أكد النحات العالمي هيليدون جيجا، أن دبي تتميز بطرازها المعماري المذهل وعالمي المستوى. وقال في حوار مع «البيان»: «إن المشهد الفني النابض بالحياة في هذه المدينة يتطور بسرعة الضوء، ويسعدني أن أكون جزءاً منه». جيجا فنّان ألباني المولد، إيطالي بالتبنّي، حصد شهرة وتقديراً عالميين، من خلال أعماله الفنية الضخمة وتقنياته المبتكرة، يعرض أعماله في «جاليري فيريتّي للفن المعاصر» في السركال أفينيو لغاية 22 مايو المقبل، تحت عنوان «إمبرنت» ليدعم من خلال إحداها جهود التوعية بظاهرة الاحتباس الحراري وذوبان الأنهار الجليدية القطبية، مستخدماً مادة الفولاذ، ومن هنا كانت بداية الحوار مع جيجا.

حوار مع الطبيعة

لماذا وقع اختيارك على مادة الفولاذ لصنع الأعمال الفنية، وكيف تتعامل معها؟

يعتمد أسلوبي الخاص على التلاعب بصفائح الفولاذ المقاوم للصدأ العاكسة للضوء، وهي مادة أصبحت تجسّد عنصراً أساسياً في تعبيري الفني. ومن خلالها تنتقل المادة من حالة الخط المستمر غير المنكسر لتصبح ملتوية ومعقدة ومفككة لتقدم بذلك صورة بصرية عن التأثير المتبادل للمعدن والضوء وتطرح في ذات الوقت مفهوماً فلسفياً جاداً.

وتعكس المنحوتات الفولاذية المصقولة لدرجة اللمعان أدنى حركات الأشياء والأشخاص وكل التغيرات الجوية من ضوء الشمس إلى مرور السحب وهطول المطر وصولاً لظلمة الليل والضوء الصناعي المنعكس. وجاء اختيار الفولاذ المقاوم للصدأ نزولاً عند الحاجة إلى خلق حوار بين الفن والطبيعة، الأمر الذي يمنح المشاهد تجربة بصرية ومادية فريدة بواسطة لغة متغيرة باستمرار تنسجم مع البيئة المحيطة.



حرية الفن

يعتبر عمل «آيسبيرج» من بين الأعمال الفنية التي تدعم جهود التوعية بظاهرة الاحتباس الحراري، فما هي أهمية الدور الذي يلعبه الفن بشأن الاستدامة بجانب رسالته الإبداعية؟

تعزا مخاوفي حيال ظاهرة الاحتباس الحراري في المقام الأول لكوني أباً، ومستقبل هذا الكوكب يجسّد واحداً من أبرز مخاوفي. ويعتبر «آيسبيرج» مشروعاً أطلقته عام 2015 بمناسبة بينالي البندقية 56. وكنت أرغب بالتأثير في الجمهور بواسطة فكرة الذوبان، وتوجيه دعوة للجميع لتخيّل كيف يمكن أن تصبح البندقية مغمورة بالمياه بسرعة كبيرة بسبب فيضان كارثي. وساهم التأثير الذي تركه مشهد طواف الجبل الجليدي عبر القناة الكبرى بتحفيز الأفكار التي تصوّر عالماً يبتعد عن مرساه. ونظراً لما يتمتع به الفن من قدرة على إلهام الجمهور، كونه يمثل وسيلة بالغة الأهمية لبدء التغيير وتسليط الضوء على المشكلات الحالية التي تواجه مجتمعنا.

 

ما مراحل إنشاء العمل النحتي؟

أقوم دائماً برسم سلسلة من الرسوم الأولية أثناء استكشاف المفاهيم التي أعمل عليها. وأركز بشكل كبير على العلاقة بين تأثيرات الضوء على أعمالي. وعندما أبدأ بتشكيل التمثال ليأخذ شكله النهائي كما أراه في مخيلتي، أحرص على أن تكون الأضواء المنعكسة عنه موضوعة بطريقة صحيحة. وأستخدم الفولاذ كوسط خاص بي لأنه مادة ترفض الجمود ويستعرض الشكل إلى حدود اللانهاية، الأمر الذي يمنح العمل الفني بعداً رابعاً يصعب الوصول إليه باستخدام المواد التقليدية.

 

ما الوقت المقدر لإنجاز أعمالك العملاقة؟

استغرق إنجاز «آيسبيرج» نحو 6 أشهر من العمل.

 

من النحات المفضل بالنسبة لك، ولماذا؟

لطالما ألهمتني أعمال هنري مور الذي كان قادراً على تصوير الماضي والحاضر في أعماله، وتظهر أعماله الفنية التباين بين العناصر الصلبة للمنحوتة مع المساحة. ومن بين الفنانين العظماء الآخرين الذين أقدرهم يبرز جاكسون بولوك الذي وضع مفهوم الفضاء اللانهائي.