أتصور أن معظم الناس سيدركون على الفور، مع استهلال هذه السطور، القصة التي أشير إليها. ونحن نتحدث عن رجل وامرأة يعيشان في جنة عدن، ويستمتعان بكل المباهج. ولكن شيئاً واحداً هو محظور عليهما، إذ لا يمكنهما أبداً، معرفة معنى الخير والشر.
ذات يوم، ظهرت من بعيد حية تسعى، ومضت تحدثهما عن أن هذه المعرفة أكثر أهمية من الجنة وينبغي لهما تملكها. فترفض المرأة قائلة إن السماء هددتها بالموت إذا اجتازت هذا الحاجز. ولكن الحية عادت لتؤكد لها أن هذا لن سيحدث، وإنما الأمر على النقيض، ففي اليوم الذي يعرفان خلاله ما الخير وما الشر، سيصبحان مخلوقين ساميين.
اقتنعت المرأة بما قيل، وشرعت تأكل الثمرة المحرمة وتعطي بعضها للرجل. ومذاك، اختل التوازن الأصلي الذي كان سائداً في الفردوس وطرد الزوجان منه. وحلت بهما اللعنة. ومع ذلك، ظلت بعض الكلمات غامضة. ومنها، القول: "إن الإنسان سيصبح واحداً منا. وسيعرف الخير من الشر".
ويظل كثير من المفسرين يتوقفون عند هذه الكلمات، ويطرحون الأسئلة حولها. وأياً كانت الإجابة، فمن الجلي، أنه منذ البداية، قدر على الجنس البشري أن يوجد في إطار من الانقسام الخالد، وأن يتحرك على الدوام بين هذين القطبين المتقابلين. ونحن نظل على هذه الحال تطاردنا الأسئلة ذاتها التي طالما حيرت أسلافنا، وشأنهم تماماً، فإنه ليست لدينا إجابة أصلية، نستطيع أن نقدمها إلى من يطرح علينا الأسئلة الصعبة.