«يا حبيب الإله وخير حبيبٍ وشفيعٍ إذا استجار الأنام، يا حبيب الإله شفعت شافع، يا حبيب الإله شفعت شافع، ومحب الحبيب ومحب الحبيب ليس يضام».

هذا جزء من موشح كانت تتدرب عليه مجموعة رابطة المؤذنين في الجامع الأموي الكبير في دمشق، حيث اعتاد أعضاؤها، الاجتماع كل ثلاثاء، واختيار أحد الموشحات، والتدرب عليها لأدائها قبل صلاة الجمعة من كل أسبوع، في تقليد متوارث، دأبوا للحفاظ عليه منذ مئات السنين.هذا التقليد ليس ما يميز الجامع الأموي بشكل خاص عن سائر الجوامع والمساجد في العالم الإسلامي فقط، بل إن هناك أذان الجماعة، واستخدام المقامات الموسيقية في الأذان والتسليم والتبليغ، ليشكل علامة فارقة في العالم الإسلامي. إذ تنشر الأذان على وقع هذه المقامات، روح الإيمان والخشوع مقرونة بجماليات قيم الخير والمحبة والتسامح.

أذان الجماعة

يعتبر أذان الجماعة، أو ما يعرف باسم أذان الجوقة، وهذا ليس له نظير في العالم الإسلامي، وإنما في دمشق. وكان يرفع في العديد من مساجدها، إلا أن الأساس في المسجد الأموي، وذلك بحسب ما ذكر الشيخ محمد زهير بيانون أحد أعضاء رابطة المؤذنين. والأذان الجماعي ليس فقط ما يميز المسجد الأموي عن بقية المساجد في العالم، بل إن هناك المقامات الموسيقية في الأذان المتعلقة بكل يوم، والذي يتميز بمقام موسيقي، وخاصة أذان العصر. يقول الشيخ محمد الشيخ والشيخ محمد سرور، إن الأذان في دمشق يرفع على مقام الرست بشكل عام، إلا أن تسليمات الأذان تختلف من يوم لآخر.

وأضاف الشيخ «تأتي التسليمات يوم الأحد وفق مقام البيات، الاثنين بمقام النوى، الثلاثاء بمقام السيكا، الأربعاء بمقام العراق، الخميس بمقام الحُجاز، السبت بمقام الرست.وأوضح الشيخ أنه في الصلوات جميعها، اعتباراً من الركعة الثالثة، نقوم بنغمات اليوم الذي نحن فيه، والداخل إلى الجامع، يعرف من خلال التبليغ، الإمام بأي ركعة.

وقد استبدلت المقامات الغربية (النهوند والعجم)، بمقامات شرقية، وهي النوى والعراق، فيما يبدأ الأذان بقول الله أكبر على مقام السيكا، ويختم بالرست، بحسب رابطة المؤذنين.

وهناك استثناء وحيد، وهو أذان صلاة الظهر، فيرفع دائماً على مقام الحجاز، في أذان العصر تختلف النغمة، وتأتي حسب المقام المحدد، وفي أذان المغرب، يختلف الأذان ويصبح سريعاً، وأذان العشاء لا يوجد تساليم. أما التبليغ، فيبدأ بمقام الرست حتى الركعة الثالثة، لتنتقل بعدها للمقام المعتمد في ذات اليوم. يقول الشيخ بيانون لـ «البيان»، إنه كان للأذان الجماعي في الجامع الأموي الكبير، أهداف دينية واجتماعية، فقد كانت دمشق محاطة بالبساتين خارج أسوار المدينة، وتم اعتماد الأذان الجماعي، حتى يصل صوت الأذان إلى أبعد نقطة ممكنة لسكان هذه الأرياف، في وزمن لم يكن فيه جهاز مكبر الصوت قد تم اختراعه. وأضاف بيانون «أما للتنويع في المقامات على مدار أيام الأسبوع، فكانت لها غاية تقويمية، لمعرفة الدمشقيين الأيام عند سماع الأذان، في وقت لم تكن التقاويم منتشرة».

كان يرفع الأذان في العديد من مساجد دمشق، ومنها مسجد التوبة، إلا أن الأساس في الجامع الأموي الكبير.

يقول بيانون بأنه «كان سابقاً يتم رفع الأذان الجماعي في مئذنة العروس (المئذنة الشمالية)، قبل 4 ساعات من موعد الأذان، يتناوب عليها 3 مجموعات (نوبات) لكل «نوبة» رئيس للمؤذنين، ومن أبرزهم الشيخ توفيق المنجد».

وأشار إلى أن أسماء النوبات الثلاث، هي نوبة الفحام، ونوبة السلطان، ونوبة الشيخ أنيس، ومجموع المؤذنين في هذه النوبات، 135 مؤذناً».