرحمن بدوي، بالتعاون مع معهد ثرفانتس، بمناسبة الذكرى المئوية الرابعة لصدور طبعتها الأولى، عن دار المدى للثقافة والنشر. ووزعت مجاناً مع الجريدة.

 في التشكيل

 بابلو بيكاسو

سلفادور دالي

بول سيزان

غويا

هونور دوميير

أنطونيو ساورا

غوستافو دوريه

بارسيلو

أرويو

شاغال

بولوك

فان غوخ

أندريه ماسون

 في المسرح

 المسرحية الغنائية اللبنانية «دون كيشوت». من إخراج أولاد منصور الرحباني، مروان وغدي وأسامة، وبطولة رفيق علي أحمد وبول سليمان، عرضت عام 2011 في بيروت.

مسرحية «أنا دون كيخوته دي لا مانشا» الاسبانية اخراج خوسيه رامون فيرنانديز. بطولة خوسيه سكاريستان وفيرناندو سوتو. عرضت عام 2012 في مهرجانات عديدة. وعلى خشبة المسرح الاسباني.

مسرحية «دون كيخوته» الاسبانية اخراج أنخل غوتييرز، عرضت عام 2012 على المسرح الاسباني.

 في السينما

1898 دون كيخوته السينما الفرنسية. انتاج غاومونت. (صامت )

1908 وقح فضولي السينما الاسبانية. اخرج: نارسيسو كوياس.

1910 دون كيخوته السينما الايطالية. انتاج: سينيس.

1915 دون كيخوته السينما الاميركية. اخراج: ادغارد ديلون.

1926 دون كيخوته السينما الدنماركية. اخراج لو لاوريتز.

1957 دون كيخوته السينما الروسية. اخراج غروغوري كوزينتسيف.

1962 دون كيشوت السينما الفلندية. اخراج : اينو روسالو.

1966 دون كيخوته السينما الالمانية والفرنسية والاسبانية. اخراج: كارلو ريم.

1969 كيخوته من دون مانشا السينما المكسيكية. اخراج: ميغيل دلغادو.

1973 مغامرات دون كيخوته السينما الاميركية والبريطانية. اخراج: الفين ركوف.

1977 مغامرات دون كيخوته وسانشو بانزا السينما البرازيلية. اخراج: آري فرنانديس

2010 دون كيخوته السينما الصينية. اخراج: آه جان.