يرى مؤلف كتاب «الخط العربي في كتابات الرحالة الغربيين»، د. علي عفيفي علي غازي، أن الخط العربي يلعب دوراً في التربية الإسلامية، ويتصدى للأصول الفكرية الكامنة وراء مناهج التعليم، إذ يحتل مكان الصدارة بين الفنون الإسلامية لأنه من الفنون المتطورة عند المسلمين وخير شاهد على براعتهم.

يشير المؤلف إلى اختلاف المؤرخين وعلماء اللغة العربية حول تحديد جذور الكتابة العربية، ومن ثم نشأة الخط العربي، موضحاً أنه من المؤكد ظهوره قبل الإسلام لأن العرب استعملوا هذا الخط في مواثيقهم وعهودهم وأشعارهم ومعلقاتهم.

ويستعرض المؤلف آراء العديد من الرحالة الغربيين حول الخط العربي، فيبدأ بعرض رأي الرحالة كارستن نيبور، وهو عالم دنماركي من أصل ألماني، لفت الخط العربي انتباهه. إذ نراه يرصد تفاصيل المرحلة من رحلته بداية من نزوله بميناء البصرة وانتهاء بمغادرته الأراضي العربية، متجهاً إلى أوروبا، ويتوسع ضمنها في سرده حول كتابات وفنون متنوعة من الخط العربي على الباب الوسطاني ببغداد..

كما يحكي عن كتابات بالخط الكوفي فوق مداخل تكية لدراويش الطريقة البكتاشية ببغداد، والتي يعرفها بأنها «عمارة عتيقة شاهقة»، الأمر الذي يدل على اهتمام الرحالة بفن الخط العربي ومعرفتهم بأنواع الاختلافات بينها.

ويقارن نيبور بين الخط الكوفي الذي يراه في بغداد وخط كوفي آخر كان قد نقله من بلاد اليمن، فيقول إن هذا النوع من الكتابة له تشابه كبير مع الكتابة التي استنسخها في اليمن والمنشورة في اللوحة التاسعة في القسم الخاص بوصف الجزيرة العربية، ويستنتج من هذا، أن العرب في أزمانهم الغابرة عندما كان العلم مزدهراً تحت حكمهم، تفننوا في كتابة حروف لغتهم الهجائية أيضاً.

أما جان روسو، فيتحدث عن الخط العربي على مئذنة طيبة الإمام بريف حماة في سوريا، وهي جزء من جامع مقام الإمام علي والذي بنى المئذنة معاً عام 1002 ه: 1593 م،.

وينتقل روسو إلى قصور الأخوين، فتتأكد معرفته بالخط العربي وقواعده، إذ يكتب قائلاً «هناك قوس قائم على دعامتين مرتفعتين في وسط الساحة أما القصر الثاني فهو أصغر من الأول بقدر النصف.. جدرانه عريضة وعالية بما يناسب البناء، إنه مشيد وفق تصميم على أنه ليس له غير باب واحد من جهة الغرب، ومقابل باب العمارة الكبير توجد كتابة عربية باللون الأحمر فوق الباب من الداخل».

ويورد المؤلف انطباعات جيمس بكنغهام (وهو رحالة إنجليزي)، عن الخط العربي، إذ يذكر الخط والكتابات في رحلته أولاً بالإشارة إلى أنه رأى كتابات بالخط المسماري في (تل المجبلي) في العراق.

أما جين ديولا فوا (وهي رحالة وعالمة آثار ومؤرخة فرنسية)، المعروفة بحبها وشغفها وولعها بالتاريخ القديم، فهي التي قامت برحلتها إلى العراق في عام 1299ه/‏‏ 1881 م. وتشاهد ديولا فوا الخط العربي على بناية المدرسة المستنصرية..وتسجل انطباعاتها وإعجابها بتلك الكتابات.

ويقسم يوليوس اويتنغ (وهو رحالة ومستشرق ألماني)، مجموعة النقوش التي عثر عليها مكتوبة في طريقه من حائل إلى تيماء، إلى نوعين من الخطوط: الخط العربي الشمالي القديم (الثمودي) والخط النبطي.

وينال الخط العربي اهتمام الرحالة اويتنغ، لأنه الصورة المرئية للغة العربية، بالرغم من بدائية حروفه في مراحله المبكرة، والتي لا تعدو في شكلها عن كونها رسوماً بسيطة تنقش على الحجارة بمواد بدائية ومهارات محدودة.

ويروي المؤلف شهادات وآراء وانطباعات رحالة غربيين آخرين، ضمن الكتاب، عارضاً لما سجلوه من إعجابات وثناءات بقيمته الفنية وسماته المتفردة.

الكتاب: الخط العربي في كتابات الرحالة الغربيين

المؤلف:د. علي عفيفي علي غازي

الناشر: المجلة العربية - الرياض 2017

الصفحات:

127 صفحة

القطع: المتوسط