«عرس الدم» عملٌ مسرحي لشاعر اسبانيا الفريد، فديريكوغارثيا لوركا، يمزج بين الشاعرية والدراما والفولكلور الأندلسي، بطريقة تراجيدية، ويستند في جوهره على العادات والتقاليد التي كانت سائدة في إسبانيا القديمة.
تعد هذه المسرحية الأجمل بين أعمال لوركا المسرحية الشعرية، حيث تحمل بين فصولها قضايا إنسانية، تناقش مشاكل الحروب الأهلية، وقضايا المرأة في الأرياف الإسبانية، التي لم تسلم من الظلم الذكوري ومرارة القهر.
كما تطرح أيضاً قضية الانتقام والخيانة، وهي الأقوى موضوعاً ضمن ثلاثية لوركا الفريدة (عرس الدم، يرما، بيت برناردا البا)، التي أدت إلى رفع مستوى المسرح في القرن العشرين.
قصة
أحداث مأساوية، يعود تاريخها إلى 25 يوليو 1928، وتدور في ضواحي مدينة الميريا الإسبانية. تتكامل في قالب مسرحي من ثلاثة فصول وسبع لوحات، تجسد صراعات دموية تغذيها العادات والتقاليد القاسية التي كانت سائدة في المجتمع آنذاك، في منحى وجوهر مليء بالتشاؤم والشك والحقد الدموي.
خلافات
تروي الأحداث قصة أسرة ريفية، فقدت الأب وأحد أبنائها بسبب خلافات مع أسرة أخرى، ولم يتبق منها سوى الأم وابنها الآخر الذي شاء القدر أن يحب فتاة كانت مخطوبة لشاب من الأسرة المعتدية التي قتلت أبيه وأخيه، ويقرر الابن أن يتزوج من محبوبته، فيعرض ذلك على أمه التي تتردد بسبب علمها بأن الفتاة كانت مخطوبة لأحد أفراد أسرة فيليكس التي حرمتها من زوجها وابنها..
وتتلاشى بذلك فرحة الأم التي كانت تنتظر أن يتزوج ابنها الوحيد المتبقي، وأن ينجب لها أحفادا يعوضونها عما فقدت ليحل التشاؤم والشك مكان الفرح في قلبها.
وتتواصل الحوادث الدرامية، وتتصاعد عندما تثور غيرة الخطيب السابق ليوناردو الذي تزوج من ابنة عم الخطيبة السابقة، ويلاحق خطيبته التي كان لا يزال يحبها والتي يبدو أنها تحمل، حينها، حبه في أعماقها، إلى أن يحين موعد الزفاف، حيث يتسلل ليوناردو إلى الكنيسة وينفرد بخطيبته السابقة التي تضعف إرادتها، ويتغلب عليها حبها ويتفقان على الفرار وينفذانه.
وهنا تبدأ الكارثة حيث يقرر الخطيب الثأر لنفسه، ويطاردهما داخل الغابة، وتقوده امرأة متشحة بالسواد ترمز إلى الموت، وفي هذا المشهد تنتهك المقدسات والشرف والعائلة..
ولا يرتفع صوت ليدافع عن الهاربين، فحتى الوالد وزوجة ليوناردو يصمتان وعندما يلتقيهما الخطيب تدور بينه وبين «ليوناردو» معركة بالسكاكين يقتل فيها الاثنان معا، وتعود الخطيبة إلى الأم باكية لتقول لها إنها لا تزال فتاة لم تتزوج، ليس فقط لأن ليوناردو قتل بل لأنها أصرت على تلك الطهارة قائلة «لا تهينيني، إنني طاهرة كالطفلة الرضيعة.
وفي مقدوري أن أبرهن عن ذلك، أوقدي ناراً، وسنضع يدينا فيها، أنت عن ابنك وأنا عن جسدي، وسترغمين على نزع يديك قبلي، فتجيبها الأم وبم ينفعني طهرك؟ وما يجديني أن تموتي؟ وما نفع أي شيء بالنسبة إلي؟
تحليل
هذه المسرحية التراجيدية تتعمق فيها العلاقات الخاصة بين أفراد المجتمع، لتتحول إلى قضايا اجتماعية عامة، تتطور الأحداث فيها على يد لوركا لتصبح قضايا فلسفية شاملة.. ويكمن الصراع المأساوي بالدرجة الأولى بين الشعب المناضل للحرية والعدالة بفطرته، وبين غباء القرى الإسبانية، حيث تنقل لنا الشخصيات قوانين وعادات إسبانيا القديمة وجهلها القاسي.
