يقال إن فراشة صغيرة، هشة الجسم وحساسة الروح، كانت تُحلّق على جناحي الريح ذات أصيل، عندما رأت نجماً بالغ التألق ووقعت في هواه، فعادت إلى دارها متلهفة لإبلاغ أمها أنها اكتشفت معنى الحب. كان رد أمها البارد:« يا للسخافة! النجوم لم تخلق للفراشات لكي تُحلّق حولها، فابحثي عن عمود من النور أو مصباح كي تقعي في هواه، فهذا هو ما خلقنا من أجله».

أصيبت الفراشة بخيبة الأمل. لكنها خاطبت نفسها: «كم مدهش أن أحلم بهذا النجم». وفي اليوم التالي، كان النجم في الموضع نفسه. فقررت الفراشة التحليق في السماء والدوران حول ذلك النور المتألق، وزيادة حبها له. كان يصعب عليها أن تُحلّق عالياً هكذا، لكنها تمكنت من التحليق أمتاراً قليلة فوق ارتفاعها المعتاد.

ثارت أمها غضباً. وحاولت الفراشة أن تنسى الأمر برمته وتقع في غرام ضوء منبعث من أحد المنازل. كما حاولت أن تُحلّق عالياً قدر استطاعتها. إلا أنها، وعند كل صباح، كانت تحس بالضعف والحزن. ثم بدأت تهتم بما حولها، وأحبت نجمها لأنه دفعها إلى رؤية جمال العالم وثرائه. مضى وقت طويل. وذات يوم جميل، قررت العودة إلى الدار. وعندئذ، سمعت أن كل الفراشات التي التقتها يوماً، نفقت واحترقت في الأضواء ولهيب الشموع. إذ قضى عليها الحب (السهل واليسير!).

ورغم أن الفراشة لم تستطع الوصول إلى نجمها، عاشت وحيدة طوال سنوات، واكتشفت شيئاً مختلفاً ومثيراً للاهتمام كل ليلة. وأدركت أنه، أحياناً، يجلب الحب المستحيل، بهجة وخيراً، أعظم من ما نجده في متناول أيدينا.