تحظى الفنون والحرف التراثية التقليدية باهتمام بالغ في دولة الإمارات، وتبدو ملامح ذلك في دبي بصيغ خلاقة نجحت في مزج روحيتها بمفردات العصرنة، فأفلحت في تسويق وترويج حضورها وقيمتها ومكانتها.
إن هذه الحرف تمثل قيمة ثقافية وتاريخية ثرية، وتعد كذلك ذاكرة أهل المكان في دبي ودولة الإمارات عموماً، وتسعى العديد من المؤسسات والمراكز لإحياء الفنون والحرف التقليدية الإماراتية.
لا سيما أنها شاهد على تاريخ الدولة العريق وحضارتها، محاولة جاهدة تكريس بروزها وحضورها في يوميات الحياة الاعتيادية، وخلال المناسبات الرسمية والفعاليات، لتبقى حاضرة في أذهان الجيل الجديد والزوار أيضاً، سعياً إلى تعزيز أهميتها المعاصرة وتوثيق علاقتها بالشباب والجيل الجديد.
نجاحات
الباحث في التراث عبدالله بن جاسم المطيري أكد أن هناك نجاحات كثيرة محققة في الصدد، ولكن لا بد من حرص المؤسسات والجهات على تكثيف وتنويع الجهود، للوصول إلى الشباب كما هو مأمول في ظل تحديات ومغريات العصر العديدة الراهنة، ويشيد في الخصوص بمجموعة من المبادرات الفردية والمؤسساتية لتقوية ارتباط الشباب بها.
وينوه المطيري في السياق بحرص أولياء الأمور المهتمين الذين يأخذون أبناءهم إلى الشندغة وإلى نادي تراث الإمارات والمرجانات التراثية في أبوظبي والشارقة وغير ذلك.
ويبذلون جهداً لتعليمهم الحرف التقليدية وتصنيع بعض منها، كالسفن القديمة مثلاً أو الأشرعة، أو تعريفهم بما تحتاجه الناقة، وبأدوات البر وغيرها من التفاصيل التي يحويها تراثنا العريق.
ويشدد المطيري على ضرورة دعم هذه التوجهات والمبادرات وتوسيع أشكالها. ويشيد المطيري بمجموعة من المراكز والجمعيات التي تهتم بالحرف والفنون التقليدية والثقافة المحلية، مثل: مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، وجمعية أحمد بن ماجد، ونادي تراث الإمارات.
مراكز تعليم
بدوره، أوضح المهندس رشاد بوخش، رئيس جمعية التراث العمراني، أن مبادرات وسعي دبي ودولة الإمارات عامة في هذا المجال حققت الكثير من الإنجازات، لافتاً إلى أهمية تنويع وزيادة أشكال المشروعات الخاصة بالترويج للصناعات والحرف التقليدية؛ كي لا يغيب ألق حضور وتأثير الصناعات التقليدية كافة، ولا يتلاشى أي منها.
ويبين أننا ربما نحتاج إلى افتتاح مراكز خاصة بتعليم الحرف على أعلى المستويات.
وقال: «من خلال خبرتي، هناك حرف مدرجة على لائحة الخطر، فعندما كنا نسجل خور دبي في لائحة التراث العالمي، وجدنا أن صناعة السفن التقليدية وخبرة 200 إلى 300 سنة بكل نواحيها وتفاصيلها كحرف النجار والنوخذة وغير ذلك، كلها اختفت تقريباً، الآن يصنعون سفناً صغيرة مختلفة تماماً عن صناعة السفن الكبيرة وسفن الغوص، هذه كلها اندثرت مع الأسف، وكذلك علم الغوص بالكامل كـ:
الطواش ورحلة الغوص بتفاصيلها، غابت مضامينها، إلا في بعض الكتب والمراجع، قد يقال: ما الحاجة لها في وقتنا الحاضر؟! الأهم أنها ماضينا، ويجب ألا تندثر، وأن نحافظ عليها للأجيال المقبلة».
من جهته، يرى عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، أن الحفاظ على الحرف والفنون التقليدية يحدث بشكل ضئيل إلا ما خضع لعمليات التطوير بشكل عام، كالتطور الذي حدث في مجال الحلي التي دخلت في مسألة «الماركات»، قائلاً:
«تطوير الحرف لم يتماش مع موضوع متطلبات العصر الجديد، ومنتجات الحرف التراثية في بعض البلدان كانت لها مواكبة بشكل أكبر، لكن هنا لم يحدث ذلك لم تتم مواكبتها».
وذكر أن هناك تجارب مؤسسية مهمة في مختلف إمارات الدولة، وفي معهد الشارقة التراثي أيضاً لديهم تجربة، لكنه يعتقد أن أنه من تبقى من صنّاع الحرف إما يعملون في السعف أو الصوف أو السدو أو التلي أو غيرها من الحرف البسيطة، مؤكداً أن الموضوع أكبر من هذا التحديد الذي لا يمثل الصورة الحقيقية لعالم الحرف والصناعات التقليدية.
وقال: «نحن في المعهد مهتمون ، وأتينا بخبير من الخارج يعمل مع اليونسكو ومنظمات أخرى، لكننا لا نعرف متى تظهر النتيجة، بالطبع لدينا رؤية للموضوع، لكنه كبير، ولا أريد استباق الأحداث، ولا أدري متى تظهر نتائجه».