زاخرة بنور المعرفة هي رفوف مكتبات دبي، ومغرقة في التاريخ أيضاً، فمداها الزمني يتجاوز حاجز الخمسة عقود، أما مداها الثقافي فهو أعمق بكثير، فأصل الحكاية بدأت من منطقة الراس، حيث قلب دبي النابض، لتتوالى صفحاتها واحدة تلو الأخرى، حتى انتهت عند حدود مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، التي شيدت على ضفاف الخور بمنطقة الجداف.
حيث واجهة دبي الثقافية، وفصِّلت على مقاييس عالمية، قافزة بذلك على حدود مصطلح «مكتبة عامة عادية»، لتبدو «مكتبة حية تصل إليك قبل أن تصل إليها وتزورك قبل أن تزورها، وتشجعك على القراءة منذ الصغر، وتدعمك عالماً وباحثاً ومتخصصاً عند الكبر»، وفق ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال حفل إطلاقها في 2016.
بين مكتبة الراس العامة ومكتبة محمد بن راشد، فاصل زمني مقداره 58 عاماً، حيث الأولى شكلت اللبنة الأساسية التي وضعها المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، في مشهد دبي الثقافي، بينما جاءت الثانية لتكون لؤلؤة هذا المشهد الثري بالمبادرات التي تحث على اتخاذ الكتاب «خير جليس».
رقمنة
في دبي لم يسكن الكتاب فقط رفوف مكتبة الراس، فقد دثرته «دانة الدنيا» في 7 مكتبات عامة إضافية، وزعت في أرجاء الإمارة، لتكون منارات علم ومعرفة. ومع مرور الوقت ارتدت مكتبات دبي ثوب الرقمنة، وقربت مخزونها المعرفي من القارئ، ليصبح على بعد كبسة زر واحدة.
فيما لم يقتصر اهتمام دبي على إنشاء المكتبات العامة فقط، وإنما وضعت بصمتها أيضاً على صفحات الشبكة العنكبوتية، من خلال تدشين مجموعة مكتبات رقمية، وعلى رأسها مركز المعرفة الرقمي التابع لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
والذي يُمكن زائره من الوصول إلى 2,606,604 مادة رقمية و245,906 عناوين. مكتبات دبي العامة، مثقلة بالمعرفة، فموادها المعرفية الموجودة تتجاوز حاجز الـ481507 مواد، جلها متاحة للعامة الذين سيكونون مع افتتاح مكتبة محمد بن راشد، على موعد مع أكثر من 4 ملايين كتاب، تسكن في قلب المشروع.
اهتمام
وفي اليوم العربي للمكتبة، ترتدي مكتبات دبي أجمل حللها، وتتزين بمزيد من المعارف والكتب، لتحتفي بالقراء الذين تعودوا قضاء جل أوقاتهم في أحضانها.
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم لـ«البيان»: «الاهتمام بالمكتبات قديم، لارتباط الإنسان بالورقة والقلم»، وأضاف:
«وفي الإمارات ودبي خاصة، عرفت المكتبات حضوراً لها قبل قيام الدولة، فإلى جانب ما كانت تعمر به بعض البيوت من وجود للكتاب، فقد افتتح المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، أول مكتبة عامة في بداية الستينيات، وفي هذا سبق وريادة مبعثها كون دبي مركزاً طامحاً إلى الأمام، وقد كان لمكتبة دبي العامة في منطقة الراس دور كبير في نشر قيمة القراءة والاهتمام بالكتاب»، وواصل:
«وجاءت مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بإنشاء مكتبة محمد بن راشد، لتضاف إلى عديد المؤسسات والمكتبات والمراكز التي تعمل في هذا المجال في الجوانب العامة والخاصة والأكاديمية».
منارة معرفية
أما الكاتب والإعلامي وليد المرزوقي فقال: «تطور المكتبات في دبي، يمكن اعتباره مؤشراً على مدى اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالثقافة»، مضيفاً:
«تاريخياً كانت دبي سباقة في الاهتمام ببناء المكتبات، حيث احتضنت أول مكتبة عامة على مستوى الإمارات، وهي مكتبة الراس التي افتتحها المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، في الستينيات، وحالياً نرى توسعاً ملحوظاً في المكتبات العامة التي أصبحت تغطي أرجاء الإمارة».
وتابع: «جهود دبي بهذا الصدد، توجت بالرؤية الثقافية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي تدعم قوة المشهد الثقافي في دبي، وتجعل منها عاصمة ثقافية ومنارة معرفية، وذلك بلا شك يتأتى من خلال جهود القيادة الرشيدة في تطوير المكتبات والارتقاء بالكتاب».
مبيناً أن إنشاء مكتبة محمد بن راشد، جاء ليمثل الجوهرة في عقد المكتبات. وقال: «مع افتتاح مكتبة محمد بن راشد، سنكون على موعد مع أكبر مكتبة عربية على مستوى الشرق الأوسط».