ثمثل الثقافة والفنون مقياس التطور الحضاري والإبداعي للدول. ولا شك ان دولة الإمارات تعد في هذا السياق، من بين أبرز الدول مكانة وتقدماً، وذلك في ظل ما تشهده من حراك ثقافي إبداعي نوعي، ضمن شتى حقول الإبداع.. ومن بينها المسرح، بوجه خاص.

ومن بين تجليات وألوان تجسد هذا التميز الثقافي المسرحي للإمارات، واقع التطور النوعي في نشاطات الفرق المسرحية ومشاركاتها المؤثرة والمتميزة في المهرجانات العربية، إذ إنها تحصد العديد من الجوائز والتكريمات. وكان من بين آخر هذه النجاحات مؤخراً، الحضور اللافت للمسرح الإماراتي في الدورة الـ31 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، حيث حقق مسرحيو الإمارات كبير النجاحات.

ومن يتابع تطور المسرح الإماراتي يدرك أن هذا الفن لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل بني على جهود مواهب شعبية ساهمت في تأسيس تاريخ مسرحي فريد، ليصبح المسرح واحداً من الفنون الرائدة في دولة الإمارات، خاصة في ظل دعم وتحفيز قادة الدولة للثقافة عموماً، كما يبرز في الصدد الدعم الكبير لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، للمسرح والمسرحيين، في الإمارات والعالم العربي. وأيضاً ترفد وتثري سياقات الحراك المسرحي والإبداعي النشط في الدولة، المبادرات المتنوعة لكافة المؤسسات، الرسمية والمجتمعية المتخصصة.

تميز

وأكد الناقد المسرحي محمد الروبي أن النهضة المسرحية في الإمارات انطلقت في سبعينيات القرن الماضي، حيث شهدت تلك الفترة حراكاً نوعياً من خلال تكوين فرق مسرحية بأسس أكاديمية، لافتاً إلى أن الدولة قدمت الدعم اللازم لتلك الفرق، مما ساعدها على تأسيس مستقبل فني واعد للإمارات.

وأضاف: إن فرق المسرح التي نشأت في السبعينيات أسهمت في خلق جيل قوي من الفنانين، وإنتاج حالة مسرحية متميزة حتى يومنا هذا. ولم يقتصر هذا الحراك على الرجال فقط، بل بدأت المرأة دخول عالم المسرح، مما ساهم في تعزيز الحركة المسرحية. وأشار إلى أن هناك تطورات كبيرة على مستوى الكوادر الشابة في المسرح الإماراتي، بفضل دعم الدولة للخطط الاستراتيجية الهادفة إلى تطوير هذا الفن.

تبادل خبرات

بدوره، لفت الناقد المسرحي محمد عبدالرحمن إلى أن المسرح الإماراتي تأثر بعدة مدارس مسرحية، ومع تبادل الخبرات بين الدول، تمكنت الإمارات من تحقيق تقدم ملحوظ في مجال الإخراج المسرحي والتعليم الأكاديمي، مضيفاً: أسهم هذا التقدم في انطلاقة كبيرة للمسرح الإماراتي، حيث قُدمت عروض مسرحية إماراتية في دول عدة مثل مصر والمغرب والكويت، مما عزز انتشارها دولياً.

وأضاف: شهدت وتشهد الإمارات اهتماماً متزايداً بالجوانب الثقافية والفنية، ما أدى إلى تأسيس هيئات ومهرجانات متعددة تعزز دور ومكانة المسرح، في الإمارات وعلى المستوى العربي، ومن بينها: الهيئة العربية للمسرح، التي كانت بمثابة منبع ودعم كبير للمسرح الإماراتي في جميع أنحاء الدولة.

وتابع : إن اهتمام الإمارات ورعايتها للمسرح أتاح لشباب الفنانين الإماراتيين إنتاج مسرحيات متكاملة تنافس على مستوى عالمي، مما أهلها لحصد العديد من الجوائز.

من أبرز تلك الأعمال مسرحية «السلوقي»، التي حصلت على 3 جوائز في مهرجان المسرح الخليجي، وكذلك مسرحية «الكنز المجهول»، التي نالت المركز الأول في مهرجان المغرب للمسرح عام 2019. كما شاركت الأعمال الإماراتية في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي، حيث فازت مسرحية «صدأ» بجائزة أفضل عمل مسرحي.

ولم يتوقف هذا التميز عند حدود محلية أو خليجية، حيث تألقت الإمارات في الدورة الـ31 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، الذي شهد تكريم الكاتب إسماعيل عبدالله بلقب «شخصية العام المسرحية» لعام 2024 تقديراً لإسهاماته في المسرح العربي، وتكريم الشاعر محمد سعيد الظنحاني لدوره في تأسيس مهرجان الفجيرة للمونودراما. وقد تميزت أيضاً العروض المسرحية الإماراتية في المهرجان، مما يعكس التطور الكبير الذي يشهده المسرح الإماراتي.