أعمال متنوعة للفنانتين سارة الحداد وإلهام شفاعی في معرض «خيوط الوجود» بغاليري عائشة العبار في دبي، تبحثان من خلالها بعمق في صميم مواضيع الفقد والانتماء من خلال تعابير إبداعية مميزة، ويستمر المعرض لغاية 25 أبريل.

يضم المعرض أعمالاً تبدعها سارة الحداد بكل مهارة ودقة من الألياف والخيوط، ولا تقف تلك القطع لتملأ ساحة العرض فحسب، بل تجسد كذلك حالة مرور الوقت، لتهمس كل قطعة، سواء كانت معلقة أو ملفوفة أو مصفوفة، بقصص تكشف عن مشاعر سارة الداخلية. كما تشرع الفنانة إلهام الشافعي من خلال أعمالها في المعرض في خوض أبحاث فنية متعددة، حيث تمزج الرسم مع الخياطة لاستكشاف جوهر الإنسان، فهي ترى أن الفقد هو لحن عالمي يتردد صداه منذ لحظة الولادة، وتتعمق من خلال أعمالها في رغبة الإنسان في التواصل، لتنسج حكايات يملؤها الشجن، وتحيك سرديات عن نسيج الحياة المعقدة.

رحلة غنية

«البيان» التقت الفنانة إلهام شفاعی للحديث عن تجربتها في الجمع ما بين الرسم والخياطة وقالت: يعد الجمع بين الرسم والخياطة بمثابة رحلة غنية جداً بالنسبة لي، حيث يوفر وسيلة فريدة للتعبير مما يؤدي إلى دمج وسيلتين متميزتين بسلاسة. يعمل الرسم كأساس لتوجيه العناصر المُخيطة. أرسم مباشرة على القماش، وأرسم الأشكال والتفاصيل باستخدام أقلام الرصاص. وبالانتقال إلى الخياطة أبعث الحياة في رؤيتي باستخدام الإبرة والخيط، وأترجم الخطوط المرسومة إلى أنسجة مخيطة. ويتفاعل الرسم والخياطة بشكل ديناميكي، ويلهم كل منهما الآخر. أجد متعة في دقة الخياطة وعفوية الرسم. والنتيجة هي أعمال فنية متناغمة، ذات طبقات معقدة وآسرة.

مهارات تقنية

وتابعت: ما يميز أعمالي هو التركيز، حيث أركز على شكل التعبير وكيفية تفسير الموضوع. وأقوم بإنشاء قطع تمزج بين الرسم والخياطة، ودمج الأنسجة الملموسة مع العناصر المرئية ليجسد كل عمل فني تفاعلاً ديناميكياً، مما يؤدي إلى تركيبات ذات طبقات معقدة تأسر خيال المشاهد وتثير إحساساً بالدهشة كما أني أسعى إلى إضفاء طابع جمالي وسرد فريد على أعمالي، مع التأكد من أن كل عمل يحكي قصته الجذابة. في النهاية، هذا المزيج من المهارات التقنية والاستكشاف الإبداعي وسرد القصص هو ما يميز عملي ويجعله مميزاً حقاً.

سقف زمني

بدورها، قالت الفنانة سارة الحداد: تجسد أعمالي في المعرض رؤيتي للعمل الفني بأنه ليس عملاً مادياً إنما عمل شعوري وجداني كما تروي الأعمال مشاعر وأفكاراً ومواقف مختلفة مررت بها في حياتي، وحيث إن المشاعر والأحاسيس تبدأ مع حدث أو موقف لكنها لا تنتهي عند حد إنما تتطور وتتغير وتنمو، كذلك أعمالي لها نقطة بداية وليس لها سقف زمني يحدد لها نقطة النهاية كما هي المشاعر لا تنتهي. وهذا هو الطابع الخاص بأغلب الأعمال إن لم يكن كل أعمالي، ولأن لكل مرحلة عمرية تجاربها الخاصة وتقلبات المشاعر والأحاسيس مستمرة انعكس ذلك على حياتي الفنية وشكلت أهم تأثير على طبيعة الفن الذي يستهويني، فكانت كل قطعة مزيجاً من المشاعر الخاصة بمرحلة ما أو موقف ما.

تواجه سارة وإلهام معاً جوهر الوجود الإنساني والتوق للتواصل وسط رحلة الفقد بحلوها ومرها، ضمن أعمالٍ تم فيها استخدام مختلف المواد والوسائط، من خيوط وألياف وألوان. وتدعو الفنانتان الجمهور للتأمل بعمق في مفاهيم الهوية والسعي الدائم للانتماء، وخوض رحلة تعانق تقلبات الزمن، وتحتفي بالبحث الأبدي عن مكاننا في نسيج العالم الثري.