«والشعر بسمة حب عَ شفافَ القدرَ.. والشعر نغمة طير عَ غصون الشجر.. والشعر صورة معلّقـــَة بقبة سمـا.. بخيط الوحي مــــا بين الله والبشر»، نموذج لشعر الزجل، شعر عامي مغنّى عذب في غزله، طريف بألغازه، لاذع بهجائه، شجيّ في مراثيه، ينتشر حالياً في سوريا ولبنان وبشكل كبير. وتعود جذوره إلى القرن الثالث الميلادي في سوريا، وشهد ازدهاراً كبيراً في بلاد الشام منذ مئات السنين، وكان في بعض المدن ما يعرف باسم (القيم)، حيث كان يحتكم اليهم الزجالون في معارضاتهم.

ويقول عضو مجلس إدارة في جمعية شعراء الزجل في سوريا الشاعر ناظم أبو عاصي لـ«البيان»، إن «جذور شعر الزجل تعود إلى القديس مار أفرام السرياني الذي عاش في القرن الثالث الميلادي وهو من وجد الوزن الأفرامي في الزجل أي (القرّادي) وأنشده، وورث عن أستاذه مار يعقوب الوزن اليعقوبي في الزجل أي (المعنّى).

وأضاف أبو عاصي أن «الزجل ازدهر بشكل لافت في بلاد الشام في القرن الأول للهجرة»، لافتاً إلى أنهناك دراسة للباحث والشاعر الفلسطيني د يوسف فخر الدين بـ«عنوان الزجلَ في بلاد الشام»، اكتشف من خلالها عدداً من الحقائق منها دقة التزام الزجالين القدماء بقواعد النظم بالعامية إلى حد التّزمتَ في موضوع الأوزان والقوافي، فضلاً عن اكتشاف كنوز زجلية ثمينة يقف وراءها فحول من الشعراء والمثقفين أمثال ابن النبيه (نزيل الشام) وابن نباته (نزيل حماهَ) وعز الدين الموصلي وابن العجميَ وصلاحَ الدين الصفدي، وعلي بن مقاتل الحموي وعلاء الدين الدمشقي وغيرهم من الذين تنافسوا بالنظم وعارض بعضهم بعضاً، وعجت الشام وحماهَ وحلب بالزجالين منذ القرن الأول للهجرة، فكان في كل مدينة (قَيّم) يرعىَ الزجالين ويحتكموا إليه في معارضاتهم.

أوزان وأنواع

وعن أوزان وأنواع هذا الشعر، يقول أبو عاصي: إن أوزانَ الزجل هي خليليه صرفة، وشعراء سوريا دائماً ومنذ القدم لليوم ملتزمون بها، ومتمسكون بأدق التفاصيل في الوزن والقافية، وأضاف: إن أنواع هذا الشعر كثيرة ومنها: القصيد، المعنى، القرّادي وهو أنواع: (مخمس مردود، محبوك، مرصود، كرج الحجل، قلاب، المجزم) الموشح، موشح مقلوب، ميجنا، عتابا، شروقي، أبو الزلف، الحدا، الندب، البغدادي، والدلعونة.

نماذج

واستعرض أبو عاصي عدداً من الأمثلة على بعض من هذه الأنواع منها الشروقي كقصيدة الشاعر حسان بسطاطيَ، والتي هي على البحر البسيط:

تلملم الصيف ومشي ع نغمة تواشيح

تزرف مسابح شتي من جياب مريولو

مناديـــــــل غيم البرد ما بلشو تلويح

لولا ما عرفو الشجر شو بدن يقولــــو

- قصيد على البحر الوافر حيث يقول الشاعر سمير هلال:

الشعر يـــــا قوة الجذب الخفيــــــــَة

يـــــا حالـــــــــــــَة انعدام الوزن فيي

الشعر هو انشطار بحد ذاتــــــــــــــو

وهوّي السيطـــــــــــــــرة عَ الجاذبية

- قصيد قصير على البحر البسيط ومثاله للشاعر روحي طعمة يقول:

هون كتبوا ناس كتبــــــــــــوا قلوب

شب وصبيــــــــــــة وجهها قمحي

لو بالــــــــــذهب مكتـوب يا مكتوب

بيظل أحلى منـــــــــــــــــــــك الممحيَ