عام 1997 شككت بذاكرتي، وخشيت أن أُصاب بالزهايمر، ولعل الموت أرحم بكثير من هذا المرض، لم أراجع طبيباً مختصاً لمعرفتي أن لا علاج مكتشف حتى اليوم، وإلا لوصف للرئيس الأميركي الأسبق «رولاند ريغان»، إذن ماذا أفعل، فقلت لنفسي إن الدماغ عضلة مثل كل عضلات الجسم، إلا أنها تتميز عن غيرها بما لها من صفات ومهام أساسية في حياة الإنسان فقررت تنمية هذه العضلة.

كيف أنمي عضلة الدماغ؟!

سؤال حيرني، وكانت الإجابة تتحدد في القراءة مثلاً وهو أمر ثابت علمياً، إلا أنني ابتكرت لنفسي ما سميته علاجاً وهو تجميع الأمثلة الشعبية، ووضعت في مقعد السيارة بجانبي أوراقاً وقلماً وكلما تذكرت مثلاً أسرعت لكتابته، وكنت أمارس عملية التذكير بشكل مستمر، أينما أكون وفي أي ساعة من النهار أو الليل.

أجمع الأمثلة بأوراق متفرقة، ثم أحضرت دفتراً بـــ200 صفحة، مقسم حسب الحروف الأبجدية، وأقوم بنقل الأمثال حسب حرف بداية المثل لأضعه في الصفحة المشابهة للحرف، ويوماً بعد يوم أصبحت عندي عادة في جمع الأمثلة، ونسيت شكوكي وخوفي في الإصابة بالزهايمر، وطبيعي لم أصب وإنما كانت وساوس.

وكانت الأمثال تزداد عدداً من مثل واحد إلى عدة أمثال، وواصلت جمعي للأمثلة الشعبية حتى بلغت حوالي ألف مثل شعبي قابل للزيادة في الأيام المقبلة.

الأصدقاء الذين اطلعوا على هذا (الدفتر) اقترحوا طباعته بكتاب، إلا أنني حتى الآن لم أبادر، وأصدقائي يصرون على الطباعة ليس فقط حفظاً لهذه الأمثلة القابلة للنسيان، إنما أيضاً لتذكير شباب اليوم بهذا التراث الشعبي المنسي عند شريحة الناس بشكل عام وخاصة شريحة الشباب.

بالضرورة سأفرغ حالي وأخصص وقتاً وأمنحه لهذا المشروع وتنسيق أمثلته والعودة بكل مثل إلى أصله العربي، أو أمثال مشابهة عند أقطار عربية أخرى فيها نفس الأمثال بمفردات لغوية تختلف قليلاً وتتفق بالمعاني.

تجربتي هذه عبارة عن عصفورين بحجر واحد، جمع الأمثال، ومعالجة الشك والخوف من الزهايمر..ربما يطبقها غيري بشكل آخر مفيد.