كازو إيشيغورو ليس اسماً لامعاً في عالم الرواية الغربية، رغم سجله الروائي (8 روايات) الحافل بالجوائز، نصف تلك الروايات تُرجم إلى اللغة العربية، لكنه شبه مجهول في بلاده، وحسب أخبار جاءت من بلاد الشمس الساطعة فقد بحث عنه اليابانيون مطولاً ليتعرفوا واحداً من أبناء جلدتهم يحوز على جائزة نوبل، وهو الثالث بعد ياسوناري كواباتا وكنزبور أوي، لكنه يكتب بالإنجليزية ويحمل الجنسية البريطانية، فضلاً عن بضعة أسماء أخرى في الطب والعلوم والرياضيات أشرقت بحوثهم في البلاد المنخفضة.

(فنان من العالم الطليق) و(بقايا النهار) و(من لا عزاء لهم) و(عندما كنا يتامى). روايات كازو إيشيغورو التي ترجمت للعربية، لكنها ظلت منذ منتصف الثمانينيات في القرن الماضي روايات عابرة ليست محل اهتمام كبير مثل (الجميلات النائمات) لكواباتا، ربما السبب لأنه يكتب عن ماضٍ حزين وشخصيات عالقة في الماضي تفتقد الأمل أو تائهة وسط حقل من العدم، رغم أن كتبه ترجمت إلى أكثر من 40 لغة حول العالم، لكنه ليس بالبريق الذي يغمض العينين لشدة توهجه.

هذا يعني أن الأكاديمية السويدية أعادت الجائزة إلى الأدب بعدما ظننا أن الإبداع المزدوج سوف يلقى طريقه إليها، إثر فوز بوب ديلان العام الماضي بالجائزة، وهو مغنٍّ ومؤلف موسيقي أكثر منه شاعراً أو كاتباً متميزاً، ولطالما اعتقدنا أن نوبل لو توجهت إلى ثقافة الشرق لكان هاروكي موروكامي أقرب إليها من غيره، لكنها كانت مفاجأة مزدوجة: عودة للأدب، وكاتب حزين تلقى أعماله الكثير من النقد.

ولطاما تحدث ايشيغورو عن الثقافة المزدوجة لتنشئته (اليابانية - البريطانية): «من الصعب جداً بالنسبة لي، تمييز مدى التأثير الياباني الذي ورثته طبيعياً، وإلى أي مدى صنعت هذا التأثير لنفسي فعلًا، لأنني شعرت بأنه ينبغي عليّ ذلك». حيث إن البيت يعيش بطريقة يابانية، لكن محيطه إنجليزي محض. وهو ما يجعل الإبداع في صيغة أفضل عندما تمتزج الثقافات، وهو ما يميز طبيعة الشخصيات التي يكتب عنها.

أجزم أن إيشيغورو سيشغل العالم لعدة أشهر وستدخل شعوب أخرى إلى قائمة الترجمات لتقرأ أعماله، ولكن الفيصل الحقيقي ما سيكتبه النقد الياباني عنه؛ فهو الأقدر على التقاط سر الشرق أو سر الحزن في رواياته.