تعد جامعة القاهرة من أبرز الجامعات في العالم العربي، كونها ثاني أقدم الجامعات المصرية والثالثة عربياً بعد جامعة الأزهر وجامعة القرويين؛ ولذلك تشكل مكتبتها المركزية بفروعها المتعددة واحة للمعلومات والمعرفة بمقتنياتها المتميزة من عصور سابقة، كما تعد بمثابة كنز للباحثين؛ لاحتوائها على آلاف الرسائل العلمية، إضافة إلى المخطوطات القديمة والبرديات.
تحتوي المكتبة المركزية لجامعة القاهرة على ستة طوابق تضم العديد من القاعات ذات الأنشطة المتنوعة. في الطابق الأرضي يقابل الزائرين من المصريين والعرب والأجانب بهو كبير فيه مكان الاستقبال المخصص من أجل وضع الحقائب الشخصية، وعمل الإجراءات الخاصة بعضوية المكتبة، إلى جانب رفوف تحمل العديد من الكتب والمجلات التي تصدرها الجامعة أو الجهات الحكومية المصرية.
البهو يحمل أيضاً عدداً من أجهزة الحاسب الآلي المخصصة للبحث عن أي كتاب داخل أحد طوابق المكتبة الستة، من خلال وضع اسم المؤلف أو اسم الكتاب في محرك البحث؛ لتأخذ رقمه الذي تعرضه على أحد المنظمين في المكتبة ليُحضره إليك، أو تبحث عنه من خلال تسلسل رقمي في المكتبة، فكانت بذلك بهواً للمعرفة تضيء دروب روادها.
طابق للمخطوطات
وتقع في الطابق الأرضي أيضاً قاعة «سفارة المعرفة»، وهي إهداء من مكتبة الإسكندرية لتقدم أبرز خدماتها وتتيح أهم مجموعاتها؛ حيث تتيح القاعة جميع محتويات مكتبة الإسكندرية على موقع مستودع الأصول الرقمية (dar). وتتيح أيضاً خدمة البث عبر شبكة الإنترنت التي تقدم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام في مركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية.
وتزخر المكتبة في أحد طوابقها الأخرى بالمخطوطات القديمة والبرديات والخزفيات، وحتى بعض السيوف والأسلحة القديمة التي تعود إلى عصور قديمة، إلى جانب أول لائحة لجامعة القاهرة والتي صدرت في 15 أبريل عام 1908، إضافة إلى محاضر للجلسات وألبومات صور وسجلات الزيارات والمجموعات النادرة من الكتب والتحف التي أهديت للجامعة، كذلك ثلاث مجموعات من كتاب «وصف مصر»، كما يحتوي هذا الطابق على وثائق الحملة الفرنسية؛ متضمنة مجموعة من المستندات الأصلية والقرارات السرية التي أصدرها نابليون بونابرت وكتبها بخط يده أثناء وجوده في مصر، وكذلك توجد مجموعات نادرة من المخطوطات باللغة العربية واللغة الحبشية من أجل عرضها على راغبي الاطلاع على التاريخ.
وجهة الباحثين
وبخلاف ذلك، تحتوي المكتبة على قاعة تضم جميع رسائل الماجستير والدكتوراه التي رعتها جامعة القاهرة، في هذه القاعة آلاف الرسائل العلمية في كل المجالات تتيحها الجامعة لجميع الطلاب والباحثين وتعد فرصة للاطلاع عليها.
وتخصص المكتبة طابقاً كاملاً من أجل الطلبة والباحثين، عن طريق المناضد التي تحيطها الكراسي المريحة لجلوسهم بغرض الاستذكار أو القراءة، في مبنى يحوي رفوف الكتب المهمة والمسلسلة والمعنونة على حسب اتجاهاتها ما بين الدين والسياسة والعلوم والاقتصاد والتاريخ والعلوم الإنسانية واللغوية وغيرها.
أمهات الكتب
وفي خطوة تعكس أهمية المكتبة المركزية لدى الأدباء والسفراء والمفكرين، لم يكن غريباً أن تحوي في طابقها الرابع قاعة «المكتبات المهداة»؛ حيث تحتوي على أمهات الكتب والنسخ الوحيدة ذات القيمة العالية من الناحية الأدبية وبعض المقتنيات في جميع فروع المعرفة المهداة من أساتذة الجامعات والأدباء والسفراء وكبار المسؤولين في الدولة والمكتبات المهداة حسب تاريخ ورودها للمكتبة، من أبرزها مكتبة الإسكندرية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ود. كمال البنتانوني ود. مصطفى خليل والسفير حسن غانم وغيرهم.
كما تحتوي مكتبة جامعة القاهرة على قاعة «بانوراما التراث»، التي يتعرف من خلالها الطلاب إلى تراثهم وتاريخهم عن طريق العرض البانورامي أو «الكالتشراما» الذي يعتبر أول نظام عرض تفاعلي على 9 شاشات في العالم، تأكيداً من المكتبة بالدور الذي تلعبه المرئيات بجانب الكِتَاب لتوصيل المعلومات بشكل أفضل.
أما «قاعة النابغين» فوظيفتها داخل المكتبة تأهيل الطلاب لسوق العمل؛ من خلال ورش وفعاليات تنميهم. تقام الدراسة بأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة، إلى جانب قاعة الإنترنت التي يتاح فيها للطلبة والباحثين تفقد الإنترنت من أجل استكمال أبحاثهم أو لطبع أبحاث مهمة من الإنترنت داخل المكتبة.
