يأتي كتاب «داعش السكين التي تذبح الإسلام»، لمؤلفيه ناجح إبراهيم وهشام النجار، ليفصل ويشرح حقيقة هذا التنظيم وجذوره وخلفياته وأفكاره.. وليحلل بعمق، أدواره المريبة في الصراعات الإقليمية والدولية بما يجعله مجرد أداة تحركها قوة لا تريد لهذه الأمة الخير والنهوض واستقلال الإرادة والوحدة بخنقها بالصراعات المذهبية وضرب استقرارها وتمزيق وحدتها.

يطرح الكتاب مجموعة من التساؤلات المهمة حول التنظيم وما وراءه والدور الذي يلعبه، حيث يتتبع بدقة وبعمق، ملف داعش من جميع جوانبه السياسية والاستراتيجية والفكرية والحضارية والشرعية الدستورية.

ويخصص فصلا لكل محور من تلك المحاور، مع فصل خاص مستقل للتعريف بـ«داعش» تنظيماً وفكراً وامتداداً ومرجعية، كاشفاً كيف أن هذا التنظيم أسهم في تشويه الصورة الحضارية للإسلام وللأمة، وفي إعاقة مسيرتها الحضارية الإيجابية الفاعلة، وذلك دون أن يهمل الجانب الشرعي الدستوري.

ويوضح الكتاب أن فكر داعش الأصلي هو فكر التكفير والتفجير الذي نشأ عليه تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وهو يكفر الجيوش العربية بلا استثناء، وكذلك جميع الرموز والأحزاب السياسية، كما يكفر جميع الشيعة، ولا يؤمن إلا بالقتال سبيلا لإقامة الدين والدولة.

ويعتبر داعش مرتكب الكبيرة كافراً، ويلاحق مرتكب المعاصي، ولا يعذر أحدا من العوام بجهله، كما يكفر كل من لا ينضم إلى الجماعة أو الدولة التي يعتبرونها «دولة المسلمين»، ومن لم يعلن الولاء لها، أو ينضم إلى التنظيم ويبايع أميره.

ويحرّم التكفيريون الديمقراطية والانتخابات والمشاركة السياسية وتداول السلطة، كما يعد كل الحكام «الذين لا يحكمون بما أنزل الله»، وفق تصوراتهم لهذا المفهوم، كفاراً، كما يكفرون العلمانيين والليبراليين واليساريين والقوميين والناصريين، والحركات الإسلامية الأخرى التي لا تذعن وتعلن مبايعتها وولاءها لداعش وأميرها، بالإضافة لتكفير أعوان الحكام ومؤسسات دولهم، سواء العسكرية أو المدنية أو العاملين فيها.

ويرى الكتاب أن داعش «استلت السكاكين لإقامة الحدود وقطع الأيدي وذبح الرهائن والمدنيين وإشاعة الرعب والفزع في قلوب مخالفيها وفي نفوس البشر، وداعش في حقيقة الأمر ما هي إلا أداة وسكين في يد خصوم ومنافسي هذه الأمة، لذبح الإسلام وتمزيق جسد الأمة».

ويتساءل: هل يستطيع «تنظيم داعش» إقامة دولة؟ وتؤكد الإجابة أن أي تنظيم يعتنق فكريّ التكفير والتفجير لن يستطيع أن يقيم دولة، الخوارج لم يقيموا دولة رغم جيوشهم الكثيرة..

ولم يحدث في تاريخ الإسلام أن أقام هذا الفكر دولة.. لأنه يملك مقومات تفجير وتدمير الدول وليس إقامتها ولأن الفكر يعادي الجميع ويستبيح دمه. فالدول في الغالب تقوم على فكريّ التعددية والتسامح مع الآخر المختلف عقائديا وفكريا، حتى إن حدث وأقام دولة فإن هذه الدولة تنفجر من الداخل لأن فكر التكفير كالقنبلة الانشطارية التي تتمزق بين الحين والآخر إلى شظايا.

ويشير الكتاب إلى أن «داعش ضربت بعرض الحائط مبادئ الشريعة الإسلامية وقيمها الأساسية: من شورى وحرية وعدالة ومساواة واحترام للتنوع والتعددية والحريات الشخصية ومسؤولية الحاكم ومراقبة أدائه ومحاسبته إذا أخطأ أو تجاوز أو استبد أو طغى، وأظهرت مقابل ذلك تمسكها بإقامة الحدود الجنائية..

وهي جزئيات وفرعيات في الشريعة تتعلق بالقوانين والعقوبات ولا ترقى لأهمية القيم والمبادئ العليا للشريعة التي أهدرتها داعش وعصفت بها، لتقدم صورة قاصرة شائهة للحكم الإسلامي لا تمت بصلة لنظام الحكم في الإسلام إلا فيما يخص بعض المظاهر والفرعيات، التي إذا تم تفريغها من الجوهر والمقصد والمبدأ والقيمة ..

ـ وهو ما فعلته داعش ـ صارت كارثة ومصيبة وإدانة تاريخية لا تمحى لهذا المنهج الذي تدعي داعش الانتساب إليه، إذا لم يؤدي أهل الشأن وأصحاب الواجب دورهم ويقوموا بمسؤولياتهم ويدافعوا عن الإسلام ويقدموا للعالم النموذج الحضاري المثالي لشريعة الإسلام».