طغت موجة إنتاج الأفلام القصيرة على الساحة السينمائية السورية خلال السنوات القليلة الماضية، فظهرت العديد من الأسماء التي دخلت هذا المعترك، في ظل صعوبة التوجه للأفلام الروائية الطويلة، نتيجة ارتفاع تكاليفها في ظل الواقع الاقتصادي العام، وابتعاد القطاع الخاص عن هذه المهمة واقتصارها على المؤسسة العامة للسينما.

وفي هذا السياق رأى المخرج فراس محمد في حديثه لـ«البيان» أن الفيلم القصير خطوة ليتعرف من خلالها المخرج على أدواته وتمكنه منها، معتبراً أن الفيلم القصير في سوريا والوطن العربي ليس في واقع متطور للغاية، بل ما زال في مساحة التجريب.

* كيف تقيّم واقع الفيلم القصير في الوطن العربي عامة، وفي سوريا بشكل خاص؟

لا أتصور أنه واقع متطور للغاية، هو في مساحة للتجريب واختبار الأدوات أكثر، ولكن مع ذلك، في الفترة الأخيرة هناك تجارب عربية قصيرة وصلت لجمهور واسع، ولدينا أول فائز عربي ومصري بالسعفة الذهبية للفيلم القصير في مهرجان كان السينمائي، أقصد فيلم «ستاشر» من إخراج سامح علاء، أيضاً المشاركات العربية الجيدة في مهرجان «كليرمون فيران» في فرنسا المختص بالسينما القصيرة، وتجارب عربية قصيرة أخرى ترشحت للأوسكار، هذا يوضح أن انتشار الفيلم القصير جيد طالما تحصل على توزيع محترم.

المهرجانات

* لماذا لا يقبل الجمهور بشكل عام على هذه النوعية من الأفلام، والتي غالباً ما يتركز عرضها في المهرجانات المتخصصة؟

هي سينما مهرجانات، نادرة هي العروض التجارية للسينما القصيرة بحكم طبيعتها وخصوصيتها، جرت العادة سابقاً في العروض التجارية للأفلام الروائية الطويلة أن يعرض قبلها فيلم قصير، تقبل الجمهور لها مرتبط بتماسه معها، وبالتالي تماسه مع المهرجانات السينمائية عامة، فحتى المهرجانات الكبيرة لديها مساحة للمنافسة ضمن الفئة القصيرة.

* في ضوء تجربتك الأولى في الأفلام الروائية الطويلة «عتمة مؤقتة»، هل الفيلم القصير مقدمة ضرورية للمخرج السينمائي؛ تمهيداً لولوج عالم الأفلام الطويلة؟

هي خطوة لابد منها لكنها ليست ضرورة، خطوة جيدة ليتعرف من خلالها المخرج على أدواته وتمكنه منها ضمن إطار إنتاجي محدود، الخسارة الإنتاجية ليست كبيرة في حال فشل التجربة، وليكسر من خلالها المخرج رهبة الوقوف خلف المونيتور، ولكن بالعموم الفيلم القصير فن قائم ومستقل، ويتطلب مهاراته الخاصة، سواء على صعيد الكتابة، أم الإخراج، هو ليس مجرد مرحلة يجب العبور فيها نحو الفيلم الروائي الطويل، في «عتمة مؤقتة» لا شك أن تجاربي في السينما القصيرة منحتني خبرة لا يستهان بها، وخصوصاً على الصعيد التقني وإدارة الممثل والسيطرة على موقع التصوير، هذه العوامل تم توظيفها بشكل أو بآخر خلال مرحلة إنتاج «عتمة مؤقتة».

الجوائز

* فزت بجائزة التانيت الذهبي بمهرجان قرطاج، كيف تقيّم دور مثل هذه المهرجانات في تعزيز التواصل بين المشتغلين بالفن السابع؟

الجائزة ليست هدفاً بقدر وصول الفيلم لأكبر عدد ممكن من المشاهدين، تأتي الجائزة اعترافاً بجودة الفيلم، أو اعترافاً بقيمته، ولكن بالوقت نفسه تأتي الجائزة لتوضح ضرورة نقاش الفيلم والتعريف فيه أكثر، وهذا سيساهم أيضاً بانتشاره بين المشاهدين وصالات العرض؛ ومن هنا تأتي أهمية المهرجانات العريقة لتشير بإصبعها تجاه الأفلام التي تستحق المشاهدة والبحث، سواء بالترشيح أم منح الجوائز.

* كيف تنظر إلى واقع السينما الإماراتية حالياً؟

شكلت المهرجانات والأحداث السينمائية التي انطلقت في الإمارات منصات مهمة في إثراء التجارب السينمائية الإماراتية، وهناك الكثير من الفعاليات التي تدعم السينمائيين الإماراتيين في جهودهم لصنع سينما احترافية.

يذكر أن في رصيد فراس محمد العديد من الأفلام القصيرة والوثائقية: «تأويل»، «الحرامي»، «الدائرة السحرية»، و«خردة»، «سبعة أيام»، و«الناس إللي فوق»؛ الحائز على جائزة «التانيت الذهبي» في مهرجان قرطاج السينمائي 2022، وجديده الفيلم الروائي الطويل وهو الأول له «عتمة مؤقتة».