ويضعنا لوركا ضمن تطور تراجيدي بأحداث مرهونة بعالم الشر الاجتماعي، ليصل في نهاية المطاف إلى عواقب وخيمة يتقاسمها كل أبطال العمل على حد سواء، ومن الواضح أن موضوع المسرحية ومجرى أحداثها وشخصياتها، عملوا مجتمعين على رسم المناخ العام للعمل، إضافة إلى تصوير يد القدر وهي تُحكم قبضتها على الناس وتسيّر حياتهم، حتى وإن حاولوا المقاومة.
رمزية
الوضع الثقافي البائس والمزري، الذي كان سائداً في تلك الفترة بسبب نظام الرقابة، وقمع الحريات وملاحقة الكتاب والمفكريين الديمقراطيين الوطنيين، كان سبباً أساسياً في رمزية المسرحية، حيث لم يذكر لوركا في مسرحية (عرس الدم) أسماء أعلام، عدا شخصية ليوناردو. أما باقي الأبطال فكان يدعوهم بأسماء تدل على أوضاعهم الاجتماعية، مثل: الأب، الأم، الخطيبة، الزوجة.
واللافت للنظر أن لوركا لم يذكر في مأساة (عرس الدم) سبب العداوة الدموية بين عائلة الأم وعائلة فيلكس. ومن هو الظالم ومن المظلوم، إنما قام بالبناء على تلك العداوة التي افتتح بها مسرحيته، فتوالت الإهانات والاغتيالات في سلسلة دموية طويلة انتصر فيها الحقد والكره على الحب.
ركائز وعصب
الأم هي الشخصية الرئيسية والمحرك الرئيسي للأحداث، وتمثل يد القدر، وتبدو قرينة للمرأة الأخرى المتشحة بالسواد، والتي ترافق الابن في مطاردته لخطيبته الفارة مع عشيقها..
ولكن لم تكن الأم هي المحرك الوحيد لأحداث المسرحية، لأن مسرح لوركا يتميز بمشاركة كل شخصيات أعماله في تطور الأحداث، حيث نجد شخصية الأب السلبي المتفرغ بالكامل للاهتمام بأملاكه، وشخصية الخطيب الذي لا يهتم بعواطف فتاته ولا يحاول فهمها أو فهم مشاعرها.
1959
قدم تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أقدم اقتباس معروف من المسرحية.
1986
بثت إذاعة بي بي سي، نسخة إذاعية من المسرحية، تألق فيها: آنا ماسي، جولييت ستيفنسون، آلان ريكمان.
2006
أوبرا ضخمة للملحن الهاييتي العالمي ايفارز بلين، بعنوان «عرس الدم»، للمخرج الهولندي هانز فلس.
2007
بث راديو (بي بي سي 3) إنتاجا جديدا للمسرحية (ترجمة تيد هيوز)، وضم: باربرا فلين بدور الأم.
1938
فيلم إسباني من بطولة مارغريتا كسيرغو، في تكرار لدورها في المسرحية على خشبة المسرح.
1981
فيلم إسباني من إخراج كارلوس ساورا وأداء الراقص الأسطوري أنتونيو غاديس وفرقته، ونال الفيلم أربع جوائز.
2007
فيلم وثائقي للمخرج الهولندي، هانز فلس عرض للمرة الأولى في مهرجان هولندا السينمائي.
1957
أوبرا «بلوذوشذيت»، التي قدمها المطرب الأوبرالي ولفغانغ فورتنر، بنص ترجمه هنريك بيك إلى الألمانية.
1964
نسخة أوبرالية بعنوان «فرناز»، بتوقيع الموسيقار المجري ساندور سيزوكولاي، قدمت للمرة الأولى ببودابست.
1935
مسرحية عرضت في برودواي، بعنوان «لو أوتيزمو»، اقتبست من النسخة الإنجليزية للعمل.