في عالم الفن التشكيلي تميزت الفنانة الإماراتية غالية المنصوري بابتكار أسلوب فني فريد، يمزج بين التراث والإبداع.

ومن خلال استخدام القهوة والتوابل الشعبية الإماراتية في التلوين والرسم نجحت في إضفاء لمسة محلية أصيلة على أعمالها الفنية المتنوعة، ويشكل هذا الأسلوب الفني جزءاً من مسيرتها المليئة بالشغف والتفاني، حيث تسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية، ونشر الوعي الثقافي والفني بين أفراد المجتمع. في هذا الحوار نستعرض رحلتها الفنية والتحديات التي واجهتها، بالإضافة إلى تطلعاتها المستقبلية.

تعليم الفنون

«البيان» التقت الفنانة التشكيلية غالية المنصوري، مؤسسة استوديو «كناز» للفنون، وهو الاستوديو المتنقل الأول من نوعه في الإمارات العربية المتحدة، تحدثت عن نفسها، وعن خلفيتها الدراسية، وكيف بدأت رحلتها في عالم الفن التشكيلي، حيث كانت منذ طفولتها مولعة بالفنون الجميلة، وشاركت في العديد من المسابقات الفنية والإبداعية، التي نظمتها وزارة التعليم.

بعد إكمالها لدرجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة زايد في أبوظبي تطور شغفها بالتعليم، وعملت في إحدى الجهات الحكومية التعليمية والثقافية لمدة عشر سنوات، حيث اكتسبت الكثير من الخبرة في تطوير البرامج الثقافية والفنية وتعليم الفنون للمجتمع بمختلف فئاته العمرية.

خلال هذه الفترة جاءت لها فكرة إنشاء استوديو «كناز» للفنون، المتنقل الأول من نوعه، ثم قررت الانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة دراسة الماجستير في مدرسة معهد الفنون في شيكاغو، بهدف الحصول على الدراسة اللازمة في مجال تعليم الفنون. كانت هذه الخطوة ضرورية لتحقيق هدفها في إنشاء استوديو «كناز»، وتحقيق تأثير إيجابي على المجتمع.

برامج تعليمية

وفيما يتعلق بالإلهام لإنشاء عربة متنقلة لتقديم ورش فنية أشارت غالية المنصوري إلى أنها طورت العديد من البرامج التعليمية والتوعوية في مجال الفنون الجميلة والحرف التقليدية الإماراتية، خلال السنوات السابقة. وأكدت أنها خلال زياراتها للعديد من المناطق في الدولة لاحظت أهمية العربة المتنقلة كمبادرة فنية، تصل إلى جميع المناطق و أفراد المجتمع.

أما عن اختيار فكرة استخدام القهوة والتوابل الشعبية الإماراتية في التلوين والرسم فأوضحت غالية أن برامج «كناز» الفنية والتوعوية والثقافية تتضمن الكثير من الورش الفنية المستلهمة من تراث الإمارات لتعزيز الهوية الوطنية وتطوير المهارات الفنية والإبداعية.

ورشة الرسم والتلوين بالقهوة والتوابل الشعبية هي من ضمن هذه الورشات، حيث يستطيع المشاركون من جميع الفئات العمرية معرفة ماضي وأصالة وفوائد التوابل الشعبية، وإعادة تدويرها لخلق أعمال فنية نابضة بالحياة، وأكدت أن هذه التقنية تشبه كثيراً تقنية التلوين بالألوان المائية.

عربة متنقلة

وفيما يتعلق بالتحديات التي واجهتها في تأسيس وتشغيل العربة المتنقلة ذكرت غالية أنها واجهت العديد من التحديات، أولها كان ضرورة سفرها لدراسة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية، مما أدى إلى ترك عائلتها وطفلتها ووظيفتها. وبعد الحصول على الماجستير في تعليم الفنون عملت بسرعة على تطبيق الفكرة وإنشاء الاستوديو وتشغيله وتمويله بشكل شخصي.

وأضافت أن فكرة استوديو الفنون المتنقلة كانت جديدة في المنطقة، وتطلب الأمر استخراج الرخص التجارية اللازمة والتواصل مع الجهات المختصة. ومع جهد كبير ومثابرة تمكنت أخيراً من تحقيق حلمها وإطلاق «كناز» بنجاح، وأكدت أن رحلة التحديات كانت صعبة، ولكن النجاح الذي حققته جعلها فخورة بنفسها وبالعمل الذي قامت به.

التراث الثقافي

تحدثت غالية أيضاً عن كيفية تعزيز الوعي الثقافي والفني لدى المشاركين في ورشها، مشيرة إلى أن استوديو «كناز» للفنون يحرص بشدة على الحفاظ على التراث الثقافي والحرف التقليدية وتعزيزها وتقديرها داخل المجتمع.

وأضافت أن الاستوديو يؤمن بأهمية القوة التعليمية والتمكينية، ويسعى لتوفير الموارد والفرص للأفراد للمشاركة في الفن المعاصر واستكشافه، وتمكينهم من التعبير عن أنفسهم بشكل إبداعي. بالإضافة إلى ذلك ينظم استوديو «كناز» برامج تطوعية للطلاب، بهدف تطوير مهاراتهم الإبداعية، وتزويدهم بالخبرات والفرص للتواصل مع الجمهور، مما يؤهلهم لبيئة العمل المستقبلية.

قصص وتجارب

وعن بعض القصص أو التجارب المميزة التي واجهتها خلال تقديم ورشها الفنية ذكرت غالية إحدى المحطات الفنية الخاصة بالشباب من الفئة العمرية بين 11 و17 عاماً، حيث نظم استوديو «كناز» ورشة عمل لصناعة صناديق المندوس.

في بداية الورشة بدأ المشاركون بفهم أهمية صندوق المندوس في تراث الإمارات. ومع تقديم التصاميم الهندسية لهم لتصميم صناديقهم الخاصة لم يكن لديهم الكثير من الاهتمام في التعبير عن آرائهم، وتجميع أفكارهم في مرحلة التصميم.

لذلك عمل فريق الاستوديو على تشجيعهم لوضع بصمتهم الخاصة والتفكير الإبداعي في اختيار الألوان والأشكال، التي تحكي قصصاً مختلفة. وبعد إنجاز المندوس بوقت وجهد كبيرين طلب المشاركون أخذ صناديقهم إلى المنزل، ما أظهر تقديرهم الكبير للعمل والجهد المبذولين وتعلمهم مهارات ومعارف جديدة من خلال هذه الورشة.

خطط مستقبلية

فيما يخص خططها المستقبلية لتعزيز وتطوير مشروعها الفني أكدت غالية أنها تسعى إلى إنشاء شبكة من الاستوديوهات الفنية المتنقلة، التي تتجول في مختلف المناطق والمدن في دولة الإمارات، وتقدم برامج توعوية وفنية وتعليمية، كما تهدف إلى تنظيم معارض ومسابقات لتعزيز المشاركة النشطة في المشهد الفني المعاصر والتقاليد الإماراتية، بهدف تعزيز الوعي بالفن والثقافة المحلية، والوصول بها إلى المستوى العالمي والاعتزاز بها.