وهناك أيضاً قاعة «طه حسين» التي خصصت لدعم الطلاب والباحثين المكفوفين من خلال أجهزة حاسب آلي خصصت لدعمهم في البحث العلمي بأحدث الوسائل، إضافة إلى قاعة كبيرة من أجل استضافة كبار الزوار أو لإقامة الندوات والمؤتمرات.
إصدارات مهمة
تتزين المكتبة بمجموعة واسعة من الإصدارات المطبوعة، وتتنوع ما بين إصدارات في الفنون مثل التجديد والتأصيل في عمارة المجتمعات الإسلامية وشواهد القبور الأيوبية والمملوكية في مصر والجامع الأزهر الشريف وقصور وحدائق المنتزه وتاريخ فن العمارة والفن الإغريقي. أما في العلوم الاجتماعية فالمكتبة تحوي كتباً مثل نهضة الأمة وحياتها، نحو مستقبل أفضل، المرأة في عام غير آمن، شروط النهضة، قضايا الإصلاح العربي، العودة إلى الذات، التلاقي العظيم، تجارة غير مشروعة، أقوى المسالك في معرفة أحوال الممالك، المدرسة الإسلامية، الشباب والإصلاح والتحديات.
وكذلك في المعارف العامة هناك آلاف الكتب التي تتناول الثقافة العربية وكيفية تطويرها. وفي الديانات تعرض المكتبة العديد من الأعمال مثل المرسل الأمين، الشيخ محمد عمارة، طلعة الشمس، إلى جانب الفلسفة والمعارف العامة واللغات، وكذلك في اللغة العربية وآدابها.
تناقل المعرفة
ولأن القائمين على المكتبة يدركون أهمية تناقل المعرفة، فقد أنشؤوا قسماً للتصوير في داخلها لطبع الصفحات المهمة من كتب التراث والتاريخ الأصلية التي لا تخرج من بين جدران المكتبة، إضافة إلى معمل المسح الرقمي الذي يصور الأعمال على أسطوانات مدمجة «سي دي» أو يرسله عبر البريد الإلكتروني؛ تسهيلاً على الطلاب - خصوصاً المغتربين - حمل الأوراق.
رؤية
وتهدف المكتبة المركزية بجامعة القاهرة، وفق ما تؤكده مديرتها الدكتورة أماني أحمد، إلى زيادة الوعي الثقافي بين طلاب الجامعات تجاه دور المكتبة ووظيفتها، وتوطين فكرة أن المكتبة ليست مجرد مكان للكتب؛ بل هي مصدر للمعرفة وحكم بين القراء من أجل زيادة المعرفة بينهم.
أما فيما يخص رسالة المكتبة فتوضح أنها تتمحور حول ما يقوم به فريق العمل من مشروع تسويقي شامل للمكتبة ككل، شكلاً وموضوعاً، للتنويه عن الخدمات الحالية التي تقدمها المكتبة، مع وضع خطة مالية وزمنية لتطوير وتسويق هذه الخدمات على نطاق واسع.
وبالطبع مكتبة جامعة القاهرة لها جمهور تهدف إلى مساعدته ودعمه من خلال الكتب الموجودة بين جدرانها، وهم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وباحثو الدراسات العليا من جامعة القاهرة وغيرها من الجامعات الأخرى.
قواعد للرواد
عند زيارتك إلى المكتبة المركزية بجامعة القاهرة ستجد أنها تتبنى عديداً من القواعد؛ أهمها ضرورة إثبات الهوية عند طلبها وتجديد بطاقة العضوية داخل المكتبة، إلى جانب ضرورة التزام الهدوء داخل المكتبة والمحافظة على نظافتها، إذ خصصت حجرة كاملة للحديث في الهاتف، منعاً لإزعاج الدارسين بداخلها.
ومن القواعد أيضاً: ضرورة وضع الأغراض الشخصية خارج المكتبة؛ منعاً لمحاولة الحصول على أي كتب بشكل غير شرعي، إلى جانب مراعاة التعليمات الخاصة بالتعامل مع كل ما تقدمه المكتبة من خدمات مثل المتحف والإنترنت والبحث في قواعد البيانات وقاعة بانوراما التراث والأنشطة، وكذلك عدم محاولة الخروج بأي كتاب قبل استعارته.
كذلك، تنصح المكتبة الوافدين إليها بعدم نزع أي صفحات من الكتب أو المجلات أو الرسائل أو الكتابة داخلها، بجانب ترك الكتاب على الطاولة بعد الانتهاء منه وعدم وضعه على الرف مرة أخرى، وأيضاً عدم نسخ أي مادة سمعية أو بصرية أو إلكترونية على أشرطة خاصة، وعدم استخدام كاميرا المحمول في تصوير مقتنيات المكتبة وكذلك الكاميرات الخاصة.
برامج تدريبية وتطبيقات حديثة
المكتبة المركزية بجامعة القاهرة تُعنى بشكل خاص بالبرامج التدريبية والتطبيقات الحديثة في المكتبات العالمية، حيث أقامت برنامجاً بعنوان «مهارات الاتصال الفعال». كما أقامت ندوة علمية بعنوان «التطبيقات الحديثة في المكتبات بأميركا وأوروبا»، إضافة إلى المؤتمر العلمي التاسع لقسم المكتبات والوثائق والمعلومات.
جناح
ركن فرانكفوني في المكتبة
زار المكتبة العديد من الشخصيات الدولية، آخرهم نائب السفير البلجيكي في القاهرة من أجل فتح الركن الفرانكفوني بالمكتبة، إلى جانب زيارة وفد من جامعة ولاية ميزوي الأميركية ومجلس أمناء الرخصة الدولية لقيادة الأعمال IBDL وعدد من رؤساء جامعات الدول العربية والعالمية.