(حبا وكرامة) عبارة لطيفة جميلة, نقولها للضيف مرحبين, قاصدين, غالبا, أنه سيجد منا محبة وودا وإكراما وجودا. كذلك نقولها جوابا لمن يطلب إلينا شيئا, قاصدين أننا سنلبي طلبه بحب وإكرام, وعن رضا وطيب خاطر . وهذه الدلالة الطيبة الواضحة لعبارة (حبا وكرامة) هي التي كفلت لها الجريان على الألسنة, وألبستها ثوبا متجددا لا تبليه الأيام. لكن الطريف أن أصل هذه العبارة, أو المعنى التي كان العرب يقصدونه بها, لا يمت بصلة الى ما ذكرنا من معاني المحبة والكرم إلا من باب الكناية. ويعود ذلك الى أن كلمتي (حبا وكرامة) اللتين تتألف منهما العبارة, قد استعملا فيها أصلا بمعنيين خاصين شبه مجهولين في زماننا. وتفصيل ذلك, أن من معاني كلمة (حرب) في اللغة (الجرة الكبيرة) التي يحفظ فيها أهل البادية الماء, وهو أغلى ما يعتزون به ويحرصون عليه, لندرته في الصحراء. أما كلمة (كرامة) فمن معانيها (غطاء الجرة) . أما المعنى العام الذي كان أهل البادية يقصدونه بقولهم: (حبا وكرامة) , فهو: لك الجرة بما فيها من ماء وما عليها من غطاء, فاشرب منها حتى ترتوي. وهكذا تكون عبارة (حبا وكرامة) , وإن كان معناها اللغوي الحرفي: الجرة وغطاءها, كناية لطيفة عن الترحيب والمحبة والكرم الغامر. ولكن ـ من حسن الحظ ـ صادف ذلك أن كلمتي (الحب والكرامة) تعنيان كذلك المودة والجودة, وهما المعنيان اللذان غلبا, مع مرور الأيام, وانفردا بدلالة العبارة اللطيفة الجميلة (حبا وكرامة) , وهي الدلالة التي لايرى اللغويون بأسا من قبولها في عصرنا.